تكبد فرع إنتاج الطماطم المصبرة خلال السنوات الأخيرة خسائر فادحة كلفته ضياع حقول بعشرات الهكتارات التي أعطت فيما سبق الكثير للاقتصاد الوطني، لم ينج منها سوى 7 آلاف هكتار من أصل 32 ألف هكتار، بينما فقد 80 ألف شخص مناصبهم بعد أن أغلقت معظم مصانع التحويل أبوابها معلنة إفلاسها، الوضعية الكارثية هذه لفرع إنتاج كان مرشحا لأن يلعب دوراً رائداً في الاقتصاد الوطني سببه إغراق السوق الجزائرية بكم هائل من المنتوج الأجنبي الذي يكاد يقضي نهائياً على الإنتاج الوطني من هذه المادة في حال استمرار الوضع على حاله، بينما تبقى فاتورة الاستيراد ''تنزف'' المزيد من الأموال بلغت أزيد من 30 مليون دولار سنوياً. سجل فرع إنتاج الطماطم الصناعية خلال السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً بعد أن شهدت السوق الوطنية تدفقا كبيراً للمنتوج الأجنبي من الطماطم المصبرة وعلى الخصوص من الصين وتركيا وتونس. وساهمت هذه الوضعية في تسجيل أضرار جسيمة تكبدها الفرع، تتمثل أساسا في غلق العديد من مصانع التحويل بلغ إلى حد الآن أزيد من 20 وحدة تحويل وتقلصت مساحات إنتاج الطماطم بأكثر من 78 بالمائة وضياع 80 بالمائة من مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة من أصل 100 ألف منصب بالإضافة إلى إنفاق الدولة أزيد من 30 مليون دولار سنويا، لاستيراد هذه المادة التي رشحها المختصون لكي تلعب دوراً رائدا في اقتصاد الجزائر نظراً لجودتها. هذه الوضعية كان لها وقع كبير على الاقتصاد الوطني والمنتجين من الفلاحين والمحولين والمستهلكين على حد سواء مما تطلّب تدخّل الدولة التي اتخذت في الآونة الأخيرة سلسلة من الإجراءات من شأنها الانطلاق من جديد بهذا الفرع ووضعه في مكانته اللائقة والعودة إلى عهد مضى كانت الجزائر خلاله تصدر جزءاً من فائضها من الإنتاج إلى الخارج، كما فعلت سنة ,1996 حيث حققت إنتاجاً قياسياً من الطماطم المصبرة قدرت ب90 ألف طن، مما استدعى تصدير ما يقارب 30 ألف طن إلى عدد من البلدان وعلى رأسها روسيا، علما أن حاجيات السوق الوطنية من هذه المادة لا تتعدى ال 60 إلى 70 ألف طن والخطير في الأمر هو أن فرع إنتاج الطماطم المصبرة أصبح محاصراً بين الإنتاج الأجنبي المستورد بالطرق القانونية الذي يغرق السوق من جهة وكذا المنتوج الذي يدخل بطريقة غير قانونية عبر الحدود من دولة مجاورة التي احتلت رغم ذلك مكانة في السوق لتزيد من ''معاناة'' الإنتاج المحلي من هذه المادة الهامة. أزيد من 70 من المساحات المنتجة ضاعت ومعها الآلاف من مناصب الشغل ويرى رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة السيد محمد شريف ولد الحسين في تصريح ل ''المساء'' أن فرع الطماطم الصناعية أو المصبرة ''يعاني بشكل فظيع''، جراء العوامل التي أسلفنا ذكرها، حيث اكد أن وضعية هذا الفرع لا تشبه أوضاع الفروع الفلاحية الأخرى نظراً لوجود مصالح متفاوتة بين الذين ينتجون الطماطم الطازجة ومن يقوم بتحويلها، كما أن هناك نقطة سوداء أصبحت صعبة التحمل حسب ولد الحسين والمتمثلة في الاستيراد المكثف الذي تسبب في التشويش على الفرع والحيلولة دون بلوغه الأهداف المرجوة خلال سنوات، رغم الاتفاق الهام الأول من نوعه، الذي ضم التزام كل من المنتجين والمحولين وساهمت فيه خزينة الدولة بأموال معتبرة وذلك سنة .1996 ويوضح رئيس الغرف الفلاحية أن الأضرار التي ألحقت بفرع إنتاج الطماطم المصبرة كبيرة جدا وتتمحور خاصة حول غلق الوحدات التحويلية وتقليص عدد مناصب الشغل وعلى الخصوص تقلص مساحات إنتاج الطماطم الطازجة الموجهة للتحويل بالمناطق المعروفة بولايات الطارف، سكيكدة، قالمة وعلى الخصوص، عنابة رغم توفر بعض المساحات في بعض الولايات الأخرى كالجزائر العاصمة، البليدة ومعسكر ولكن بدرجة اقل. وأشار ولد الحسين إلى أن النسبة الكبيرة من الخسائر والأضرار مست منطقة عنابة بصفتها المنطقة التي كانت تضمن اكبر نسبة من مناصب العمل لهذا الفرع الذي يحقق رقم أعمال قدر ب 10 إلى 12 مليار دينار مضيفا بقوله ''انه بكل بساطة الفرع الذي يعاني أكثر ضمن جميع فروع المنظومة الفلاحية ''كيف لا وهو الذي فقد معظم مصانعه التحويلية التي كان البعض منها مفخرة نظرا لتجهيزاتها ووسائل العمل الحديثة المتقدمة تكنولوجيا''. ويعود محدثنا إلى مراحل مر بها فرع إنتاج الطماطم المصبرة في الجزائر، مسجلا فترتين اثنتين مهمتين، إذ أنه في سنة 1996 كان هناك تكفل حقيقي وجاد من طرف الدولة سعت من خلاله هذه الأخيرة إلى تحقيق اندماج وإعادة بعث حقيقية للفرع وهو ما أثمر نسبة إنتاج قياسية قدرت ب90 ألف طن، إلا أن في سنة 2005 حدث انقطاع في مسار الفرع انتهى بتقلص مساحات إنتاج الطماطم من 32 ألف طن إلى 7 آلاف طن، تلتها فيما بعد محاولة إعادة انطلاق في سنة 2007 كانت صعبة للغاية، إلا أنها أسفرت عن استرجاع مساحات كبيرة لتصل اليوم إلى 17 ألف هكتار، مجموع المساحات المستغلة لإنتاج الطماطم الطازجة في بلادنا. ويسعى المعنيون بالفرع في الظرف الحالي ومن خلال هذه الانطلاقة الجديدة المحافظة على سقف 20 ألف هكتار من المساحات الخاصة بإنتاج الطماطم الطازجة الموجهة للتحويل قصد تغطية العجز وبالتالي تقليص حجم الواردات من الطماطم التي تضر بالمنتجين والقطاع بصفة عامة، ولتحقيق هذا الهدف اتخذت الدولة ضمن قانون المالية سنة 2010 ومن خلال وزارة الفلاحة والتنمية الريفية عدة إجراءات وهي الآن واعية كل الوعي بوضعية جميع الفروع، حيث شرعت في إعادة هيكلتها، لاسيما فرع صناعة الطماطم، مما يعد بوجود عمل كبير خلال الأسابيع القادمة على طاولة المعنيين بالقطاع، الهدف من ورائه تحقيق النتائج المسطرة وفي اقرب الآجال الممكنة والمتمثلة طبعا في عدم النزول إلى ما تحت 20 ألف هكتار من المساحات، في حين يبقى الهدف الأساسي للمنتجين والسلطات العمومية هو الوصول إلى 30 ألف هكتار من المساحات.ويبدو أن الأمور في تغير حسب بعض المنتجين الذين تمسكوا بنشاطهم الفلاحي المتمثل في إنتاج الطماطم الطازجة رغم كل المشاكل والعراقيل التي تعيقهم حيث قررت الدولة التكفل بنسبة 20 من سعر الأسمدة وتخفيض ضريبة الرسم على القيمة المضافة، كما أكد هؤلاء أن هناك إرادة حقيقية من طرف الدولة لإعادة بعث فرع إنتاج الطماطم المصبرة على غرار الفروع الفلاحية الأخرى. ويوضح المنتجون أن الدولة فعلا التزمت بسلسلة الإجراءات وهي الآن بصدد الوفاء بها إلا أننا مطالبون بتوفير حماية أحسن أمام ما يستورد حاليا من الطماطم المصبرة وذلك باستعمال التدابير التسعيرية بقصد بعث الإنتاج الوطني وجعله في الظروف التنافسية اللائقة التي تسمح له بأن يلعب دوره في السوق الوطنية بالإضافة إلى تعزيز الرقابة وتشديدها على مستوى الحدود التي من شأنها حماية المنتوج المحلي من الطماطم المصبرة، مما يستورد بطريقة غير قانونية عبر بعض حدودنا، خاصة وأن رفوف متاجرنا أصبحت غارقة بمنتوج إحدى الدول المجاورة أُدخل إلى الجزائر بطريقة غير قانونية. فرع البطاطا أحسن مثال يجب اتباعه كما يرى رئيس الغرفة الفلاحية ولد الحسين أن السلطات العمومية المتمثلة في وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ومعها المنتجون والمحولون تحاول محاصرة المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع الذي يعتبر حيويا في الجزائر وذلك لوقف استيراد الكم الهائل من الطماطم المصبرة واقتصاد أموال ضخمة لخزينة الدولة من جهة وتفادي المواطن استهلاك مادة ''مشبوهة'' يقول مصدرنا الذي تحدث عن طماطم بخليط من الشمندر السكري والملونات وغيرها من المواد المجهولة التي يمكن أن تضر بصحة المستهلك. كما أن فرع صناعة الطماطم الذي انطلق من جديد خلال هذه السنة يعد أحسن مثال لمن يرغب في النجاح وهو يعد بالكثير وينتظر أن يحقق نتائج باهرة خلال السنوات المقبلة بشرط أن تستمر كل الأطراف المعنية في تحديها خاصة أمام التزام الدولة بالتدخل عن طريق الدعم. ولم يخف رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة ضرورة التوجه نحو العمل بنظام المؤسسة الفلاحية التعاونية التي تسمح للفلاحين المنتمين لنفس الفرع الالتقاء والتشاور فيما بينهم والالتفاف حول الأهداف المشتركة ليتمكنوا من التفاهم والالتزام بما يخص مستويات حصص الإنتاج والمساحات الواجب تحقيقها والوسائل المستعملة بشكل مشترك سواء تلك المسخرة من طرف الدولة أو وسائل الفلاحين الخاصة وهذا بعد التوجيهات المتخذة من طرف السلطات العمومية بخصوص هذا النوع من الإنتاج، قائلاً: ''بإمكاننا تحقيق كل الأهداف المسطرة والمثل يأتي من فرع البطاطا الذي حقق نتائج جيدة بعد أن التزم المنتجون من جهتهم بعدة تدابير، بينما التزمت الدولة بتوفير الظروف لإنتاج أفضل''.