أوضحت الإيطالية ماريللو تيراسي، صاحبة مطعم بمنطقة "سان فيتو لوكابو"، أنّها صبرت كثيرا لتعلّم تقنية طبخ الكسكسي بصقلية، لتكتشف في الأخير أنّ سرّ المهنة يتمثّل في حب هذه الأكلة لا غير. وأضافت ماريللو تيراسي، خلال المحاضرة التي قدّمتها أول أمس، بقصر "رياس البحر" في إطار فعاليات المهرجان الوطني لإبداعات المرأة، بعنوان "اكتشاف طبق الكسكسي المطبوخ في مدينة تراباني بصقلية"، أنّها ظلّت لفترة طويلة من الزمن وهي تراقب عن بعد كيفية صنع الكسكسي بمسقط رأسها في تراباني بصقلية (إيطاليا)، مشيرة إلى أنّ النساء المتقنات لصنع الكسكسي لم يتركنها تكتشف أسرار المهنة. وأشارت ماريللو تيراسي، إلى أنّها قرّرت في يوم من الأيام أن تصنع الكسكسي دون معرفة الوصفة الكاملة لتحضيره، والغريب في الأمر أنّها نجحت نجاحا باهرا لتؤكّد في هذا السياق أنّ حبّ الكسكسي والتعلق بطقوس صنعه هي وصفة الكسكسي. وعادت ماريللو تيراسي، إلى حبّها للكسكسي الذي نما في قلبها منذ طفولتها، حيث كانت تبحث رفق عائلتها على نساء يحسنّ صنع الكسكسي في صقلية والتنعم بهذه الأكلة وشم رائحتها العطرة، ونكهتها الفريدة من نوعها، لتؤكد أنّ الكسكسي أصبح محطة مهمة في حياتها. وتطرّقت المتحدثة إلى جذور ثقافة هذا الطبق بصقلية التي قالت أنّها تعود إلى زمن عاش فيه المسلمون بصقلية جاوز القرنين من الزمن، حيث عرفت المدينة في تلك الفترة ازدهارا كبيرا في المجال الاقتصادي وحتى الثقافي، واعتبرت ماريللو تيراسي، أنّ الكسكسي دخل إلى التراث الصقلي من بابه الواسع، حتى أنّ البنّائين الصقليين أطلقوا على العجينة المتكوّنة من الحجارة والماء ب"الكسكسي"، أمّا عن وصفة الكسكسي الصقلي فيضم الحوت (السمك الأبيض وسمك السلطان إبراهيم)، البصل، الرند، الملح، القرفة، البقدونس والطماطم المصبرة ويجف الكسكسي ثم يمرّق بمرق "لايوتا" (مرق الحوت). وقالت المتحدثة أنّ الصقليات كن يصنعن الكسكسي ببقايا الحوت لتطلق على هذا الطبق تسمية "طبق الفقير"، والتصقت هذه التسمية بهذا الطبق رغم أنّه أصبح طبقا راقيا، كما أبرزت للحضور أدوات صنع الكسكسي مثل القصعة و"الكسكاس" والقدر و"كودورة" وهو القماش الذي يوضع بين "الكسكاس" والقدر، لتضيف ماريللو تيراسي، أنّ الكسكسي حينما يطبخ تخرج منه رائحة زكية ويترك لمدة ساعة في قصعة مغطاة، وبعدها.. شهية طيبة. للإشارة، مارلليو تيراسي، متحصلة على شهادة في الفلسفة، من المهتمات بالثقافة الشعبية الصقلية، إضافة إلى المسرح، كما تهتم بتنشيط ورشات حول فن "اينوسياتا" (طريقة فتل الكسكسي).