حدّدت الحكومة في نص قانوني جديد قيمة الضرائب والرسوم التي يمكن دفعها نقدا ب100 ألف دينار، ويلزم التجار والمتعاملين في حال تجاوز قيمة هذه الضرائب المبلغ المذكور باستعمال الصكوك البنكية أو البريدية، وذلك كإجراء يندرج في إطار عصرنة النظام المالي والمصرفي من جهة، ومكافحة الغش والتهرب الضريبي، وما يرافقهما من تعاملات مشبوهة من جهة ثانية، في انتظار تعميم الإجراء بقرار تعميم التعامل التجاري بالصكوك عند قيمة مالية محددة، والمقرر إصداره قريبا. فطبقا للقرار الموقّع من قبل وزير المالية كريم جودي، في 26 ديسمبر الماضي، والذي دخل حيز التنفيذ مع صدوره في الساعات القليلة الأخيرة في آخر عدد من الجريدة الرسمية، تمتنع مصالح الضرائب عن تسلم المستحقات الجبائية من المتعاملين مهما كانت طبيعتها نقدا، عندما تفوق قيمة هذه المستحقات ال10 ملايين سنتيم، وأشار القرار إلى أن هذا الإجراء يأتي تطبيقا للمادة 48 من القانون رقم 80-21 المتضمن قانون المالية لسنة 2009، والتي كانت قد أشارت إلى أنه “لا يمكن تسديد الضرائب والرسوم مهما كانت طبيعتها نقدا، عندما يتجاوز المبلغ المستحق المبلغ المحدد بموجب قرار صادر عن الوزير المكلف بالمالية”. ويرمي هذا الإجراء بطبيعة الحال إلى عصرنة التعاملات المالية في الجزائر، باعتماد الوسائل الحديثة والتخلّي عن الطرق التقليدية، بما تحمله من مخاطر وما يحوم حولها من سلوكات مشبوهة، تشجع تفشي الرشوة والفساد في المجتمع، وتغذّي الممارسات البيروقراطية اللصيقة بها بشكل وطيد. ويعد القرار الذي وقّعه وزير المالية، تمهيدا لقرار آخر ينتظر أن يصدر المرسوم التنفيذي بخصوصه قريبا طبقا لما أعلن عنه وزير التجارة مصطفى بن بادة، في فيفري الماضي، ويتعلق الأمر بإجراء إلزام التعامل بالصكوك في كل المعاملات التجارية التي تفوق قيمتها ال100 مليون سنتيم، ولاسيما منها التعاملات المرتبطة بالمعاملات العقارية. وكان السيد بن بادة، قد برر اعتماد هذا الإجراء، بالضرورة الملحة على مرافقة جهود الدولة في محاربة التهرب الجبائي والتجارة الموازية التي تفوق قيمة التداول فيها مستوى 55 مليار دينار، فضلا عن تجسيد مسعى عصرنة طرق الدفع الخاصة بالمعاملات التجارية، والذي سيشمل مستقبلا ترقية الدفع الإلكتروني، وتعميم استعمال البطاقة البنكية المقرر أن تعزز الشفافية في التعاملات التجارية. وتجدر الإشارة إلى أن الدولة كانت قد اضطرت إلى تأجيل قرار التعامل بالصكوك في كل المعاملات التجارية التي تفوق قيمتها ال50 مليون سنتيم، وذلك في إطار محاربة ما يعرف بالتعامل ب«الشكارة” خاصة في الأسواق التجارية الشعبية، حيث تفشّت ظاهرة التعامل بقيم مالية مرتفعة خارج إطار القنوات المصرفية الرسمية، الأمر الذي يصعب على مصالح الدولة مراقبة تلك الأموال ومصادرها، كما يغذّي الجرائم المرتبطة بتزوير الأوراق النقدية، وتبييض الأموال، وانتشار الفساد بشكل عام. وأرجعت الحكومة، أسباب تأجيل هذا الإجراء إلى عدم استعداد المؤسسات المصرفية الوطنية، لاستيعاب الطلب الكبير على هذه المعاملات العصرية، وحاجتها إلى تطوير وسائل عملها والتكيّف بشكل كامل مع التقنيات الحديثة، الأمر الذي كان يستدعي منحها وقتا إضافيا للتأهب بشكل جيد لهذه المرحلة، فضلا عن تحضير المواطن والتجار بشكل خاص لمثل هذه الممارسات الحضرية، في حين بادرت الحكومة بالتزامن مع التحضير لإطلاق هذه الأساليب العصرية للدفع، إلى وضع تسهيلات في ربط علاقة المواطن بالمؤسسات البنكية، شملت التعليمة التي وجهها الوزير الأول، للمؤسسات المالية والتي تحثهم على تسهيل إجراءات تمكين المواطنين من فتح أرصدة بنكية.