ونحن نحتفل بعيد الاستقلال الذي أردنا بواسطته محو أثار المأساة التي سببها الاحتلال الفرنسي للجزائريين إذا بالدكتور أبو العيد دودو يزورنا من جديد ويشاركنا في هذا الاحتفال العظيم بتلك الوطنية التي عرفناه بها، يعود بكتابه »الجزائر في مؤلفات الرحالين الألمان 1830-1855« والذي أعادت طبعه وزارة الثقافة في إطار »الجزائر عاصمة الثقافة العربية«. أبو العيد دودو مبتهج بإعادة نشر هذا الكتاب وهو الذي عرف بصدقه خصوصا إذا تعلق الأمر بالوطن. يقول الدكتور أبو العيد دودو رحمه الله في مقدمة كتابه هذا »عندما نذكر الجزائر ويروق لنا أن نتحدث عنها لمناسبة ما تتبادر إلى أذهاننا لأول وهلة كلمات مختلفة تكاد لتوهجها أن تكون مترادفات لها، فهي تعني الثورة والتضحية، الجهاد والنضال، التضامن والأخوة، الحرية والكرامة وبالتالي الفكر والإشعاع، وإذا اقتصر مدلول بعض هذه الألفاظ على عصرنا الحاضر، فإن لبعضها الآخر جذورا تاريخية عميقة، امتدت عبر عصور متتالية وخصها التاريخ بصفحات رائعة لا تزال للأسف الشديد تمثل حلقات مفقودة في تاريخ الجزائر وثورتها الحديثة«. ويعلق الدكتور أبو العيد دودو على الرحالين الألمان قائلا : »نعثر في هذه المؤلفات على كثير من الآراء المتطرفة والأفكار الخاطئة رغبة في السيطرة والتحكم وشغفا بالسلب والنهب والعدوان وحب المال، وتكالبا على خيرات الغير وأرضه وممتلكاته«. يقول أحد الرحالة الألمان : »بالجزائر عشرة مساجد كبيرة وحوالي خمسين مسجدا صغيرا وخمس مدارس وعدد كبير من مدارس الكتاب«، ويتكلم عن الجزائر قبل الاحتلال والمعاملات التي كان يتلقاها أسرى النصارى فيقول: »أوضاع الأسرى في الجزائر كانت أفضل بكثير من أوضاع أمثالهم في البلدان المسيحية«. الرحالة فيلهلم شيمبر 1804 - 1878 زار الجزائر في ديسمبر سنة 1831 صدر كتابه: »رحلة فيلهلم شيمبر إلى الجزائر عام 1934« ومن ملاحظاته عن الجزائريين قوله : »الأخوة في سلوك الحمالين عكس الحمالين في أوروبا«. ويصف العمران في الجزائر وتعداد السكان فيقول »مدينة الجزائر بناياتها خمسة عشر ألفا، سكانها مائة ألف نسمة، اللغات المستعملة، العربية، الإسبانية، الفرنسية، الإيطالية، والأسرة الجزائرية أسرة منسجمة سعيدة، الأطفال يذهبون إلى المدارس وهي موجودة بكثرة، وعند اتمامهم الدراسة يذهبون إما للمشرق أو أوروبا للتعلم، لقد بحثت عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة غير أنني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا. وكانت بالجزائر المقاهي الكثيرة والمدخنين والحركة التجارية متدهورة جدا في الجزائر لأن الفرنسيين لا يبدون رغبة في إقامة علاقات تجارية مع داخل البلاد، الصناعات اليدوية هي الأخرى متدهورة، والجزائري لا يختلف عن غيره من الشعوب، وهم أكثر تدينا وثقافة من سكان الشاطئ الأوروبي الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط. ومن صفاتهم : الشجاعة، الفروسية، والصمود، وعيبهم الوحيد أنهم غير منظمين وأن ما بينهم من خلاف وعراك وتطاحن قد مكن أعداءهم من منافع كثيرة.. فعرف جنرالات فرنسا كيف يستفيدون من هذه العيوب والأخطاء فحرصوا على زرع الشقاق بين القبائل«. ويصف الحياة التجارية في الجزائر العاصمة فيقول: »أنذل التجار هم اليهود المعمدون! محلات الأروبيين قذرة في حين محلات العرب نظيفة ومنسقة تنسيقا حسنا تكشف عن ذوق رفيع وأصالة«. المعاملة السيئة يتعرض لها الجزائريون من طرف الأسافل الذين وصلوا إلى الجزائر من جميع أنحاء أروبا، الإجرام البشع الذي يتعرض له الجزائريون والمجازر التي يروح ضحيتها الكبار والصغار. أروع مسجد في الجزائر قد هدم لتقام مكانه ساحة للاجتماعات، والبعض من المساجد حولت إلى مخازن للتبن والبعض تحول إلى ثكنات عسكرية، وأعطي مسجد لبعض السادة الحلوين لمزاولة العزف على الكمان! هذه بعض الصور اقتطفناها من شهادة رحالة ألماني صور فيها الحضارة والمدنية التي جاءت بها فرنسا إلى الجزائر بامتياز وبالتلوين من جميع الجوانب، وهذه الصور وحدها تؤكد من المتحضر والمثقف، ومن كان المجرم والجاهل والمتخلف. الكتاب تحدث عن أكثر من رحالة ألماني إلى جانب »فيلهلم شيمبرغ« هناك فرديناند فنكلمان، هرمان هاوف، شونبيرغ، مرتيس فاغنر، ووضعهم المؤلف في فصول فبعد مقدمة الكتاب نجد الفصل الأول يتناول الجزائر في مؤلفات الرحالين الألمان ويضعهم في فصول إلى الفصل السابع، الفصل الثامن يخصصه لقبيلة التافنة تحت عنوان »الوجه الآخر لقبيلة التافنة« التاسع »الأمير عبد القادر«، العاشر »الحياة الاجتماعية في مدينة الجزائر إبان الاحتلال« الحادي عشر »انطباعات رحلة ألماني في مقاطعة وهران«، الثاني عشر »صور شمسية جزائرية«، الثالث عشر »كليمانس لافبينغ«، الرابع عشر والأخير »لودفيغ بوفري«. الكتاب من القطع العادي ويتوزع على 208 صفحة بالفهرس.