عصابات مختصة تتاجر بأعضاء “الحراڤة” لازالت قضية الشباب "الحراڤ" تلقي بظلالها رغم محاولة البعض التقليل من خطورتها، إلا أن الواقع الذي يريد الكل تجاهله صار لا يمكن السكوت عنه بعدما استنفد الشباب كل الخيارات التي تربطهم بالوطن، ومن غير المستبعد أن يستغل المرشحون للهجرة غير الشرعية الاحتفالات المخلدة ليوم الاستقلال ليستقلوا قوارب نحو المجهول، ورغم أن قانون معاقبة "الحراڤة" دخل حيز التنفيذ، إلا أن هذا الإجراء لم يعد يقدم أو يؤخر شيئا، لذا طلبت بعض الوجوه السياسية من الجهاز التنفيذي، أن يكون شجاعا ويلغي القانون ويبحث عن وسائل أخرى للحد من ظاهرة صارت تهدد بجد تماسك المجتمع والأسر الجزائرية، وتضع البلاد في لوائح حقوق الإنسان الدولية التي تستغل مثل هذا الملف للتشهير بالجزائر في المحافل الدولية. حزب العمال : أبوابنا مفتوحة لاستقبال هؤلاء الشباب والاستماع لهم لم تترك زعيمة حزب العمال لويزة حنون مناسبة مرور الذكرى التاسعة عشرة لتأسيس حزبها دون أن تذكر بما يعانيه الشباب "الحراڤ" في ظل صمت رسمي رهيب، مؤكدة أن حزبها سيعمل على استقبال هذه الشريحة من الشباب والوقوف إلى جانبها والاستماع إلى انشغالاتهم وأخذ مطالبهم بعين الاعتبار وإثارة قضيتهم أمام الهيئات الرسمية، مؤكدة على حق هؤلاء الشباب في العيش بكرامة في وطنهم والحق في الشغل مثلهم مثل شباب العالم، وكذا الحق في تكوين اسر والحق في السكن معتبرة أن هذه الأمور تعد ضرورية في جزائر الإستقلال. وقد اشارت حنون، في ندوة صحفية كانت قد عقدتها بمقر حزبها في الأسابيع الأخيرة الماضية، خلال عرض عمل الحزب ولجانه الولائية، أن عشرات من الحراڤة يعادون إلى أرض الوطن بعد إلقاء القبض عليهم في أوروبا، وهذا ما يعد حسب قولها أن السياسات قد فشلت في محاربة هذه الظاهرة، وأن أمواجا بشرية تصل إلى الضفة الأخرى معترفة أن قانون تجريم الحراڤة الذي وقف نواب الحزب ضده، لم يحقق ما كان مأمولا منه بحكم أن القضية متشعبة ولا يمكن علاجها بقانون عقوبات . جهيد يونسي مرشح رئاسيات 2009 : نطالب الهيئة التنفيذية بإلغاء قانون تجريم هؤلاء الشباب طالب جهيد يونسي ممثل حركة الإصلاح الوطني ومرشحها في رئاسيات أفريل 2009 الهيئة التنفيذية بالاعتراف بخطئها في حق الشباب "الحراڤ" وإلغاء القانون الذي يجرمهم، واصفا الإعتراف في هذه القضية "بالفضيلة"، معربا في الوقت نفسه أن هذا الاعتراف سيكون تداركا لخطإ قانوني وسيجعل هؤلاء الشباب يشعرون بجدية حكومتهم. كما ذكر يونسي أن حزب الإصلاح الوطني بنوابه كان السباق في الوقوف ضد هذا القانون والحيلولة دون مروره لاعتقاد الحزب الراسخ أن القضية أكبر من أن تعالج بطرق قانونية. كما ناشد مرشح رئاسيات 2009 السلطات المعنية لتفهم أوضاع هؤلاء الشباب، معتبرا إياهم ضحايا أوضاع صنعتها سياسات متعاقبة وليسوا مجرمين، مطالبا بتوفير مناصب شغل قارة للشباب للحد من الهجرة غير الشرعية، معتبرا أن قانون تجريم الحراڤة ولد ميتا بحكم أن الظاهرة لم تنقص كما راهن الذين سنوا القانون. وأثنى يونسي على الذين سماهم "الصادقين" في الجهاز الحكومي الذين مازالوا يرفضون هذا القانون. وعن موقف حركة الإصلاح من قانون تجريم الحراڤة قال يونسي إن ثمة مواقف موحدة بيننا وبين أحزاب نشترك معها في رؤيتنا للظاهرة وموقفنا هو رفض هذا القانون وسنظل نطالب بإلغائه حتى يتحقق ذلك. رشيد عطوي رئيس الوداديةالوطنيةلمكافحة الآفات الاجتماعية: عصابات استغلت "الحراڤة" للمتاجرة بأعضائهم البشرية كشف رئيس الودادية الوطنية لمكافحة الآفات الاجتماعية رشيد عطوي عن حقيقة مرعبة متمثلة في استغلال شبكات مختصة في الاتجار بالأعضاء البشرية للشباب "الحراڤ" حيث سرد قصة شاب نجا من هذه العصابة، حيث حاولت تخديره في وسط البحر لأجل قتله ونزع أعضاء من جسمه، بينما لم يتمكن زميله من الهرب، حيث عثر عليه ميتا في عرض البحر وقد انتزعت عدة أعضاء من جسده . مؤكدا أن الشبكات المختصة في تهريب "الحراڤة" إلى الضفة الأخرى اخترقت من طرف شبكات أخرى تتاجر بالأعضاء البشرية ولم يستبعد علاقة هذه الشبكات بشبكة ظهرت فيما مضى حيث كانت تخطف المصابين عقليا من الشوارع لتنزع منهم أعضاء بشرية منهم، محذرا في الوقت نفسه من الاستهانة بالظاهرة والتقليل من خطورتها بعدما صارت ملعبا دخلت فيه على الخط شبكات تهريب المخدرات التي تستعمل الشباب الحراڤ للتهريب وكذا شبكات الاتجار بالبشر مطالبا السلطات المختصة بإيجاد مخرج لهؤلاء الشباب والحفاظ على حياتهم وسلامتهم، وحث في نفس الوقت قوى الأمن والعدالة الضرب بيد من حديد على هذه العصابات التي صارت تشكل خطرا حقيقيا على مستقبل البلاد ممثلا في شبابها . مصطفى بوصبيع نائب عن جبهة التحرير الوطني بالمجلس الشعبي "الحرقة" ليست مشكل قانون بل قضية اجتماعية اعترف مصطفى بوصبيع النائب عن جبهة التحرير الوطني بالمجلس الشعبي والذي دافع بشراسة عن قانون تجريم معاقبة الشباب الحراڤ، بأن أسباب الهجرة غير الشرعية في الجزائر متشعبة ومعقدة ممثلة في المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها الشباب وكذا مشاكل اقتصادية، وعدم وجود من يمكن لهم التعامل مع هؤلاء الشباب بطريقة جدية، معترفا في الوقت نفسه أن القانون وحده لا يكفي، مطالبا بحل اقتصادي يمكن الشباب من إيجاد فرص عمل قارة تضمن لهم مستقبلهم في وطنهم دون اللجوء إلى مغامرة قد تؤدي بهم إلى الموت أو السجن دون أن تعرف عنهم السلطات شيئا. كما طالب النائب من السلطات الأمنية أن تكون حازمة ومتشددة وتضرب بيد من حديد بارونات تهريب الشباب، الذين يتاجرون بمآسي الناس، ووجدوا في ظروف الناس سبيلا للربح غير المشروع، محذرا من خطورة الظاهرة التي باتت تزداد خاصة بعد دخول العنصر النسوي المغامرة وكذا الأطفال وركوبهم موجة "الحرقة"، مناشدا السلطات المعنية بعقد مؤتمر دولي تحضره دول الجنوب والشمال حول أسباب الهجرة والبحث عن آليات الحد منها. ولم يتوان مصطفى بوصبيع في إلقاء اللوم على بعض الوجوه البعيدة عن الاختصاص في مؤتمرات الهجرة غير الشرعية، فكان حضورهم كعدمه، داعيا لفتح نقاشات معمقة وإجراء دراسات حقيقية للوصول إلى عمق مآسي الشباب والوقوف عن الأسباب من أجل علاج ناجح وفعال. وشدد النائب أيضا على ضرورة إيجاد حل لتسهيل الخروج للشباب بطرق شرعية. مبروك نانوش المكلف بالتكوين والإتصال بالجمعية الوطنية لحماية الشباب الذين يتلاعبون بالقوانين ليس لهم علاقة بالشباب يؤكد مبروك نانوش المكلف بالتكوين والاتصال بالجمعية الوطنية لحماية الشباب أن ثمة أناسا يتلاعبون بالقوانين ولا علاقة لهم بالشباب، معبرا عن أسفه لما آل إليه وضع الشباب اليوم، بعدما لم تعد الهجرة السرية مقتصرة على الشباب البطال أو أصحاب المستويات العلمية المحدودة، موضحا أن القضية صارت تمس إطارات وكوادر شبابية كان يمكن للجزائر ان تستفيد منها. أما فيما يخص الجمعيات التي تتبنى انشغالات الشباب فقد بدا محدثنا غير مقتنع بالمرة بأغلب هذه الجمعيات التي دخلت السياسة وتنازلت عن أهدافها الحقيقية لتصبح أداة في يد الأحزاب تسيرها كيفما شاءت لخدمة مصالحها، مردفا بالقول أنهم كجمعية ليست لهم معلومات محددة ودقيقة عن أعداد المفقودين أو الذين عثر عليهم أو حتى عن الذين وصلوا بسلام ويعيشون هناك اليوم، راميا الكرة في مرمى الجهات الرسمية التي يفترض حسب نانوش أن يكون لها بنك معلومات في ما يخص مصير ابناء الشعب الجزائري، الذين أجبرتهم الظروف لخوض تجربة الموت نحو المجهول، موضحا أنه لا يصل جمعيتهم سوى النزر القليل من المعلومات تستقيها الجمعية من أهالي الشباب المغامر أو من خلال اتصال بعض الأسر، التي فقدت ابناءها أو اتصال الشباب الذين وصلوا إلى الضفة الأخرى بالجمعية، معتبرا أن النشاطات التي تقوم بها الجمعية والتي في مجملها هي نشاطات تحسيسية لا يمكن أن تعطي نتيجة فعالة في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن نقص الامكانيات. وعن علاقتهم بوزارة التضامن والأسرة والجالية الجزائرية بالخارج اعترف مبروك نانوش أنهم أجروا اتصالات عديدة مع الوزارة المعنية لكنهم الأمر برمته لم يخرج من إطار الوعود التي دأبت عليها الوزارة دون الخروج بنتائج ملموسة، وهذا ما يوحي -حسب نانوش- بعدم اكتراث الوزارة بقضية شباب جزائريين يموتون كل يوم في عرض البحر. أما على مستوى الأحزاب فقد أكد المتحدث أن الجمعية حاولت تنبيه الأحزاب للظاهرة الخطيرة، إلا أنهم لم يتلقوا تجاوبا عدا حزب الأرسيدي، حيث تم لقاء في هذا الخصوص مع رئيس الحزب سعيد سعدي، لكن يضيف نانوش أن سعيد سعدي تكلم كثيرا ولم يفعل شيئا، معترفا في الأخير أن الكل تخلى عن الحراڤة، جازما أن الأمر صار لا يعني أحدا في إشارة إلى أنه على الشباب أن يواجهوا مصيرهم وحدهم . وفي النهاية يظل ملف الشباب "الحراڤ" مفتوحا على الألم والتيه الذي وصل إليه الشباب الجزائري وإلى الصمت المطبق على عشرات الشباب، الذين ابتلعهم البحر أو انقطعت أخبارهم، ولم يعد أحد يسمع بهم، تاركين حرقة في قلوب الأولياء والإخوة والأحباب، والظاهرة بلا شك لا تتعلق ببعض العشرات من الشباب كما يود أن يصورها البعض، ولكنها باتت تتعلق بآلاف الشباب والشابات وحتى الأطفال، ورغم أن الحل لن يكون بالتأكيد غدا، لكن علينا أن نعترف أن الظاهرة لم تعد خطيرة فحسب، بل صارت تهدد حتى استقرار البلد لو قررت يوما ما هيئات انسانية رفع هذه الورقة في وجهنا في المحاكم الدولية.