في مهرجان كهذا ، حتى إن كنت تحتسي فنجان قهوة بين أناس عشقوا المسرح ، ستتعلم أنّنا حين نحقّق جيّدا و نقلب تلك الأوهام التي كثيرا ما شكّلت فينا كوابيس يومية ، ونعيد النظر في تجاربنا الحياتية ، نجد أنّ كل هنيهة و كلّ حركة ما هي في الحقيقة إلّا فصل أو مشهد من مسرحية، فأبجديات اللّعبة السينوغرافية لا تذهب بعيداً في نفسها عن حكايا و قصص من هنا و من زمن الحكي الأسطوري ، و تكون هي أيضا عميقة بحيث لن تدرك و أنت وراء الجدار الذي سيكسّره الممثل في أي لحظة ، أنّك بعيد عن تفاصيل العقدة التي حاكها المخرج لك .. عبد القادر علّولة ، عز الدين مجوبي ، أو حتى سيراط بومدين و آخرون ، كرّسوا طوال نضالهم الرّكحي لمسرح يعبّر عن هموم المواطن و يكون رجع صدى لصوته الظاهر المليء بالتناقضات و التعقيدات ، فيشكّل منها فريق المسرحية تشكيلة نسيجية متوازية مع الحقيقة ، و الحقيقة لا تعني أنّ المسرح هو خيال ، بل هو حقيقة أخرى بأبعاد قياسية قد لا يستشعرها إلّا من تجرّد من الكلّ ، غير الذوق الرّفيع . نصحني الدكتور المغربي الناقد – عبد الرحمان بن زيدان- مرّة فقال : " قد تلمس و أنت في طقس المشاهد المسرحي الآن ، صمت ، ظلام ، وشوشات من هنا ، رنين هاتف من ذاك ، و أنت تحاول الارتقاء بروحك إلى خلوة فنية ، لا تنس أنّ الكلّ مرتبط بالكلّ ، و أنّ المغزى و الهدف من ارتقاءك ما هو في الحقيقة - بكل أبعادها- إلاّ فرصة لكي تأخذ من المسرحية ما لا يمكنك أن تأخذه من شيء آخر ، و لا تنس أنّك أمام قضية و ليس أمام تأثيث " ... " الحصلة " ، " الحصلة " ... سكوت ، قد بدأت مسرحية " الحصلة " . يكتبها : سيدأحمد بلّونة