مر السابع عشر من سبتمبر أمس عاديا لولا انتشار فرق في قوات الأمن في بعض الشوارع الحساسة تحسبا لأي انزلاق قد يكون لسبب ما أو من محاولة يائسة للذين يبحثون الاصطياد في المياه العكرة، وكان الأمر واضحا من الأول أن الأمور ستسير بطريقة عادية، لعدة أسباب لعل على رأسها الدعوة المجهولة في الانترنت التي تتحدث عن ثورة في هذا اليوم، والشباب الجزائري يعرف بطبعه أن أي دعوة مجهولة يقف خلفها متربص أو مغامر، وكما قالت زعيمة حزب العمال السيدة لويزة حنون في ندوة صحفية أقامتها الأسبوع الماضي، أنه من غير المستبعد أن يكون خلف مثل هذه الدعوات للتظاهر والثورة الموساد او المخابرات الإمريكية في محاولة يائسة لإدخال الجزائر فيما دخلت فيه ليبيا، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الجزائريين على اختلاف شرائحهم استطاعوا من خلال التظاهر والاحتجاج تحقيق الكثير من المطالب " زيادة الأجور، الترسيم، ادماج الأساتذة ...الخ " وهذا لا يعني أن الأمر على أكمل ما يرام، لكن ان كان افتكاك الحقوق بالمسيرات السلمية وبالمطالب الشرعية، فالناس ليسوا بحاجة إلى ثورة، إضافة إلى هذا كله الجزائريون يدركون أن أي انزلاق يقف خلفه دعاة الفتنة والتقسيم، والدليل أن حركة فرحات مهني الانفصالية استغلت قتل امرأة بتيزي وزو عن طريق الخطأ لترفع مطالب انفصالية ورغم ذلك لم يمشي في مسيرتهم سوى بعض من النفر قال بعضهم انهم لم يتعدوا العشرة، رغم أن اليوم كان يوما للتسوق ويكثر فيه الناس، إذا الشباب الجزائري يدرك جيدا أن ثمة "إن" وأخواتها في موضوع 17 سبتمبر لذا لم يتجاوب ومعه، ليس خوفا من الرجوع إلى العشرية السوداء كما يريد ان يصور البعض، ولكن إيمانا أن الأمور وإن كانت ليست على ما يرام فإنها ليست سيئة للدرجة التي تجعل الناس يخربون بيوتهم بأيديهم، كما أن المطامع الدولية في الدول الأخرى وخاصة في المغرب العربي بدأت تتوضح، وحين يتحدث ساركوزي عن ثورة في الجزائر فطبيعي أن يرد الجزائريين بالعكس والكل يعرف حساسية الشعب الجزائري من كل ما يأتي من فرنسا، وهناك أمر وجب الإشارة إليه أن الثورات حين تحدث ليس لها تواريخ، وليس لها تخطيط هي مجموعة من التراكمات الإجتماعية والنفسية مع خليط من الإحباط في مواجهة دولة عاجزة عن تقديم أي شيء، وهنا وإن كانت نقائص وفوضى في توزيع السكن وفساد، إلا أن الدولة ما تزال قائمة، وتعمل على فك الكثير من الملفات الشائكة وعلى رأسها مشكل السكن، ولو كانت الدولة مثلا عاجزة عن توزيع السكن لما قررت توزيع السكنات في هذا الوقت الحساس ولكنها رغم ذلك قامت بعملية ترحيل واسعة وفي مناطق حساسة متحملة مسؤولية أي انزلاق ورغم ذلك مر الأمر بطريقة عادية حتى وان رفض البعض ترحيلهم إلى أماكن معينة، وأخير وجب القول أن الثورة حين تأتي لا تستأذن أحدهم كما قال أحد الشباب في رده على دعاة 17 سبتمبر في الفيس بوك " الثورة مثل الزلازل ، مثل الحب، تأتي فجأة ولا تسأل أحد "