تحتفل الجزائر على غرار باقي دول العالم يوم الثالث من ديسمبر من كل سنة باليوم العالمي للمعوق وبهذه المناسبة ينظم مستشفى إعادة التأهيل والتكييف الحركي يعقوبي زهير ببلدية اسطاوالي يوما دراسيا تحت شعار "حوادث المرور" وذلك لحث السائقين على توخي الحذر وعدم استعمال السرعة المفرطة في السياقة نظرا للأرقام المخيفة لضحايا حوادث المرور والذين بلغوا خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية 31212 جريحا في 18127 حادث مرور· وسيشارك في هذا اليوم الدراسي ممثلون عن مصالح الدرك الوطني والشرطة، الحماية المدنية، جمعية طريق السلامة لإثراء النقاش، في حين سيتم إشراك عدد من نزلاء المستشفى من ضحايا حوادث المرور في نشاطات كثيرة منها خروجهم بمعية أعوان الدرك الوطني لتوزيع نشريات تحث على تخفيف السرعة عند القيادة وهي المبادرة الأولى من نوعها بالنسبة للمستشفى·يعد مستشفى إعادة التأهيل والتكييف الحركي ببلدية اسطاولي من بين أهم المؤسسات الاستشفائية التي تعنى بفئة المعوقين حركيا، فبعد أن كانت وجهته الأولى عند إنشائه سنة 1983 جهوية تختص بمعالجة الأطفال المعوقين ممن تهتم بهم مصالح الخدمة الاجتماعية، فتح سنة 1986 أبوابه لكل فئات المعوقين من الولايات المجاورة قبل أن يتحول اليوم إلى قبلة المعوقين من مختلف الولايات، وهو ما سبب للمؤسسة ضغطا كبيرا خاصة إذا علمنا أن حسن الاستقبال ونوعية الخدمات المقدمة جعلت الجراحين يوصون مرضاهم بزيارة المركز لمواصلة العلاج وذلك لضمان نجاح عملياتهم الجراحية رغم توفر مراكز متخصصة في التأهيل والتكييف الحركي بكل من مستشفيات بن عكنون وتقصراين، لكن ظروف الاستقبال وتكفل الممرضين والمدلكين الطبيين بالمرضى أعطى المركز سمعة ذاع صيتها عبر كل ولايات الوطن· وقد كشفت لنا الزيارة التي قادتنا الى المركز ما سمعنا عنه، حيث لم نجد صعوبة كبيرة في الوصول الى الممرضين ورؤساء مختلف المصالح الذين استقبلونا بصدر رحب للحديث عن مؤسستهم الاستشفائية التي حولوها من خلال عملهم اليومي ومشاركتهم الجماعية في تنظيم النشاطات الترفيهية الى بيت عائلي لا يمكن الاستغناء عنه حتى في الأعياد وأيام الراحة· فالمريض بمجرد ولوجه باب المصلحة الموجه إليها يصبح فردا من العائلة الكبيرة يتعرف على زملائه المرضى والممرضات والمدلكين الذين لا يتوان الواحد فيهم في تقديم يد المساعدة للمريض المعوق حتى ولو لم يكن في المصلحة الخاصة به، وهو ما يجعل المريض يشعر وهو داخل المستشفي انه وسط محيطه وغالبا ما يرفض مغادرة المستشفى عند نهاية فترة العلاج نظرا لنوعية الخدمات المقدمة سواء من ناحية العلاج أو التكفل البسيكولوجي، حتى الطفل والرضيع يجد عالمه الخاص به من ألعاب ونشاطات ترفيهية كما يواصل التلميذ تمدرسه بشكل عاد مع مربية مختصة تابعة لمفتشية أكاديمية الجزائر·استقبال جيد وخدمات راقية وحسب الشروحات المقدمة لنا من طرف الفريق الإداري عن عمل المستشفى فهو مقسم الى أربع مصالح تعنى كل واحدة منها بفئة معينة من المعوقين منها مصلحة الأطفال، مصلحة البالغين، النساء والرجال، يسهر على خدمتهم فريق مؤلف من 256 عونا طبيا منهم تسعة أساتذة مساعدون وأستاذ محاضر رئيس مصلحة بالإضافة الى مساعدة اجتماعية ومختصة نفسانية وعدد من الممرضين والمدلكين، في حين تصل سعة استيعاب المستشفى الى 110 أسّرة في الوقت الذي تمتد فيه فترة العلاج من 29 يوما الى تسعة أشهر حسب نوعيةالإعاقة وفترة العلاج، كما يعمل المستشفى بنظامين خارجي يتكفل ب 50 مريضا يوميا خصصت لهم قاعات للعلاج بالمياه وقاعات التدليك منها ما هو خاص بالأطفال ومنها ما هو خاص بحركة الأعضاء السفلية وأخرى للأعضاء العلوية، بالإضافة الى ورشتين لصناعة الأعضاء الاصطناعية ومسبح خارجي في حين يتكفل النظام الداخلي بمرضى الولايات الداخلية تقدم لهم كل أنواع العلاج الذي تتطلبه الحالة ابتداء من المختصة النفسانية التي تحاول دمج المعوق في عالمه الجديد خاصة ضحايا حوادث المرور، مع حث الأهل على تقبل الوضع الجديد وتحسيسهم بسبل التعامل مع المعوق لمساعدته على إعادة الاندماج في المجتمع، في حين يقوم الفريق الطبي بتوفير كل الإمكانيات الضرورية لضمان راحة المريض بدءا من الغرفة إلى قاعات العلاج والترفيه·وعن نوعية الإعاقات التي يهتم بها المركز، أشار أحد المدلكين إلى الاهتمام أكثر بأصحاب الإعاقة الحركية الذهنية وهم أطفال رضّع يصابون بالمرض لأسباب تتعلق بالزواج بين الأقارب أو تناول الأم دواء ما خلال فترة الحمل دون استشارة الطبيب وهنا يتم توجيه الأم برضيعها بعد الولادة بقليل إلى المستشفى للشروع في العلاج بالتدليك حتى يتعود الطفل على الجلوس وتحريك أطرافه العلوية والسفلية، ويتم استقبال الرضع لخمسة عشر يوما في البداية تحضر فيها الأم لعمليات التدليك حتى تواصل هي في المنزل نفس الحركات مع مراقبة الرضيع خلال كل مراحل النمو إلى غاية سن الخامسة، وغالبا ما ينجح العلاج بالتدليك ويصبح الطفل قادرا على الحركة·كما يهتم المستشفى بمرضى اعوجاج العمود الفقري وهو مرض خطير انتشر كثيرا في الفترة الأخيرة، حيث يصعب اكتشافه عند المولود الجديد وغالبية المرضى يتم اكتشافهم من طرف مؤطري الصحة المدرسية وهنا يتم متابعة الطفل إلى غاية سن البلوغ وغالبا ما يستمر العلاج إلى سن 19 سنة، وذلك حسب درجة اعوجاج العمود الفقري· وبغرض الوقاية من انتشار مثل هذه الأمراض قررت إدارة المستشفى سنة 2008 تنظيم خرجات ميدانية إلى المؤسسات التربوية يشارك فيها طبيب وممرض ومدلك حيث سيتم تحسيس التلاميذ والأساتذة بالطريقة الحسنة للجلوس مع الكشف عن صحة التلاميذ وهي المبادرة الأولى من نوعها للمستشفي الذي سيخصص سيارة اسعاف وفريقا طبيا للعملية الوقائية، وحول أسباب الإصابة أشار المدلك أن الأمر يتعلق أساسا بالجلوس المتواصل في وضعية الإنحاء وحقائب التلاميذ التي تكون ثقيلة· كما يهتم المستشفى بالمرضى المشلولين وغالبيتهم من ضحايا حوادث المرور وهناك من تعرضوا لصدمات نفسية قوية أو حوادث منزلية، ويحاول المدلكون إعادة الحركة للأعضاء المشلولة عن طريق تمارين رياضية يومية يقوم بها المريض· أمام إهمال الأهل·· المعوق يرفض مغادرة المستشفىالحديث الذي جمعنا مع عدد من نزلاء المستشفي جعلنا نقف عند حقيقة أخرى وهي رفض عدد من النزلاء مغادرة المستشفي لعدة أسباب، فهناك من وجد راحته ومتطلباته بالمستشفى في الوقت الذي يهمله الأهل عند خروجه وهناك من يعيب على السلطات المحلية من عدم توفير الإمكانيات لتنقل المعوق وسط الشوارع والحدائق أو الصعود إلى الطابق الخامس بعمارته· الأمر الذي يجعل الحالة الصحية للمرضى تتدهور وهذا بشهادة الأطباء الذين يؤكدون أن المريض يغادر المستشفى في حالة صحية مستقرة، لكن عند المراقبة الطبية يكتشفون تدهورا في صحته وإصابته بأعراض مرضية جديدة غالبا ما تكون نتاج إهمال الأهل للمعوق الذي يكون بحاجة دائمة إلى مساعدة الطرف الثاني في عدة أعمال·وبشهادة الممرضات والمساعدة الاجتماعية، فإن هناك من يتنكر لأهله عند زيارته ويدعي انه وحيد لا أقارب له بحجة البقاء لفترة أطول بالمستشفى، في حين هناك من النساء المعوقات من يتخلى عنهن أزواجهن، منها حالة تم تحويلها إلى مركز العجزة بعد رفض الزوج القدوم لاصطحاب زوجته التي تعرضت لحادث مرور ألزمها الفراش علما أن سنها لا يزيد عن 32 سنة·ونظرا للضغط الكبير الذي يعاني منه المستشفى يقترح الطاقم الطبي على السلطات الوصية فتح مراكز جهوية مماثلة تتكفل بالمعوقين حركيا من ناحية التأهيل والتكييف، كما يبدي الطاقم جاهزية لتكوين ونقل خبرتهم لأطباء وممرضين جدد خاصة في مجال التعامل مع هذه الفئة من المجتمع، كما أن النشاط المنتظر تنظيمه بمقر المستشفى يوم الثالث من ديسمبر يعد تقليدا دأبت عليه ادراة المؤسسة الاستشفائية كل سنة بغرض مشاركة المجتمع المدني المعوق في يومه العالمي للحديث عن انشغالاته وتباحث الحلول الممكنة التي تساهم في إدماجه بشكل عادي في الحياة العملية وقد تم اختيار السنة الفارطة شعار "لا احد في منأى عن الإصابة بالإعاقة "في حين وقع الاختيار هذه السنة على "حوادث المرور" نظرا لارتفاع حصيلة ضحايا الحوادث كل سنة فالوقاية خير من العلاج، لذلك سيتم هذه المرة ولأول مرة إشراك المعوقين في حوادث المرور لتوزيع النشريات على السائقين وذلك بالتعاون مع مصالح الدرك الوطني، كما سينظم معرض للأعمال والنشاطات التي يقوم بها المعوق داخل المستشفى·شهادات لضحايا حوادث المرورهاجر فتاة في الثلاثين: كان ذلك اليوم مشؤوما سنة 2004 عندما صدمتني سيارة، أصبت خلالها بجروح بليغة على مستوى الأطراف السفلية كادت تؤدي إلى بتر ساقي لكن التدخل السريع للطاقم الطبي سمح بتفادي ما هو أخطر، وأنا أعالج بالمركز منذ تلك الفترة حيث تمكنت بعد عدة عمليات جراحية من الوقوف مجددا على قدماي، كما استغل فرصة اليوم العالمي للمعوق لأحث السائقين على توخي الحذر وتفادي السرعة المفرطة·محمد ضحية في موكب عرس: لم تشفع لي مهنتي كسائق منذ عدة سنوات في التحكم بسيارتي التي قذفتني خارج الجسر خلال موكب عرس، حيث لم أتفطن للأمر إلا وأنا أسفل الجسر، واليوم تمكنت من تحريك أطرافي العلوية عن طريق التدليك والتمارين الرياضية، على أن أعود للوقوف من جديد لاستمتع بجمال حديقة المستشفى ونسيم البحر·"شوشو" المستشفى: مثلما تعودت الممرضات على مناداته نظرا لصغر سنه: كان يوما ممطرا عندما ايقظتني والدتي لأوصل اخوتي الصغار الى المدرسة وعند العودة إلى المنزل انقلبت بي السيارة في لمح البصر، وأدعوا أقراني من الشباب إلى إبعاد أرجلهم قدر الإمكان عن دواسة السرعة فهي لا ترحم· *