محمد السادس يتحدى الأممالمتحدة بقمع أول مسيرة صحراوية سلمية لم ينتظر سكان المدن المحتلة في الصحراء الغربية، إلا أياما لوضع اللائحة الأممية 2152 حول النزاع الصحراوي على محك مصداقية الأممالمتحدة، ومدى قدرتها على فرض احترام قراراتها على الأرض. ويبدو أن هذه الغاية مازالت بعيدة المنال عندما لم يتوان المحتل المغربي، في استخدام شتى أنواع القمع ضد مواطنين صحراويين خرجوا في مسيرات احتجاجية ضد الأمر الواقع المغربي، والانتهاكات التي يتعرضون لها على أيدي قوات بوليس المخزن. وأراد الصحراويون من خلال المسيرات الاحتجاجية التي نظموها خلال اليومين الأخيرين في مختلف المدن المحتلة، وضع الأممالمتحدة أمام مسؤولياتها حتى تقف على مزاعم الملك محمد السادس، باحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. فلم تتوان الشرطة المغربية في استعمال شتى أساليب القمع لتفريق المتظاهرين الصحراويين الذين استغلوا زيارة وفد حقوقي أممي الى الصحراء الغربية، لتأكيد انتمائهم الصحراوي، ورفضهم المطلق لكل فكرة لفرض الأمر الواقع المغربي بضم بلدهم الى المملكة المغربية. وأكدت مصادر حقوقية غير حكومية في الصحراء الغربية، التي وقفت على درجة عنف تلك التدخلات، إصابة 15 صحراويا ممن شاركوا في هذه المسيرات بجروح متفاوتة، في وقت تم فيه اعتقال العشرات ذنبهم الجهر بحتمية استقلال الصحراء الغربية. واستغل المتظاهرون زيارة وفد عن المحافظة الأممية السامية لحقوق الإنسان، لتأكيد مثل هذه المواقف وأيضا من اجل التأكيد للهيئة الأممية أن عدم تمكين البعثة الأممية في الصحراء الغربية "مينورسو" من صلاحيات مراقبة وضعية حقوق الإنسان، لن يمنع المغرب من الاستمرار في انتهاكاته بأكثر بشاعة ضد المواطنين الصحراويين الذين يرفضون الخضوع لعصا طاعته. وكانت مدينة الداخلة المحتلة في أقصى جنوب الصحراء الغربية، على موعد مع اكبر مظاهرة شارك فيها مئات السكان الصحراويين حاملين رايات الجمهورية العربية الصحراوية، وشعارات مؤيدة لجبهة البوليزاريو وأخرى رافضة للاحتلال المغربي، ولفكرة الحكم الذاتي الذي فشلت الرباط في إقناع العالم به. وذكرت مصادر حقوقية في المدينة الصحراوية المحتلة، أن شرطة المخزن المغربي قامت بتفريق المتظاهرين باستعمال القوة المفرطة غير مكترثة بوجود الوفد الاممي، الى درجة أن متظاهرين أصيبوا بجروح متفاوتة. وجاء تنظيم مظاهرة الداخلة يومين بعد قمع تعزيزات أمنية مغربية غير مسبوقة بمدينة العيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة، مظاهرة مماثلة عندما أراد صحراويون تنظيم مسيرة سلمية للتعبير عن موقفهم بعد مصادقة مجلس الأمن الدولي، على اللائحة 2152 ولكنهم وجدوا آلة بوليسية قمعية أكثر شراسة وعنفا مما أدى الى إصابة 12 متظاهرا بجروح متفاوتة نقل بعضهم الى المستشفى لخطورة وضعيتهم. وكان إجهاض قوات الأمن المغربية لهذه المسيرات السلمية بمثابة رسالة الى الأممالمتحدة، وأعضاء مجلس الأمن الدولي، أن اللائحة التي صادقوا عليها لن تزيد المغرب سوى طغيانا وجبروتا، وسيجعل منها غطاء لمواصلة انتهاك حقوق الإنسان التي طالبت الأممالمتحدة باحترامها. وإذا كان تعامل الأجهزة الأمنية بمثل هذه الهمجية مع مسيرات سلمية ثلاثة أيام فقط بعد المصادقة على اللائحة الأممية، فما بال الأمين العام الاممي بان كي مون، والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، عندما تشتد الحملات القمعية ضد المناضلين الصحراويين الذين لن يسكتوا على استعادة حقهم في تقرير المصير، الذي ما انفكت تؤكد عليه الأممالمتحدة، دون أن تعمل ما يساعد على تجسيد ذلك على أرض الواقع. وهو الواقع المر الذي شجّع المغرب على مواصلة تحدّيه للصحراويين وكل المجموعة الدولية، غير مكترث باللوائح التي تصدرها حتى وان أكدت على احترام حقوق الإنسان في المدن المحتلة.