تمر يوم الاربعاء 37 سنة على ابرام اتفاقية مدريد التي بموجبها تخلت اسبانيا عن مسؤوليتها التاريخية في استكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية عبر تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير قابل للتصرف في تقرير المصير عبر الاستفتاء كما اقرت الاممالمتحدة منذ1966 و كان تقرير لجنة تقصي الحقائق التي زارت المنطقة منتصف 1975 الذي نشر في الاممالمتحدة يوم 16 اكتوبر 1975 مقدمة في اطار التحضيرات التي بدأتها الهيئة الاممية من اجل تنظيم ذالك الاستفتاء الذي لازال الشعب الصحراوي ينتظره في ظل عرقلة مغربية مستديمة منذئذ. ففي المرة الاولى سنة 1974 رفع المغرب، القضية لمحكمة العدل الدولية قبل ان تقرر الرباط غزوها عسكريا مباشرة بعد اعلان الفتوى من طرف محكمة لاهاي في اقل من اسبوعين ، و اخيرا رفضت الرباط ، تضمين خيار الاستقلال في اية استشارة لتقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، مباشرة بعد اعلان لجنة تحديد الهوية للهئية الناخبة المؤهلة للمشاركة في ذلك الاستفتاء المصادر منذ ازيد من اربعين سنة، كما كان الحال منذ 2000 . في الذكرى ال37 لتلك الاتفاقية التي ابرمتها حكومة ارياس نافارو، في ظل اجواء ميزتها الحرب "الباردة" على المستوى الدولي والصراع على "النفوذ" في المنطقة والعالم الثالث بصفة عامة، في وقت كان الديكتاتور الاسباني الجينرال فرانكو يحتضر على فراش الموت قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة يوم 20 نوفمبر 1975، وكالة الانباء الصحراوية تستعرض المواقف القانونية المسجلة حيال الاتفاقية من طرف هيئات و شخصيات قانونية و سياسية ، صحراوية ودولية - لقد حاول نظام الملك الحسن الثاني ايجاد طريقة مبررة تضفي مصداقية على غزوه للصحراء الغربية, اولا عبر "المسيرة " التي كانت مجرد "مظلة سياسية وهالة اعلامية" للتغطية على جريمة الغزو البشعة التي قام بها الجيش المغربي منذ 31 اكتوبر 1975 ثم جاء صك اتفاقيات مدريد يوم 14 نوفمبر من نفس السنة ، بحسب المراقبين. ففي ذلك اليوم صدر بيان ثلاثي : إسباني مغربي وموريتاني. يعلن عن اتفاق توصلت إليه الدول الثلاث بعد مفاوضات دامت أكثر من يومين وانتهت بتوقيع ما عرف باسم اتفاقية مدريد الثلاثية ، من ضمن بنوده: - وثيقة دعيت باسم (إعلان المبادئ)، تنص على عملية تسليم الأرض للمغرب وموريتانيا بالإضافة إلى مجموعة اتفاقيات تتعلق بالصيد والتعاون الاقتصادي والصناعي. وقد اتضح فيما بعد أن تنازل إسبانيا عن الإقليم كان مقابل إشراكها في استغلال مناجم فوسفات بوكراع، وبقاء أسطول صيدها البحري في المياه الإقليمية الصحراوية، وبضمان قاعدتين عسكريتين لها قبالة جزر الكناري، بحسب ما نشر في وثائق اسبانية عن تلك الاتفاقية في كتاب توماس باربولو "تاريخ الصحراء الاسبانية المحظور" الصادر 2004. - وقد تضمن الاتفاق المعلن نقاط منها : - تبرم إسبانيا قرارها، الذي أعربت عنه مرارا أمام هيئة الأممالمتحدة، بتصفية استعمار أراضي الصحراء الغربية واضعة حدا لمسؤولياتها وسلطاتها كقوة إدارية على الأراضي المذكورة. 2- انسجاما مع القرار السابق ومع المفاوضات التي أوصت الأممالمتحدة بها مع الأطراف المعنية، تشرع إسبانيا فورا بإنشاء إدارة مؤقتة في الأراضي، يشارك فيها المغرب وموريتانيا بالتعاون مع الجماعة وتنقل إلى هذه لإدارة المسؤوليات والسلطات التي تشير إليها الفقرة السابقة. وبناء عليه، اتفق على تعيين حاكمين معاونين، تقترحهما المغرب وموريتاني المساعدة حاكم البلاد في أعماله، وسيتم إنهاء الوجود الإسباني على الأراضي نهائيا قبل 28 فبراير 1976. 3.- يحترم رأي السكان الصحراويين، المعبر عنه من خلال ال(الجماعة). كان رد جبهة البوليساريو، التنديد بتلك الاتفاقية كونها "مؤامرة دولية" اريد بها مصادرة حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، مطالبة من الحكومة الاسبانية تحمل مسؤولياتها التاريخية والقانونية وعدم الضغوط لمساومات واجندات املتها مصالح دولية في ظل تلك الظروف. وكان اعلان القلتة المؤطر لتاسيس المجلس الوطني الصحراوي المؤقت في افق اعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الذي تم يوم 27 فبراير مباشرة بعد رحيل اخر جندي من تلك المستعمرة الاسبانية . وثيقة القلتة التاريخية: في الثامن و العشرين من نوفمبر اجتمع في قلتة زمور 67 عضوا من أعضاء الجماعة، و هم الأشخاص الذين استطاعوا الفرار من المدن المحتلة، اجتمع هؤلاء برئاسة نائب رئيس الجماعة التي يبلغ عدد أعضائها 101 عضوا، ليعلنوا في تصريح نشروه عن حل الجماعة و التنديد بالمؤامرة الإسبانية المغربية، و تأييدهم لجبهة البوليساريو كممثل شرعي و وحيد للشعب الصحراوي ، معلنين انخراطهم فيها . و قد انضم إلى هؤلاء فيما بعد أغلبية الأعيان الذين استطاعوا الفرار من طوق الاحتلال. " نص الوثيقة: نحن أعضاء الجمعية العامة (الجماعة) المجتمعين في القلتة يوم 28/11/1975 نؤكد من جديد الإجماع على ما يلي: 1- إن الطريق الوحيد لاستشارة الشعب الصحراوي هو تمكينه من تقرير مصيره بنفسه، و الحصول على استقلاله من غير أي تدخل أجنبي مهما كان نوعه و بالتالي فإن الجمعية التي لم تنتخب ديمقراطيا من قبل الشعب الصحراوي لا تستطيع أن تقرر مصيره. 2 - ولكي لا يستطيع الاستعمار الإسباني استعمال هذه المؤسسة المزيفة، و على إثر المناورات التي يقوم بها أعداء الشعب الصحراوي ، فإن الجمعية العامة و بإجماع أعضائها الحاضرين تقرر حل نفسها نهائيا. 3 - ان السلطة الشرعية و الوحيدة للشعب الصحراوي ، هي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب المعترف بها من قبل الأممالمتحدة، بعد الإطلاع على ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق التابعة لهذه المنظمة. 4- في إطار حل يقوم على أساس الوحدة الوطنية، و خارج أي تدخل أجنبي، أسس مجلس وطني صحراوي مؤقت. 5 - نحن موقعي وثيقة مدينة القلتة، نؤكد من جديد تأييدنا غير المشروط للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب، الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي. 6 - نؤكد من أجل عز وطننا حق الاستقلال التام و الحفاظ على وحدته الترابية القلتة 28 نوفمبر 1975 رأي محكمة العدل الدولية: طلبت الأممالمتحدة من محكمة العدل الدولية رايا إستشاريا يثبت صحة المزاعم المغربية و الموريتانية حول إقليم الصحراء الغربية و مدى تاثير هاته المزاعم عال تقرير المصير ، كان ذلك سنة 1974 وبطلب من المغرب بعد أن أعلنت إسبانيا نيتها في تنظيم إستفتاء حول إستقلال الإقليم. وبعد دراسة المحكمة للموضوع ومناقشته بعمق أصدرت رأيها الإستشاري الشهير في 16 أكتوبر 1975 والذي يتضمن : " إن جميع الأدلة المادية والمعلومات المقدمة للمحكمة لا تثبت وجود أية روابط قانونية من شأنها التأثير على تطبيق القرار 1514 المتعلق بتصفية الإستعمار ومبدأ تقرير المصير عن طريق التعبير الحر لسكان الإقليم" فحسب خلاصة راي محكمة العدل الدولية يعتبر السكان الصحراويين الأصليين القوة التي تملك السيادة في الصحراء الغربية. ورغم أنه لم يسمح للحركة الوطنية الصحراوية بتقديم حججها أمام المحكمة سنة 1975، إلا أن رأي المحكمة كان لصالحها. وقد طالبت المحكمة مرارا بالتنظيم الفوري لإستفتاء لتقرير المصير والإستقلال ورفضت في الوقت ذاته وبشدة كل المزاعم المغربية المتعلقة بالصحراء الغربية. رأي المستشار القانوني للأمم المتحدة (هانس كوريل): قدم الأمين العام المساعد والمستشار القانوني للأمم المتحدة رأيه الإستشاري بطلب من مجلس الأمن سنة 2001، ويعرف "برأي كوريل"، فقد طلب رئيس مجلس الأمن من المستشار القانوني حينها، السيد هانس كوريل، أن يبدي رأيه حول: "مدى شرعية ما تقوم به السلطات المغربية، وفقا للقانون الدولي، بما فيه قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات العلاقة، والإتفاقيات المتعلقة بالصحراء الغربية التي أبرمتها السلطات المغربية والمتمثلة في تقديم وتوقيع العقود مع الشركات الأجنبية لإستكشاف الثروات المعدنية في الصحراء الغربية". وقد أكد رأي المستشار السابق للامين العام للامم المتحدة، هانس كوريل الذي صدر في سنة 2002 على أن إتفاقية مدريد 1975 المبرمة بين إسبانيا كقوة إحتلال من جهة والمغرب وموريتانيا من جهة أخرى:" لم تسلم السيادة على الإقليم ولا تمنح أي من موقعيها صفة القوة المديرة، وهو أمر لم يكن بإمكان إسبانيا التصرف فيه بمفردها". وبالتالي، حسب افادة كوريل فإن أي إستغلال أو إستكشاف للثروات الطبيعية للصحراء الغربية من طرف الحكومة المغربية يعتبر "منافيا" للقانون الدولي. و قد راى الكاتب و الباحث الاسباني د.كارلوس رويث ميغيل على ان اتفاقية مدريد كانت متنفسا قانونيا فاشلا لجملة من الاسباب منها في نظره أولاً ان اتفاقية مدريد كصك ابرم من جانب واحد في غياب الشرعية الصحراوية لا يحول "السيادة " على الاقليم بل "الإدارة " فقط، ثانياً، هذا التحويل لا يتم إلى المغرب وحده بل إلى كيان ثلاثي (إسباينا، المغرب وموريتانيا)، ثالثا،ُ هذا التحويل لا يتم إلا لمدة زمنية محددة (إلى غاية 26 فبراير 1976) يصبح بعدها هذا الاتفاق لاغيا حتى ولو تحصل على شرعية دولية محولاً الوجود المغربي إلى وجود مصطنع.