لم يكتف بالرسم على الورق فحسب، بل وظف العديد من المواد الاخرى كالزجاج والقماش والخشب وحتى النحاس، هذا الأخير ورغم قسوته وصعوبة العمل عليه، إلا أنه يعطي في آخر المطاف عملا فنيا راقيا ومتقنا، ذلك ما حدثنا عنه السيد عبيد عبد الحفيظ الذي تألق في فن الرسم على النحاس. التقينا عبيد عبد الحفيظ (35 سنة) بمعرض أقيم ببلدية بوزريعة مؤخرا، وفي دردشة على هامش هذه التظاهرة حدثنا عن حرفته قائلا » يعتمد عملي كحرفي على تحويل النحاس من مادة أولية الى عمل فني يعكس صورة المناظر الطبيعة للجزائر العميقة أو تشخيص صور لمجوهرات قبائلية تقليدية.. تبدو عندما ينظر اليها على أنها بارزة وحقيقية، يمكن لمسها«. وعن مصدر إلهامه يضيف » عادة أقوم بالرسم على النحاس بناء على رغبة الزبون الذي يعجب بمعلم تارخي أو بمنظر طبيعي، فمثلا آخر مرة طلب مني زبون من ولاية الأغواط أن أرسم له "مسجد الصفاح" الذي يقع بالاغواط فكان له ما أراد، إلا أن هناك حالات أخرى أعطي يها لمخيلتي مجالا واسعا للإبداع، كما أقوم برسم الكاريكاتور على النحاس فيكون لمنظر الصورة شكلا جماليا غاية في الروعة، وهو ما جعل الناس يقبلون على هذا النوع إقبالا كبيرا«. وعن بدايته يقول » كانت هذه الحرفة بداخلي وحدث أن عرض علي أحد أصدقائي تعليمي حرفة تنفعني مستقبلا وكان عمري أنذاك 25 سنة، فرحبت بالفكرة خاصة وأني كنت أعاني من البطالة ولا أدرس، وما ساعدني على إتقان هذه الحرفة والإبداع فيها هو حبي لها من جهة ولكوني أملك موهبة في الرسم من جهة أخرى. كانت البداية برسم مجموعة من اللوحات الصغيرة التي كنت أقوم بإهدائها إلى الأصدقاء والأحباب، ومع مرور الوقت تمكنت من صقل موهبتي وأصبح فن تحويل النحاس يجري بدمي، فما إن أرى النحاس حتى يتدفق الإبداع من أناملي«. أما عن الصعوبات التي يواجهها عبد الحفيظ فيقول: » هذه الحرفة لم تعد مقتصرة على فئة معينة، بل أصبح أغلب الشباب يسعى الى تعلمها لأنها تدر أرباحا معتبرة لاسيما عند التعامل مع الأجانب، وهذا الإقبال الكبير عليها أدى الى إحداث مشكل في مادة النحاس، ذلك أن السوق الجزائرية لا تحوي هذه المادة التي تعتبر الركيزة الاساسية لإنجاز عملي وانما تستوردها من تركيا وإسبانيا«. وتختلف أثمان لوحاته باختلاف كمية النحاس المستعمل في صنعها وحجم المجهود المبذول لإنجازها، وعلى العموم فهي تتراوح بين 5000 دج و 20.000 دج. أما عن أمانيه فلم تخرج عن البساطة التي تظهر على عبد الحفيط، إذ يقول كل ما أتمناه هو الحصول على بطاقة الحرفي التي رفضت الجهات المعنية تقديمها لي، كوني لا أملك مكانا أزاول فيه نشاطي، رغم أن أعمالي تجاوزت حدود البلد وحظيت بإعجاب الأجانب، لاسيما في فرنسا وإسبانيا.