سعت الدكتورة صباح عياشي مديرة مخبر الأسرة، التنمية والوقاية من الانحراف والإجرام، خلال عقد المؤتمر الدولي حول الآليات العلمية لتفعيل حقوق الطفل في الأسرة والمجتمع، إلى إعادة الاعتبار لدور المختص الاجتماعي الأسري الذي يلعب دورا كبيرا في التكفل بمشاكل الأطفال وانشغالات الأسرة على حد سواء. وحول أهمية تخصص علم الاجتماع الأسري المستحدث والتحديات التي تواجهه، تحدثت ”المساء” إلى الدكتورة صباح في هذا اللقاء. بداية، دكتورة كيف تقيمين واقع الطفولة في الجزائر؟ أعتقد أن الطفل الجزائري من الناحية القانونية لا يزال يعاني من بعض النقائص التي تحول دون استفادته من بعض الحقوق الممثلة في الممارسات الأسرية، كسوء التغذية وسوء المعاملة والعمالة والاستغلال الجنسي، وهذا راجع في اعتقادي إلى عدم التفعيل السوسيولوجي في الأسر، الأمر الذي يجعلهم بعيدين عن الاستفادة من هذه الحقوق التي تعتبر من صميم عمل المختص الاجتماعي.
حدثينا عن دور المختص الاجتماعي الأسري؟ عند الحديث عن حقوق الطفل، نطرح في البداية الإشكالية التالية؛ إلى أي مدى تمكنت الاتفاقيات الدولية من تفعيل حقوق الطفل على مستوى الأسرة والمجتمع؟ ومن خلال هذه الإشكالية نبدأ في البحث عن التحليل السيكولوجي لواقع الطفل في الأسرة الجزائرية بصفة عامة، سواء كان طفلا متكفلا به أو طفلا غير شرعي أو كان يتيما أو عاديا. ومن هنا يظهر دور المختص الاجتماعي الأسري الذي ينبغي له أن يؤديه للتكفل بكل انشغالات الأطفال من منطلق أنه المسؤول عن القيام بالبحوث التي تعنى بحل مختلف المشاكل التي يواجهونها، ومنه فإن دوره يقوم على إيجاد حلول لمختلف المشاكل التي تواجه الطفل بعد القيام بالدراسات الميدانية.
ما هي المجهودات التي يبذلها المخبر لتمكين الأطفال من الاستفادة من بعض حقوقهم؟ حقيقة، تمكن المخبر مؤخرا من استحداث تخصص جديد وهو علم الاجتماع العائلي والطفولة، حيث تخرجت أول دفعة مكونة من 60 مختصا أسريا، ونتمنى أن يجري توظيفهم بالمؤسسات التربوية ومؤسسات القضاء والتكوين المهني وكل القطاعات التي لها علاقة بالطفولة، ليكونو وسطاء بين الأسرة ومختلف المؤسسات.
كيف يظهر تكفل الأخصائي الاجتماعي بالعائلة؟ في الواقع، يتمثل دوره في دراسة مختلف الظواهر التي تتعلق بالطفل، كظاهرة العنف والتسرب المدرسي والتشرد وتعاطي المخدرات، حيث يقوم بدراستها ويقترح بحكم تخصصه وتكوينه بعض الحلول، ويجسدها على أرض الواقع لمعالجة بعض الظواهر حتى لا تتفاقم، بالتالي مصلحة الطفل مرهونة بالعمل الذي يقوم به المختص الاجتماعي، ومن هنا تظهر أهميته في الحد من تفاقم العديد من الظواهر السلبية.
إذن، للمختص السوسيولوجي مكانة هامة في ترقية حقوق الطفل؟ مكانة السوسيولوجي هامة جدا وأساسية في ترقية حقوق الطفل واستقرار الأسرة، ومنه نطمح في القريب العاجل إلى إدراج دور المختص العائلي في سلك الوظيفة العمومية لأنه غير معترف به، رغم أهميته، ليتمكن من أداء دوره في إطار منظم.
تبذل بعض الجمعيات مجهودات كبيرة في مجال ترقية حقوق الطفل، ما تعليقك؟ حقيقة، العمل الجمعوي يلعب دورا كبيرا في ترقية حقوق الطفل، غير أن هناك قطيعة مع الجامعة وما تقوم به من بحوث علمية، إذ يغيب التنسيق بين المخابر والجمعيات، مما يجعل كل طرف يجهل ما يقوم به الطرف الآخر، رغم أن الهدف واحد وهو النهوض بحقوق الأطفال، لذا أؤكد على ضرورة وضع استراتيجيات تحدث نوعا من التنسيق بين ما تقوم به الجامعة من الإشراف على تكوين مختصين اجتماعيين، وما تقوم به الجمعيات من أنشطة جوارية، لأن كل هذا من شأنه أن يساهم في ترقية حقوق الطفل.