الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل 2014 أشرفت على أسبوعها الأخير، والتنافس بلغ أشده بين المترشحين الستة، وموعد الحسم قاب قوسين أو أدنى، حيث لا صوت إلا صوت الشعب، الذي سيقرر مصيره بنفسه، من خلال منح الثقة لمن يراه الأجدر بها، إلا أن هناك من لا يروق له أن يكون التغيير والتداول على السلطة من خلال الصندوق، أي من خلال الوسائل والقواعد الديمقراطية، فهناك من اختار الشارع، وهناك من اختار المقاطعة، وهناك من يريد أن يلغي بجرة قلم انتصارات الشعب الجزائري على الإرهاب، وعلى نفسه من خلال المصالحة الوطنية، وكذا ما تحقق من إنجازات في بناء مؤسسات الدولة، والخطوات العملاقة في مجال إرساء النظام الديمقراطي الذي فتح الباب واسعا للتعددية الحزبية والإعلامية، وإحلال المرأة المكانة اللائقة بها في مجتمع استعاد الأمن والاستقرار بفضل تضحيات الجزائريين الشرفاء، من خلال الدعوة تارة إلى مجلس تأسيسي، وتارة أخرى إلى مرحلة انتقالية. إن جزائر اليوم ليست جزائر 1962 أو جزائر 1992، فهي تملك مقومات القوة التي تجعل منها لاعبا إقليميا، لما تتمتع به من أمن واستقرار، ومخزون كاف من الطاقة البترولية والغازية، إلى جانب جيش عصري يتمتع بعقيدة مثالية، مستمدة من دماء شهداء ثورة التحرير، والواجب الوطني. إن توجهات الجزائر في اختيار شركائها للنهوض بالاقتصاد الوطني ودعم الصناعات العسكرية والمدنية، وثباتها على مبدأ عدم التورط في القضايا الداخلية لدول الجوار، أثار حفيظة جهات أجنبية، كانت تأمل أن تكون لها اليد الطولى في الاستفادة من خيرات البلاد، وأن تظل الجزائر دولة هشة تتقاذفها المصالح الغربية، ولا يريدون لها هذا التقدم الذي تم تحقيقه في سنوات قليلة. ما يجري اليوم على المستوى السياسي، وعلى مستوى الشارع، وبعض المناطق من الوطن، وما ينشر على صفحات ”الفيس بوك” هو محاولة لجر الجزائر إلى منزلق ما يسمى بالربيع العربي، والعودة بنا إلى مربع بداية التسعينات من القرن الماضي، لكن هذه المرة بتدخل خارجي كما وقع في ليبيا ويقع حاليا في سوريا. وبذلك نكون فريسة سهلة لغربان سايكس بيكو ليحققوا أحلام الغرب والصهيونية في رسم خارطة جديدة للوطن العربي، تقسيم المقسم وتجزيئ المجزأ. إلا أننا نقول لهؤلاء أن جزائر اليوم غير جزائر التسعينات وأن العالم أصبح متعدد الأقطاب، وأن هناك من يعمل على إعادة الشرعية للقانون الدولي، واحترام سيادة الشعوب من قانون الغاب، والقوة المتغطرسة التي حاولت أن تسيطر على العالم.