وجد الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، نفسه في قلب دوامة فضحية سياسية ستكون لها تبعات في أعلى هرم السلطة الفرنسية وداخل حزب التجمع من أجل الحركة الشعبية الذي ينتمي إليه. وتتابع الطبقة السياسية الفرنسية أطوار هذه الفضيحة بكثير من الترقب بالنظر إلى انعكاساتها السلبية على المشهد السياسي الفرنسي على خلفية نشر صحف ومواقع إلكترونية تسجيلات لعمليات تنصت تمت على مكالمات الرئيس الفرنسي السابق وأكدت تورطه في استغلال النفوذ. وشكلت مقاطع لتسجيلات تمت على مكالمات تمت بين الرئيس ساركوزي ومحاميه تيري هرتزوغ حديث الساعة في باريس إلى درجة جعلت الناطقة باسم الحكومة نجاة فالود بلقاسم تؤكد أن التهم الموجهة للرئيس السابق خطيرة جدا وأن الشكوك التي تحوم حوله بخصوص استغلال النفوذ تستدعي فسح الطريق أمام كشف كل الحقيقة" حول هذه الفضيحة. وكشفت المقاطع التي تم تسريبها العبارات الفاضحة والمهينة التي أدلى بها المحامي هرتزوغ الذي وصف قضاة مقاطعة بوردو في جنوب غرب فرنسا ب«اللقطاء" بسبب توريطه للرئيس ساركوزي في قضية استغلال ضعف المليارديرة ليليان بيتونكور وحصوله على اموال طائلة منها لتمويل حملته الانتخابية لرئاسيات سنة 2007. وشكلت التسريبات الموضوع الافتتاحي في كل الصحف الفرنسية التي اعتبرتها بمثابة قنبلة في أعلى هرم السلطة الفرنسية. وكتبت صحيفة "لوموند" في عددها لنهار أمس ان مضمون عمليات التنصت تورط ساركوزي الذي تم استغل قاضيا ساميا في محكمة النقض لاطلاعه على تطورات قضيته في وقت كتبت فيه صحيفة "ليبراسيون" اليسارية أن عمليات التنصت أكدت على توفر كل عناصر "فضيحة دولة" لا يمكن لليمين الفرنسي نفيها أو التستر عليها. وانه إذا كان هناك شك باق فإن التسريبات الأخيرة وضعت حدا لكل الشكوك التي كانت تحوم حول الرئيس السابق. ولكن جناح معسكر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وصف التسريبات بأنها تلفيق محكم الإخراج لمنعه من العودة إلى واجهة المشهد السياسي الفرنسي وخاصة وأن هذا الأخير لم يخف رغبته الملحة في خوض الانتخابات الرئاسية لسنة 2017. وانفجرت الفضيحة بعد التنصت على سبع مكالمات على الخط الثابت الثاني للرئيس نيكولا ساركوزي الذي فتحه بهوية مزورة باسم بول بيسموث خلال الفترة الممتدة ما بين يومي 28 جانفي و11 فبراير الماضي تناولت جميعها حديثا حول الحكم الذي كان ينتظر أن تصدره محكمة النقض الفرنسية وهي أعلى هيئة قضائية في فرنسا بخصوص مفكرات الرئيس المحجوزة مؤخرا في إطار تحقيق انتفاء حق الدعوى ضده في قضية بيتنكورد. ولكن الفضيحة أخذت بعدا آخر بعد أن اشتبه القضاة المحققون في الاتهامات الموجهة للرئيس السابق بالحصول على أموال ضخمة من العقيد الليبي السابق معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية سنة 2007. وأكدت مصادر فرنسية أن التنصت على الرئيس السابق لمعرفة حقيقة هذه التمويلات سمحت بالتاكد أن الرئيس يملك خطا هاتفيا ثانيا بهوية مزورة بنية الإفلات من مراقبة القضاة والتحدث بكل حرية مع محاميه. وفضحت إحدى عمليات التنصت أن الرئيس جند القاضي جيلبير أزيبير في محكمة الاستئناف لتزويده بكل المعلومات حول توجهات التحقيق في كواليس محكمة النقض بخصوص قضية المليارديرة بيتنكورد. واكد المحققون ان المحامي هرتزوغ طمأن في اتصال خاص مع الرئيس ساركوزي بتاريخ 29 جانفي الماضي على خط هاتفه الثابت الثاني وزوده بمعلومات ثمينة ابلغه بها القاضي ازيبير والذي أكد له احتمال إلغاء محكمة النقض قرار حجز مفكرات الرئيس. ولكن إضافة ملاحظة إلا في "حال انتصر فيها القانون" شكلت القنبلة التي فجرتها الصحف الفرنسية واعتبرتها بمثابة دليل إثبات على محاولة ساركوزي الإفلات من ملاحقة العدالة له وجعلها تؤكد انه "اعتراف مذهل ومفاجئ". وحسب بعض التسريبات فإن القاضي "الواشي" يكون قد اطلع خلسة وبإيعاز من الرئيس ساركوزي على تقرير سري أعده مقرر محكمة النقض وقدمه لنظرائه في المحكمة والتي أكد فيها الغاء قرار حجز مفكرات الرئيس. فهل تعني كل هذه التسريبات أن المستقبل السياسي لساركوزي الساعي الى العودة الى الاليزي انتقاما من الاشتراكيين قد انتهى وفتح له بدلا من ذلك أبواب المحاكم.