الزعيم الليبي الذي اعدم و هو في الأسر بقرار أمريكي و شراكة بين قوات النيتو و الثوار قد يتحول إلى كابوس حقيقي للسلطة الجديدة و رعاتها الغربيين مع انتقال الثوار من هم الإطاحة بالنظام إلى هم الفوز بالنصيب من غنائم السلطة و الثروة ناهيك عن المخاوف من ملاحقة قضائية دولية على جريمة يصنفها القانون الدولي جرائم الحرب . اعدم الزعيم الليبي و نجله و هما أسيرا حرب أنهت مرحلة من الصراع في ليبيا كما بدأت بشراكة من حلف النيتو و ثواره في جريمة يصنفها القانون الدولي ضمن جرائم حرب. و ما انتهت النشوة التي ترافع عليها ثوار النيتو و رحب الغرب الديموقراطي بهذه النهاية الدموية لرئيس دولة عربية , حتى بدأت الأوساط الحقوقية في العالم تعبر عن استيائها من الجريمة , التي نفذت بشراكة لا غبار عليها من قوات النيتو. الفوضى في التصريحات حول ملابسات إعدام الزعيم الليبي و نجله لم تفلح في إخفاء الجهة التي كانت وراء اغتيال العقيد القذافي . و لا في التستر على حقيقة إعدامه هو و نجله , بدم بارد بعد الإمساك بهما , و هما إحياء , فقد سبق لقيادة النيتو أن أعلنت في وقت مبرك استهدافها لموكب من احد عشر سيارة قالت أنها تعتقد بوجود القذافي في الموكب , ثم توالت تصريحات تثبت أن أجهزة الرصد التابعة للنيتو واصلت توجيه ثوارها لتعقب القذافي بالطريقة التي اعدم بها . و أن " الثوار" كانوا أداة تنفيذ لقرار أمريكي كان قد صدر بشكل واضح على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون يومين قبل إعدام الزعيم الليبي, فالقرار كان قرارا أمريكيا تشارك في تنفيذه سلاح النيتو و مجاميع ثوار مصراتة . فمن جهة النيتو يكفي الإشارة إلى التعريج الأخير لوزير الدفاع الفرنسي جرار لونغي الذي قال بالحرف الواحد " أن المهمة الفرنسية أنهت بعد مقتل القذافي " كما جاءت التبريكات من مختلف العواصمالغربية لتؤكد أن كل ما قيل من قبل عن رغبة الدول الغربية في اعتقال القذافي و أحالته على المحكمة الدولية كان محض تمويه و أن جريمة الاغتيال كانت مبرمجة منذ اللحظة التي تدخل فيها الطيران الفرنسي الصواريخ الأمريكية حتى قبل صدور قرار مجلس الأمن 1973 . و سوف نكتشف بعد حين أن القذافي شخصيا كان مستهدفا أكثر من نظامه ليس لأنه كان يقلق النظام المنظم العربي بتصريحاته و مواقفه المعلنة و لا حتى بالدور الخطر الذي كان يلعبه في الساحة الإفريقية و اقلق الغرب كثيرا و لكن القذافي كان يمتلك ورقة ضغط هائلة ضد الغرب و تحديدا ضد الولاياتالمتحدة في ملف يراد له أن يدفن مع القذافي فقد استطاع الغرب لفترة أن يشتري صمت القذافي حول فضيحة الممرضات البلغاريات و الدم الملوث بفيروس السيدا و كان وقتها قد أذيع في مواقع متخصصة حديث عن توصل القذافي و نظامه إلى تكوين ملف حول ضلوع الولاياتالمتحدة في نشر وباء السيدا في عموم إفريقيا و استعمل هذه الورقة في إعادة فتح الأبواب الغربية التي ظلت موصدة في وجهه لعقود من الزمن . لأجل ذلك فانه لم يكن بوسع الولاياتالمتحدة و لا الأنظمة الغربية المرتشية أن تتحمل محاكمة عادلة للزعيم القذافي الذي كان يمتلك ملفات على نفس المستوى من الخطورة كانت ستفضح الكثير من الجرائم الغربية في القارة السمراء . و مع أن جريمة إعدام الزعيم الليبي و نجله و توثيقها بالصورة و الصوت قد أزعجت العواصمالغربية فان وكلاء الغرب في المجلس الانتقالي من شاكلة رئيس الحكومة في المجلس السيد جبريل يحاولون استغلال الخطيئة التي ارتكبها ثوار مصراته لتستعمل في تصفيات الحساب التي ستبدأ منذ الآن مع بعض المجاميع الإسلامية المساحة فقد صرح السيد جبريل انه يرحب بتحقيق دولي حول ملابسات إعدام الزعيم الليبي وهو يعلم أن أي تحقيق دولي سوف يفضي إلى تبرئة ساحة النيتو من الجريمة و إلحاقها ببعض المجاميع من الثوار بما سوف يشعل النار بين الفصائل . اختفاء رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل يومين قبل حادث الاغتيال و هروبه إلى البيضة مسقط رأسه مؤشر آخر على أن القوى التي تألفت حول هدف إسقاط النظام قد انتقل انشغالها بالقذافي و كتائبه إلى الانشغال بما سيترتب عن خروج القذافي من اللعبة وما ترتب عن ذلك تداعيات كثيرة و مجهولة العواقب . فمن فوضى السلاح و سيطرة جناح الإسلاميين المسلحين على كطرابلس العاصمة إلى " تغول " ثوار مصراتة من جهة و الإدارة المستقلة لثوار الزنتان الامازيغ فان التوصل في وقت وجيز إلى بناء حكومة مؤقتة قادرة على استعادة الأمن ومنع الاقتتال الداخلي هي من المهام المستحيلة أكثر من استحالة إعادة أعمار ليبيا كما صرح بذلك السيد جبريل للبي بي سي ثم انه حتى لو تم القضاء على ما يسمى ببقايا " الكتائب " فان السلطة القادمة سوف تواجه بطلبات ثار من القبائل الأكثر تضررا من سقط النظام على رأسها قبيلة القذاذفة التي سوف تطالب بدم أبنائها و تخريب مدينتها سرت ومعها قبيلة ترهونة التي لن تنس تصفية العشرات من أبنائها في بنغازي و خاصة في بني الوليد إلى ذلك فان السلطة القادمة سوف تواجه وضعا غير مستقر في الجنوب سواء مع قبائل فزان التي تشتكي من السلوك العنصري عند سكان بنغازي و مصرات هاو خاصة من التوارغ الذين فقدوا مع رحيل القذافي الرجل الذي منحهم مكانة داخل ليبيا و في الدول المحيطة بالصحراء الكبرى . جميع هذه البؤر سوف سنفجر في آن واحد و ليس بيد المجلس الانتقالي وحلفائه من الناتو فسحة لإدارة الأزمة و قد فقدوا مع إعدام القذافي فرصة لا تعوض لإشغال الليبيين بفصول محاكمة تحاكي ما فعله الأمريكيون مع محاكمة الرئيس الراحل صدام حسين . إلى جانب ذلك فان عائلة القذافي زوجته و من نجا منهم من محنة البرامكة الحديثة يمتلكون الآن ملفا موثقا يسمح لهم بملاحقة القتلة من النيتو و قيادات الثوار أمام المحاكم الغربية و الدولية بالقدر الذي سوف يجعل من الزعيم الليبي اخطر على خصومه و هو ميت منه و هو حي . جانب من الإعلام العربي التلفزيوني و المكتوب قد لا يسلم من الملاحقة بعد مشاركته في نقل صور ومقاطع فيديو لجثتي القذافي و ابنه في حين امتنعت معظم القنوات الغربية عن بثها . مصدر القلق الأخير قد يأتي من نجل القذافي سيف الإسلام الذي يكون قد افلت من الملاحقة و عمد في المواقع الموالية للقذافي كقائد عام للمقاومة ومنحته لقب " حامل الدم " خاصة بع جان بثت له قناة الرأي تسجيلا صوتيا كذب فيه نبا اغتياله و أعلن انه سوف يواصل المقاومة و لم يتابع إحداث ليبيا على المواقع فان جيوبا كثيرة للمقاومة الشعبية بدأت تتشكل و تنتظر أمران الأول خروج قوات النيتو اللعبة و الثانية انشغال فصائل الثوار بالاقتتال على غنائم السلطة .