يجد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي نفسه أمام ازمة جديدة، بعدما انكشف اليوم أنه خضع للتنصت، بسبب أموال ليبية تلقاها في 2007، لتمويل حملته الانتخابية. لوانا خوري من بيروت: في 19 نيسان (أبريل) الماضي، فتحت السلطات القضائية الفرنسية تحقيقًا في قضايا فساد، تناولت أساسًا مزاعم عن تقديم العقيد الليبي المقتول معمّر القذافي مالًا إلى ساركوزي، ليصرفها على حملته الانتخابية. حينها، ومن دون تردد، اتخذ القاضيان سيرج تورنير ورينيه غرومان قرارًا سريًا وحازمًا بإخضاع اتصالات ساركوزي، واثنين من وزراء داخليته السابقين كلود جيان وبريس هورتفو، للتنصت. ففي كانون الأول (ديسمبر)، تسرّب محتوى بعض المكالمات الهاتفية بين هورتفو وكريستيان فلايش، القائد السابق للشرطة القضائية في باريس، ما أثار قلق ساركوزي، فامتنع نهائيًا عن استخدام هاتف الرسمي، واتخذ له هاتفًا جوالًا آخر، باسم مستعار. لكن لا شيئ يخفى على الشرطة، إذ أخضعت الرقم الجديد للتنصت أيضًا، فوجدته على اتصال سرّي بهاتف آخر، خاص بالسيد هيرتزوغ، محامي ساركوزي. في محكمة النقض، كان على مجلس القضاء الأعلى أن يقرر في 11 آذار (مارس) 2013 إن كان حصول ساركوزي على التبرعات العلنية والسرية شرعيًا. وفي المكالمات الهاتفية بين ساركوزي وهيرتزوغ، تبيّن أن جيلبيرت أزيبرت، محامي الإدعاء العام في محكمة النقض، زوّد هيرتزوغ وساركوزي بالمعلومات الكاملة عمّا يجري في محكمة النقض. وأزيبرت عيّنه ساركوزي في موقعه في العام 2008، وهو قادر على الحصول على كل المعلومات التي يحتاجها، لأنه مخوّل الدخول إلى النظام الممكنن للمحكمة. وقد قدم هذه المعلومات السرية إلى ساركوزي مقابل أن يدعم تقدمه لمنصب مستشار إمارة موناكو، إذ هو مقبل على التقاعد قريبًا. تبلغ القضاء الفرنسي هذه المعلومات في شباط (فبراير) الماضي، فوصل أمر إلى المدعي العام المالي ليتحرك. وفي 26 شباط (فبراير)، فتح المدعي العام الملي تحقيقًا قضائيًا شاملًا في المسألة، في قضايا "انتهاك سرية التحقيقات القضائية"، و"استغلال النفوذ". وسقطت أولى الضحايا، فكانتا القاضيتان بارتيسيا سيمون وكلير ثيبو. في المسألة تجريمان. التجريم الأول يؤكد أن أن القضاء يريد فعلًا أن يعرف كيف تمكن ساركوزي من معرفة أسرار المحاكمة، والثاني معرفة إن كان قد تدخل فعلًا في مصلحة أزيبرت، ليكون مستشارًا مستقبليًا في موناكو. وفي صدفة خير من ألف ميعاد، فقد قضى ساركوزي وعائلته الأسبوع الأخير من شباط (فبراير) الماضي في إمارة موناكو. وقد انضم إليه محاميه هيرتزوغ. ويشك القضاة في أن الرجلين تمكنا حينها من حث سلطات موناكو على مكافأة أزيبرت، وهذا ما عارضه هيرتزوغ بشدة.