كان لركود قطاع الطماطم الصناعية في الجزائر وقع كبير على الاقتصاد الوطني والمنتجين من الفلاحين والمحولين والمستهلك تجسد في غلق أزيد من 20 وحدة تحويلية من بين 30 وحدة وإنفاق الدولة أزيد من 30 مليون دولار سنويا لاستيراد هذه المادة التي رشحها المختصون لكي تلعب دورا رائدا في اقتصاد الجزائر نظرا لنوعيتها . كما أدى هذا الوضع إلى فقدان ألف منصب شغل بين مباشر وغير مباشر. علما أنه بفضل هذا القطاع تمكنت الجزائر خلال الستينيات من تسديد كل ديونها لروسيا بإنتاج سنوي قدر ب 80 ألف طن مقابل 10 آلاف طن حاليا . ويمر قطاع الطماطم الصناعية في الجزائر بأزمة أدت إلى عن غلق العديد من الوحدات التحويلية المتمركزة أساسا بمنطقة شرق البلاد التي أصبحت تعد بأصابع اليد والدليل على ذلك الإنتاج المسجل حاليا والذي لا يتعدى ال 10 آلاف طن سنويا بعد أن كان تجاوز ال 80 ألف طن في السنوات السابقة . وما يثير القلق ويستدعي التدخل الفوري لإيجاد الآليات الناجعة التي من شانها أن تعيد الحيوية والروح لهذا القطاع هو الارتفاع المستمر للاحتياجات الوطنية من هذه المادة التي قفزت من 30 ألف طن إلى ما يقارب ال 70 ألف سنويا. وقد أدى هذا التقهقر الحاصل في قطاع إنتاج الطماطم المصبرة بمختلف أنواعها إلى تخصيص مبالغ هامة لعمليات الاستيراد قدرت حاليا بأكثر من 30 مليون دولار سنويا وهذا بالنسبة لمركز الطماطم المزدوج والمركز الثلاثي ليضاف إلى ذلك ما يستورد من الطماطم الصناعية المعروفة بالطماطم الكاملة أو على شكل قطع والتي تكلف الدولة ما يقارب ال5 ملايين دولار. استيراد 50 ألف طن سنويا وإهمال 30 ألف هكتار من أجود الأراضي يبقى مشكل تقلص المساحات المستغلة لغرس الطماطم الموجهة لإنتاج الطماطم المصبرة من أكبر المشاكل التي تثير قلق المختصين، علما أن الجزائر تحتوي على حوالي 30 ألف هكتار مشكلة من أحسن السهول تستغل لغرس الطماطم الصناعية تتموقع خصيصا بالولاياتالشرقية منها الطارف وعنابة وسكيكدة وقالمة . ويكفي أن نزور هذه الولايات لمعرفة أنها كانت بمثابة القاطرة التي حركت عربة الصناعات الغذائية في الجزائر إذ تتوفر هذه المناطق على مساحات فلاحية صالحة تقدر ب 60 بالمائة من المساحات المتوفرة على المستوى الوطني وهي معروفة بإنتاج الطماطم الموجهة للتحويل الصناعي وسمحت لسكانها طيلة سنوات بمشاهدة ظهور نشاط صناعي غذائي ساهم في التطور الاجتماعي الاقتصادي لهذه المنطقة على غرار التطور الاقتصادي للبلاد. إلا أن المصير الذي آل إليه القطاع أدى بالعديد من الفلاحين إلى العزوف عن غرس الطماطم واستبدالها بمنتوج آخر خاصة وأن غرس الطماطم مكلفة جدا .علما أن رقم الأعمال المحقق لهذا القطاع قدر ب 12 مليار دينار أي ما يعادل 400 مليون دولار هو حاليا في يد المستوردين في قطاع التحويل والتصبير الذين استطاعوا على حد قول أحد الفلاحين أن يستولوا على كل القدرات الإنتاجية للطماطم الغنية بما يقارب ال10 آلاف مستثمرة والنتيجة هي اختفاء 20 وحدة تحويلية، فيما البقية تحتضر وتنتظر من ينقذها من الاختفاء ناهيك عن ال100 منصب شغل الذي فقدها القطاع. وبعد هذا التحول شهد القطاع دخول الصناعيين بقوة وتفضيلهم الاستيراد على الإنتاج المحلي وبالتحديد خلال العشرية الأخيرة التي بلغ خلالها حجم ما استورد من الطماطم الصناعية ما يقارب المليار دولار . وفي خلال هذه العشرية عرف القطاع إهمالا كليا ليحل محل الإنتاج المحلي الإنتاج المستورد من الطماطم المصبرة على مختلف الأشكال والمقدر بأزيد من 50 ألف طن. وزارة التجارة مطالبة بالتدخل لكسر احتكار الصناعيين يرى الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين السيد محمد عليوي الذي اعترف بصعوبة الوضعية التي يعرفها قطاع الطماطم الصناعية، أن الفلاحين الذين لجأوا إلى غرس الطماطم الموجهة للتحويل تكبدوا خسائر كبيرة خلال السنوات الأخيرة بسبب التكاليف التي تتطلبها هذا النوع من الإنتاج من ماء وبذور وتسويق من جهة. ومن جهة أخرى تدني الأسعار التي خلفها عدم تدخل وزارة التجارة لتحديد السعر المرجعي للطماطم الموجهة للتحويل، هذا الأمر حسب علوي ترك المجال مفتوحا أمام الصناعيين للتحكم في السعر كما يريدون ما أدى اى الضرر بالفلاح والمحول والمستهلك والاقتصاد الوطني على حد سواء، ولم ينكر الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين وجود بعض المبادرات خلال السنة الحالية، إلا أن الصعوبات تبقى قائمة خاصة مع وجود أجانب ينشطون في هذا القطاع وأناس آخرون اتخذوا من تجارة الطماطم الصناعية مصدر ربح فهم لا يصنعون ولا يحولون بل يجلبون المادة بكميات كبيرة غير معلبة في وحدات صغيرة ويبيعونها للمصنع وغالبا ما يخرج المنتوج المحلي خاما ليعلب ويكيف في الخارج ليعود إلى الجزائر باسم بلد أجنبي. علما أن هذا النشاط يدر عليهم أرباحا طائلة في الوقت الذي يعمل فيه الفلاح بالخسارة. "لابد من ضمانات لكي تعود المصانع التي توقفت عن النشاط ولكي يعود الفلاح إلى إنتاج الطماطم"، يضيف السيد علوي الذي أكد أن الإتحاد طالب بتكوين لجان جهوية مشتركة تضم كل الفاعلين الاقتصاديين من محولين وأرباب العمل وفلاحين لضبط السعر المرجعي للطماطم وإيجاد الحلول للمشاكل الحالية لضمان المردودية للاقتصاد الوطني والمنتوج المحلي الذي يعرف بجودته العالية مقارنة بمنتوج العديد من الدول لسيما الدول المجاور، في حين طالب أصحاب الوحدات التحويلية والمنتجين الدولة بإعادة تنظيم قطاع الطماطم الصناعية وجعله في المستوى اللائق به، خاصة وأن للجزائر قدرات كبيرة لتصدير كميات هائلة من الطماطم الصناعية وأراد هؤلاء أن تكون الخطوة الأولى في أقرب وقت ممكن أي شهر جويلية بالشروع في دراسة خاصة بهذا الملف قصد إنقاذ حملة الموسم 2009-2008.