عادت بنا مؤسسة 8 ماي 1945، إلى أمجاد المرأة الجزائرية المكافحة إبان الاستعمار الفرنسي، عندما رفضت فتيات الجزائر الخضوع للاستعمار، والتحقن بالثورة وجيش التحرير، وهن لايزلن صبايا يافعات ومتمدرسات... قد بلغ ذكاء وحنكة بعضهن إلى اعتلاء مناصب رفيعة في الجيش وقيادة فيالق من المجاهدين، أمثال مريم بوعتورة، الشهيدة العذراء وأسطورة الأوراس، التي حطمت كبرياء فرنسا ليحرمها المستعمر من قبر يبكيها فيه أهلها، لكن الذاكرة حمت بطولات هذه الشهيدة واحتفظت للأجيال بصورة بطولية لها، لن تمحوها السنون مهما طالت. كرمت مؤسسة ال8ماي 1945 عددا من المجاهدات، اللواتي عملن في الولايتين الثانية والرابعة التاريخيتين، وذلك في حفل أقيم، أمس، بالمركز الثقافي عز الدين مجوبي ببلدية سيدي امحمد، وتم التكريم عقب الملتقى الوطني حول كفاح المرأة في جيش التحرير والمنظم في إطار الذكرى 25 لعيد النصر.. وركز المتدخلون في الندوة على كفاح المرأة الجزائرية في جميع الميادين واعتلائها لكل المناصب والمهام حتى بلغت أعلى المراتب العسكرية، على غرار الشهيدة مريم بوعتورة التي دوخت المستعمر الفرنسي لدرجة أن جنرالاتها رفضوا إسعافها عند إصابتها في كمين بل أمروا بالقضاء عليها في مكان إصابتها.. وأشار رئيس الجمعية، السيد عبد الحميد سلاقجي، إلى المغزى من استذكار الشهيدة الرمز، مريم بوعتورة، في ذكرى عيد النصر، والذي أرادت من خلاله الجمعية التركيز على جهاد المرأة، نضالها واستشهادها ومنه انتصارها الذي يعد بمثابة انتصار للشعب كله، والمرأة التي سجلت اسمها بأحرف من ذهب في سجل التاريخ الذي سيظل يحفظ للمرأة الجزائرية دورها البطولي في تحرير وطنها ولعل أسماء الشهيدات والمجاهدات قد بلغت العالمية وأضحت مثالا يتقدى به ومحورا يدرس بالعديد من دول العالم. من جانبه، لم يكتف المجاهد لمين خان بسرد بطولات الشهيدة مريم بوعتورة، التي عملت في أصعب مراحل الجهاد وسعت إلى بعث الحماسة في نفوس الثوار خلال فترة ضعف الثورة.. وأمثالها كثيرات كنفيسة حمود الطبيبة الجزائرية الوحيدة، التي التحقت بالثورة، وزبيدة ولد قابلية وحتى ريموند بيشو، الممرضة الفرنسية، التي رفعت من عزيمة الثوار والمجاهدين، قبل أن يأسرها الجيش الفرنسي ويقتلها حتى تكون عبرة لنظيراتها الفرنسيات اللواتي عبرن عن تضامنهن مع الثورة. للعلم، التحقت مريم بوعتورة بالثورة على مستوى الولاية الثانية سنة 1956، وشاركت في عدة عمليات فدائية أثبتت من خلالها شجاعة نادرة، وكان آخر هذه العمليات الفدائية تلك التي نفذتها إلى جانب زميلها الشهيد الحملاوي ضد المؤسسات والمنشآت العسكرية ومراكز الشرطة وقتل الخونة و«الحركة" وبعد الوشاية بهما تم اكتشافهما لذا لجأ الاثنان إلى أحد المنازل فتمت محاصرته من طرف الجيش الفرنسي الذي فجره بالديناميت لتسقط المجاهدة مريم بوعتورة شهيدة الوطن في 08 جوان 1960. وتدرجت الشهيدة بوعتورة في مهامها من موزعة للمناشير إلى ممرضة ثم فدائية ومسؤولة عسكرية، حيث كانت أول ضابطة في جيش التحرير وكانت الشهيدة تتقدم أفواج الكمندوس .. وعندما شعرت بأن نظام جيش التحرير بدأ يضعف في جهة الشرق، تقدمت بطلب إلى مسؤولها لتحويلها إلى منطقة قسنطينة، وهناك كانت على رأس كل العمليات الفدائية، واعتبرها المستعمر من أخطر "الإرهابيين" وتصدرت قائمة المطلوبين، وعندما سقطت في ساحة الفداء تشفى فيها القادة الفرنسيون ورفضوا إسعافها، بل أمروا أن تترك تنزف حتى الموت فكانت لها الشهادة والحرية.