تربية وطنية: فتح خمس ثانويات جهوية متخصصة في الرياضيات    رمضان: "إفطار جماعي ضخم" بالجزائر العاصمة    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم لليوم ال48 على التوالي    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد: الفنان مبارك دخلة يطرب الجمهور بباقة من أغاني المالوف    الرابطة الأولى: شبيبة القبائل ترتقي الى الوصافة, ترجي مستغانم يغادر منطقة الخطر    الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة الأزمات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية    سوق أهراس: احتراق 7 حافلات بحظيرة مؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري    ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين في غزة خلال العدوان الصهيوني إلى 206    الطبعة الخامسة للمسابقة الوطنية في تجويد القرآن "قارئ تلمسان": تكريم الفائزين بالمراتب الأولى    دعم الجزائر تام من أجل اتحاد إفريقي أكثر قوة ونفوذا    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    دعوة أطراف النزاع إلى اغتنام رمضان لوقف الاقتتال    خطوة إضافية لإعادة بعث السوق المالية    أقبو بشعار: التعثر ممنوع لتفادي الانفجار    فرنسا لم تتوقف عن استخدام الأسلحة الكيميائية بالجزائر    تسويق 3.3 أطنان من الأسماك في الأسبوع الأول من رمضان    200 مطعم رحمة تجمع العاصميّين في رمضان    مسابقة لاختيار أجمل بلدية ببومرداس    عملية استعجالية لتهيئة "سوق العاصر"    7 موزعات آلية جديدة تدخل الخدمة    "حماس" تدعو للتفاعل مع تقرير لجنة التحقيق المستقلة    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    بوشعالة والفرقاني يبدعان بأوبرا الجزائر    اجتماع الجزائر نقطة تحول بالنسبة للرياضة الأولمبية القارية    العودة إلى قمم كرة القدم الإفريقية والدولية    تفعيل التعاون الجزائري- الأردني في التنمية الاجتماعية    حفظ الجوارح في الصوم    رياضة/جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الافريقية : اجتماع الجزائر, موعد بالغ الأهمية بالنسبة للحركة الأولمبية الإفريقية    ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء شركة مختصة في النقل الجوي الداخلي    رئيسة لجنة العلاقات الخارجية لإفريقيا بمجلس الشيوخ المكسيكي تشيد بالدور الريادي للجزائر في تعزيز السلم الإفريقي والعالمي    أمطار رعدية مرتقبة على المناطق الساحلية والداخلية    حجز 7ر1 مليون قرص مهلوس بإن أمناس    تصفيات مونديال لأقل من 17 سنة إناث: المنتخب الوطني يواصل التحضيرات لاستقبال بوتسوانا    حجز أزيد من 1.7 مليون قرص مهلوس في إن أمناس    شرفة يترأس اجتماع اللجنة المشتركة لمكافحة الجراد    مولوجي تتحادث بنيويورك مع نظيرتها الأردنية    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    بلمهدي: التصوف في الجزائر كان له الأثر الكبير في تحصين المجتمع    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+ " تدعو أطراف النزاع في السودان إلى وقف إطلاق النار بمناسبة شهر رمضان    زين الدين بوشعالة وعدلان فرقاني يبدعان في سهرة فنية بأوبرا الجزائر    البليدة: وزيرا الشباب واقتصاد المعرفة يشرفان على تكريم الفائزات في مسابقة "المقاولات الناجحات"    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة..
دمشق القديمة..الليل الحاني وأشجار الياسمين والنارنج
نشر في المساء يوم 04 - 07 - 2008

في دمشق بالذات يمكنك أن ترى كيف امتدت الحداثة هنا لتحتضن دمشق القديمة التي ما زالت تحافظ على أبرز سماتها، فما زالت أبوابها السبعة على وضعها القديم، وإن كانت لم تعد تؤدي وظيفتها القديمة، وعندما تمر من خلال هذه الأبواب تشعر أنّك تدخل عالماً يشبه عالم الحكايات، لتطالعك بيوت دمشق القديمة ذات النمط المعماري المميز، وأزقتها الضيقة، بالإضافة إلى حمامات السوق المعروفة، وهي معلم سياحي ما زال يستقطب العدد الكبير من الزوار حتى الآن.
تقسم عادة مدينة دمشق القديمة التي تعتبر أقدم مدينة في العالم ما زالت مسكونة ومأهولة بالسكان، إلى منطقتين: الأولى وهي داخل السور وهي الأقدم واستوطنت منذ آلاف السنين، والثانية خارج السور وتضم حارات مثل "الصالحية" و"الميدان" و"الشاغور" و"ساروجة" وهذه تأسّست منذ عهود ليست بعيدة حيث بدأت بالظهور مع بداية العهد الأيوبي وما بعد. وإذا كانت دمشق القديمة داخل السور لا تتعدى مساحتها الكيلومتر مربع، فإنّها بمعالمها الكثيرة وأزقتها وحاراتها العريقة ذات الحجارة السوداء ك"العمارة" و"القيمرية" و"مئذنة الشحم" وأسواقها الشهيرة ك"الحميدية" و"البزورية" و"مدحت باشا" و"العصرونية" و"الحرير" وغيرها، وبيوتاتها وقصورها كقصر العظم والسباعي ونظام ومكتب عنبر والنعسان وغيرها، ومقاهيها ك"النوفرة" و"جبري" و"ع البال" و"موليا" ومتاحفها كال"بيمارستان النوري" و"التقاليد الشعبية" و"الخط العربي والتاريخي" وغيرها، وبجوامعها الشهيرة ك"الأموي الكبير" و"بوابات السبع" و"قبر صلاح الدين" كلّها مازالت المقصد الأول للسيّاح، خاصة الأجانب القادمين من أوروبا واليابان وروسيا وغيرها، والذين يأتون غالباً ضمن مجموعات سياحية عن طريق المكاتب وتنشط سياحتهم مع بداية شهر سبتمبر وتستمر شهورا، فيما يأتي السياح العرب وتحديداً الخليجيون في أشهر الصيف ويفضلون دمشق الحديثة وريف دمشق بمنتزهاتها المعروفة لسياحتهم واستجمامهم.
سور دمشق وبواباتها
بني السور في العهد الروماني بالحجارة الضخمة المدبّبة وكان مستطيل الشكل، وزوّد بسبعة أبواب هي "باب شرقي"، "كيسان"، "الجابية"، "الصغير"، "توما"، "الجنيق" و"الفراديس"، وكان الشارع الرئيسي "الديكومانوس" يخترق المدينة من باب الجابية إلى باب شرقي، وكانت تنتشر على جوانبه الأعمدة والتماثيل وتقطعه أقواس النصر، ولكن هذا الشارع أصبح على مرّ العصور تحت سوية الأرض بحوالي 6 أمتار، وقد حلّ محلّه أو فوقه السوق الطويل "مدحت باشا" وتتالت على السور أحداث حيث تهدّم وأهمل فيما بعد، ولم يبقَ من السور سوى قطعة وحيدة ذات شأن تاريخي إذ حافظت على شكلها القديم وهي الممتدة من باب السلام إلى باب توما، ويبلغ طولها حوالي 500 متر أمّا الأبواب فلا يزال معظمها باقياً، وإن تغيّرت بعض معالمها الأصلية، وزيدت عليها إضافات وكتابات على مر العصور.
الأسواق المسقوفة
من أبرز معالم دمشق القديمة أسواقها المسقوفة، التي تحجب الشمس ليتمكّن المتسوّقون من التجوّل بالأسواق بسهولة، ولهذه الأسواق نكهة خاصة وتخصّصات، فكلّ سوق له تجارته وزبائنه، وأكبر هذه الأسواق وأشهرها "الحميدية" الذي يمتدّ على خط مستقيم من الغرب حيث كان "باب النصر" وحتى "الجامع الأموي"، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1863 خلال العهد العثماني وحكم السلطان عبد الحميد، الذي سمّي السوق باسمه، وهو مغطّى بسقف حديدي مليء بثقوب صغيرة تضيئها شمس النهار فتبدو وكأنّها نجوم تلمع في عتمة السوق، وحوانيت السوق تشتهر بجميع أنواع البضائع، لاسيما الملابس والأقمشة والحلويات والصناعات التقليدية كالبروكار والموزاييك والنحاس المزخرف بالفضة.
وهناك سوق "مدحت باشا" أو السوق الطويل وأنشأه والي دمشق مدحت باشا عام 1878 ويسير السوق بموازاة سوق "الحميدية"، حيث تفصل بينهما أسواق صغيرة أخرى، وتقوم على جانبي السوق حوانيت صغيرة تشتهر بالنسيج الوطني والأقمشة الحريرية "الصايات" والعباءات الصوفية والكوفيات و"العقل"، كما توجد على الجانبين خانات قديمة ذات أبواب وأقواس أصبحت هي الأخرى مجمعاً للعديد من الحوانيت في داخلها، وفي منتصفه يصبح "سوق مدحت باشا" مكشوفاً حتى باب شرقي حيث يشتهر هذا الجزء بمعامل ومحال المصنوعات النحاسية المحفورة والمزخرفة بخيوط الفضة.
الجامع الأموي
من أبرز معالم دمشق القديمة ويقع في قلبها في نهاية سوق "الحميدية" أنشأه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك عام 705 م في أوجّ عصر دمشق الذهبي، حين كانت عاصمة للدولة العربية الإسلامية، استغرق بناء المسجد حوالي عشر سنوات وبلغت تكاليفه أكثر من 11 مليون دينار ذهبي، وحشد للعمل فيه عدد ضخم من مهرة المعماريين والفنانين والبنائين والنجّارين والمرخمين والمصوّرين، حتى جاء فريداً في هندسته وأصبح لعدّة قرون نموذجاً يحتذى به في بناء المساجد على امتداد العالم العربي والإسلامي.
ويتميّز المسجد بمآذنه الباسقة الثلاث التي بنيت على طرز مختلفة وجدّدت أقسامها العليا في العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية، كما يتميّز بمصلاه وصحنه الواسعين وبجدرانه المغطّاة بلوحات الفسيفساء، التي تمثّل جنات من الحدائق والقصور والأشجار والأنهار وبقبته ذات اللون الأزرق المائل للرمادي "قبة النسر" .
المقاهي والحمامات
توجد في دمشق القديمة أيضاً الحمامات العربية الشهيرة بأقسامها الثلاثة "البراني" و"الوسطاني" و"الجواني"، وما زال قسم منها يعمل ويستقبل السياح والراغبين بالتحمّم في حمام السوق، ومنها ما يخصّص أياماً في الأسبوع أو ساعات في اليوم للنساء، ومن أشهر الحمامات القائمة " حمام نور الدين الشهيد" في سوق "البزورية" و"حمام الملك الظاهر" بجانب "المكتبة الظاهرية" وغيرهما.
كذلك عرفت دمشق القديمة المقاهي والتي كان "الحكواتي" و"خيال الظل" و"كراكوز" و"عيواظ" هم المسيطرون على أجوائها، ظاهرة جديدة بدأت تنتشر في بيوتات دمشق القديمة وهي تحويل هذه البيوت إلى مقاه على النمط التقليدي والحديث، ففيها كلّ ما يطلبه الزبون من المشروبات الساخنة والباردة وحتى "الأركيلة"، كذلك انتشرت المطاعم في أجواء البيوت الشامية القديمة من خلال تحويل الباحات في هذه البيوت إلى أمكنة لجلوس الزبائن ليتناولوا الطعام مع رقرقة مياه النوافير وفي أجواء الياسمين الدمشقي الشهير.
كما حوّل البعض بيوتهم، خاصة الطوابق العليا منها إلى صالات عرض فنية تستضيف شهرياً فنانين تشكيليين يقيمون معارضهم فيها، وبذلك حوّلوا البيوت التقليدية إلى مشاريع ثقافية وفنية واقتصادية بآن واحد، حيث تشهد هذه البيوت "المقاهي والمطاعم" إقبالاً كبيراً من السياح وزوّار دمشق القديمة، كما أنّ هناك مشروعاً تجري دراسته لدى الجهات المعنية لتحويل بعض البيوت الدمشقية القديمة الواسعة والضخمة مثل "بيت السباعي" و"نظام" إلى فنادق من طراز ممتاز مع الحفاظ على الجوّ الدمشقي القديم بليله الحاني وطيوره المغرّدة على أشجار الياسمين والنارنج في هذه البيوت الرائعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.