تكبدت القوات الأمريكية في العراق خسائر فادحة في صفوفها في ظرف يومين بعد مصرع سبعة أمريكيين من بينهم خمسة جنود في عمليات هجومية استهدفتهم في مناطق مختلفة من هذا البلد.وأقر الجيش الأمريكي في بيان أمس بمصرع ثلاثة من جنوده ومترجمهم في انفجار قنبلة استهدف دوريتهم في محافظة نينوى الواقعة على بعد 370 كلم شمال غرب العاصمة بغداد دون ان يعطي اية تفاصيل حول ظروف وقوع الهجوم. وتأتي هذه العملية بعد ساعات فقط من انفجار قنبلة داخل مقر المجلس البلدي لمدينة الصدر شرق بغداد وأسفرت عن مقتل جنديين أمريكيين وموظفين حكوميين أمريكيين وإيطالي. وكان جنديان أمريكيان لقوا مصرعهما في حين أصيب خمسة آخرون قبل ذلك في هجوم بالأسلحة الخفيفة تعرضوا له في بناية المجلس البلدي لمنطقة المدائن جنوب بغداد. ويرتفع بذلك عدد القتلى في صفوف المارنز إلى أزيد من 4109 جندي منذ بداية الغزو الأمريكي في العراق شهر مارس 2003 . ويأتي استهداف القوات الأمريكية في الوقت الذي أشارت فيه عدة تقارير أمنية صادرة سواء عن القيادة الأمريكية في العراق أو الحكومة العراقية إلى انخفاض وتيرة العنف في هذا البلد بفضل العمليات العسكرية التي تشنها القوات العراقية بالتعاون مع نظيرتها الأمريكية في مختلف محافظات البلاد بحجة تطهير الشوارع العراقية من كل مظاهر التسلح وفرض القانون. ولكن واقع الحال يثبت عكس ذلك ويؤكد أن مسلسل العنف في هذا البلد الذي يعيش تحت وطأة الاحتلال منذ خمس سنوات لم ينته بعد وان المقاومة العراقية لم تتراجع أمام العمليات العسكرية التي تشنها الحكومة العراقية لفرض القانون في مسعى إلى احتواء الوضع الأمني المتأزم. وهو الأمر الذي تدركه جيدا القيادة الأمريكية في العراق التي كثرت أخطاؤها في استهداف المدنيين العراقيين بمبرر مطاردة من تصفهم بالإرهابيين أو الخارجين عن القانون في إشارة إلى المقاومة العراقية. وفي هذا السياق أعلنت مصادر من الشرطة العراقية مقتل عائلة بأكملها من خمسة أفراد في القصف الجوي الذي نفذته مروحية أمريكية بمدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين شمال العاصمة بغداد. وقالت المصادر أن أفراد العائلة الخمس وهم ثلاثة أطفال وأبويهم لقوا مصرعهم إثر قصف جوي أمريكي على منزل بقرية سمرة شرق مدينة تكريت فجر أمس. ولم تصدر القوات الأمريكية التي اعتادت تبرير مثل هذه الهجمات باستهدافها لمواقع للمسلحين أي بيان كما لم تتضح أسباب الهجوم في حينه. وفي سياق أمني أمهل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس المسلحين في محافظة ميسان أسبوعا أخر لتسليم أنفسهم في إطار تنفيذ خطة فرض القانون في هذه المحافظة والتي أطلق عليها اسم "بشائر السلام". وقال الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية اللواء محمد العسكري أن رئيس الوزراء وافق على إمهال من تصفهم الحكومة العراقية بالخارجين عن القانون في إشارة إلى الميليشيات الشيعية المسلحة وعناصر تنظيم القاعدة مهلة لتسليم أنفسهم اعتبارا من يوم أمس ولمدة سبعة أيام. وتشن الحكومة العراقية منذ بداية العام الجاري عمليات عسكرية واسعة النطاق في العديد من محافظات البلاد في مسعى لفرض سيطرتها الأمنية واحتواء الوضع الأمني المتدهور. وتزامنا مع هذه التطورات الميدانية إلتقى الرئيس الأمريكي جورج بوش بنظيره العراقي جلال الطالباني في العاصمة واشنطن في لقاء لم يكن مبرمجا لكنه خصص لبحث بعض القضايا التي تهم البلدين وفي مقدمتها الاتفاقية الأمنية المنتظر توقيعها بين بغداد وواشنطن نهاية شهر جويلية المقبل. ويأتي هذا اللقاء في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات المعارضة لهذا الاتفاق الذي سيتم من خلاله تحديد طبيعة التواجد الأمريكي في العراق بعد انقضاء تفويض الأممالمتحدة في ال31 ديسمبر القادم. وفي هذا السياق اعترض العديد من الباحثين في مدينة البصرة على عدد من بنود الاتفاقية لا سيما ما يتعلق بالتواجد العسكري الأمريكي في العراق ومسألة متابعة العراقيين واعتقالهم في السجون الأمريكية وعدم محاكمة الجنود الأمريكيين في حالة اختراقهم للقانون. وهو الأمر الذي اعتبرته عديد الجهات العراقية انه يرهن سيادة الدولة العراقية وشكلت جبهة موحدة ضد توقيع الاتفاقية.