شهد الاقتصاد الجزائري تطورا هاما منذ 1962 تاريخ استقلال الجزائر وذلك بحسب إحتياجات السكان الذين ما فتئوا يطالبون بتغيير الإطار المعيشي والمطالبة دوما بالمزيد والجديد للوصول الى مستوى الرفاهية، غير أن التطور الحقيقي والنقلة الهامة التي شهدها الاقتصاد تكمن في تخلص بلادنا من الديون وضغوط المؤسسات المالية الدولية وهي الخطوة التي استطاع من خلالها الرئيس بوتفليقة أن يحرر الاقتصاد الجزائري بعد أن ساهم منذ 46 سنة في تحريرها السياسي. يجمع المختصون في عالم الاقتصاد والإجتماع أن الاقتصاد الجزائري قطع أشواطا كبيرة منذ الاستقلال السياسي الذي حرر الجزائر من قيود الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي رحل عن الجزائر مخلفا وراءه اقتصادا منهكا من الصعب إستدراكه وإعادة بنائه. غير أن إرادة الرجال استطاعت أن تخرج الجزائر من محنتها فتم تبني نظام إقتصادي إجتماعي وتم استرجاع الممتلكات والأراضي الفلاحية ومنحها لمن كافح الاستعمار كما تم توفير إحتياجات السكان الضرورية كإنشاء المدارس والمستشفيات وتوفير الماء والكهرباء وغيرها. وقد أعطى الاقتصاد المسير الذي تبلور بوجود إرادة سياسية قوية، نسيجا صناعيا وماليا مكن الجزائر من العمل وفق المقاييس المقبولة وذلك ابتداء من سنوات السبعينيات ليشرع بعدها في البحث عن آراء جديدة ونظام جديد بناء على التحولات الدولية وبناء على التحسن التدريجي للمستوى المعيشي للمواطن وكذا المطالب الجديدة للسكان. وفي منتصف الثمانينيات إصطدم الاقتصاد الجزائري بمشاكل دولية بسبب انهيار سعر البترول الذي ساهم في انهيار الدينار لتدخل الجزائر في أزمة اقتصادية ثقيلة أدت الى فشل مالي واستثماري وظهور برامج لتفادي الندرة في الغذاء.. وتميزت بداية التسعينيات ببروز توجهات جديدة بدءا بتغير نظام التسيير وكذا النموذج الاقتصادي لكن مع الأسف وقعت الجزائر في مشكل العشرية السوداء التي ساهمت في تأخير الجزائر وتوقيف عجلة التنمية بها ناهيك عن الضغوطات السياسية والمالية والدولية.
بوتفليقة والاستقلال الاقتصادي لم يكن بمقدور الحكومات المتتالية ورغم خبرتها أن تصل الى حلول للنهوض بالاقتصاد الوطني الذي وقع فريسة بين مطرقة الضغوطات الخارجية والديون من جهة وسندان الارهاب من جهة أخرى ولعل مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان بمثابة الروح التي تبعث من جديد والاستقلال الذي لم يستشعره أبناء جيل الاستقلال الذين تحملوا تبعات خدمات المديونية والمديونية في حد ذاتها وفشل التمويل وضغوطات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتوصياتهما التي تخضع للجانب المالي دون الأخذ بعين الاعتبار الجانب الإجتماعي والمطالب الشعبية. وساهمت إرادة الرئيس بوتفليقة السياسية وعزمه القوي على إخراج الاقتصاد الجزائري من دوامة الانهيار في بروز بوادر أمل جديدة عبر توجهات جديدة سواء من الناحية الأمنية من خلال تشديد الخناق على الارهابيين وبسط يد الأمن والمصالحة لهم على حد سواء، أما من الناحية الاقتصادية التي باشرها الرئيس فتتمثل في فتح المؤسسات وإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذا التنمية الفلاحية التي انتعشت بشكل كبير بدليل الارقام الايجابية المسجلة خلال السبع سنوات الأخيرة. والأهم من هذا وذاك تخلص الجزائر من عبء المديونية وتصفية مشاكلها العالقة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونادي باريس ونادي لندن وهي الخطوة التي اعتبرها المحللون الاقتصاديون بمثابة التحرر الفعلي للاقتصاد من قيود المديونية والضغوط الخارجية. وقد ذهبت الجزائر الى أبعد من ذلك فإلى جانب قدرتها على تسديد كامل مديونيتها، فقد أصبحت قادرة على ضمان أكثر من ثلاث سنوات من الاستيراد لتغذية المواطن وتسيير الاقتصاد بناء على استيراد المواد الصناعية والتكنولوجيات الحديثة بالإضافة الى فتح المجال للبنوك الجديدة لخلق جو من المنافسة النوعية والتي دفعت المواطن الى العمل برؤية جديدة وقوية. وقد تحولت الجزائر اليوم إلى أكبر ورشة عمل في حوض المتوسط وشمال إفريقيا بفضل برنامج الإنعاش الاقتصادي الذي رصد له مبلغ يفوق 145 مليار دولار وهو أهم مشروع اقتصادي منذ مخطط مارشال الامريكي عقب الحرب العالمية الثانية وذلك ما يؤكد أن بلادنا قد دخلت نهائيا في الخدمات الكبرى وبناء سوق قوي يبوؤها مكانة محترمة من ناحية السياسة الخارجية والدبلوماسية. وبفضل جهود الانعاش الاقتصادي إحتلت الجزائر مكانة هامة على الصعيد المغاربي أيضا بحيث أصبح إقتصادها يشكل 67 من إقتصاد المنطقة أي بدونها لا حديث عن وجود اقتصادي أو مالي مغاربي وهذه نقطة جد حساسة بأخذها بعين الاعتبار الأوروبيون والأمريكان وحتى العرب بدليل تواجد أكثر من 140 شركة عربية بالسوق الجزائرية. وإجمالا فإن القوة المالية، الموقع الجيواستراتيجي، الإصلاحات والمشاريع الكبرى، المستوى العلمي والثقافي والأهم التسيير الرشيد جعل من الجزائر قوة إقتصادية وطنيا، إقليميا ودوليا يحسب لها ألف حساب وتؤخذ بعين الاعتبار خلال المواعيد الدولية المالية الإجتماعية والاقتصادية على اعتبار أنها عضو اقتصادي قوي ولعل كل هذه العوامل ستساعد الجزائر لتكون في الموعد المنتظر في 2012 و2015 .