عرفت العلاقة المتوترة بين السودان والولاياتالمتحدةالامريكية خطوة اخرى باتجاه انزلاق اكبر وبما قد يؤدي الى انعكاسات اخرى ذات ابعاد محلية وإقليمية بعد اتهام الرئيس السوداني بارتكاب جرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور.. وكانت الاتهامات الامريكية باتجاه توريط الرئيس عمر حسن البشير في جرائم ضد الانسانية والمطالبة بإحالته على محكمة الجزاء الدولية القطرة التي أفاضت كأس هذه العلاقة المتوترة اصلا منذ اكثر من خمس سنوات. واستبقت الادارة الامريكية الاحداث بتوجيه هذه التهمة الى الرئيس السوداني قبل ان يكشف المدعي العام بمحكمة الجزاء الدولية بلاهاي عن قائمة المطلوبين المتهمين بارتكاب جرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور المتنازع حوله بين الحكومة السودانية وفصائل التمرد الانفصالية. وقال لويس مورينو اوكانبو المدعي العام بمحكمة الجزاء الدولية انه سيقدم لقضاة المحكمة يوم غد الاثنين ادلة جديدة حول المتورطين باقتراف جرائم ضد الانسانية خلال السنوات الاخيرة بإقليم دارفور وأنه سيكشف عن اسماء الشخصيات السودانية الواقفة وراءها. واذا كان اوكانبو لم يشكف عن أي من هذه الاسماء الا ان وزارة الخارجية الامريكية استبقت الاحداث وادرجت اسم الرئيس عمر حسن البشير ضمن اسماء هذه القائمة. واكدت كتابة الخارجية الامريكية ان اوكانبو سيقوم باستصدار امر دولي لتوقيف الرئيس السوداني زاعمة ارتكابه لجرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور. ولم يسبق طيلة السنوات الخمس التي عمرتها الازمة في هذا الاقليم المتنازع بشأنه ذكر اسم الرئيس السوداني ضمن قائمة المطلوبين المتورطين في عمليات ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية. بل انها المرة الاولى في تاريخ محكمة الجزاء الدولية يتم فيها اتهام رئيس دولة مازال يمارس مهامه بتهم اقترافه لجرائم ضد الانسانية وقد اقتصر دورها فقط الى حد الآن على اصدار اوامر دولية بتوقيف عدد من المسؤولين الصرب والكروات والبوسنيين والبورنديين بعد ان غادروا مسؤولياتهم الرسمية في دولهم. ويحمل الاتهام الامريكي باتجاه الرئيس السوداني خلفيات سياسية ذات صلة بمواقفه الرافضة التنازل عن اقليم دارفور لفصائل التمرد الانفصالية التي تلقى تأييدا واسعا من طرف الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وأحدث الزعم الامريكي ضد الرئيس السوداني ضجة عارمة في السودان وحتى في داخل الدول العربية التي صدمت بسبب هذا الاتهام الذي يعد سابقة في تاريخ الجامعة العربية التي تسعى للتحرك للوقوف في وجه تطبيق أي امر دولي بإلقاء القبض على رئيس دولة عربية ذات سيادة. واكدت الجامعة العربية امس انها ستعقد اجتماعا طارئا لوزراء خارجية الدول الاعضاء لم يحدد تاريخه بطلب من الحكومة السودانية لبحث تداعيات مثل هذا الاتهام الذي لم يسبق ان عرفه أي رئيس دولة عربية من قبل. وحذرت السلطات السودانية من أي اجراء تقوم به محكمة الجزاء الدولية واكدت ان أي مسعى في هذا الاتجاه ستكون له انعكاسات سلبية مباشرة على الوضع في دارفور. وحذر عبد المحمود عبد الحليم السفير السوداني في الاممالمتحدة من كل اجراء في هذا الاتجاه وقال ان ذلك سيكون له عواقب كارثية في حال وجهت محكمة الجزاء الدولية اتهاما رسميا للرئيس عمر حسن البشير. وقال الدبلوماسي السوداني امس ان ذلك سيكون له انعكاسات سلبية على مسار السلام في دارفور. يذكر أن محكمة الجزاء الدولية سبق وأن صاغت قائمة اسمية لعدد من المسؤولين السودانيين معظمهم من قوات الجنجويد الموالية للحكومة السودانية ومن فصائل التمرد الانفصالية باقتراف جرائم ابادة ضد سكان اقليم دارفور الذي تقطنه عدة اجناس وقبائل وعرقيات عربية وافريقية مسلمة ومسيحية. وكانت عدة تقارير اممية اكدت مقتل 300 الف شخص وتهجير 2.2 مليون من سكانه وهي الارقام التي دحضتها السلطات الرسمية في السودان التي اشارت الى مقتل 10 الاف شخص خلال الخمس سنوات الاخيرة. وفي اول رد فعل على هذه الاتهامات حذر مجلس السلم والامن الافريقي امس محكمة الجزاء الدولية ضد اية متابعات قضائية قد تصدرها ضد مسؤولين سودانيين . وكان المجلس الافريقي عقد مساء الجمعة اجتماعا طارئا جدد من خلاله التأكيد على ارادة الاتحاد الافريقي على محاربة اللاعقاب ولكنه شدد الاشارة الى ضرورة مواصلة البحث على تغليب العدالة ولكن بكيفية لا يمكن ان تمس بالجهود المبذولة من اجل تحقيق سلام دائم وترقية المصالحة كما طالب بذلك مجلس الامن الدولي من خلال اللائحة 1593 التي اصدرها يوم 31 مارس سنة 2005. واعتبر مجلس السلم والامن الافريقي ان أي مسعى في هذا الاتجاه من طرف المحكمة الدولية سيؤدي الى رهن كل جهود السلام المبذولة في كل القارة الافريقية.