انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة بيع الأعشاب الطبية، لدرجة أنها صارت مهنة تدر مال قارون، وتكاد تعوض الصيدليات، ولا غرابة إن تحولت حتى الصيدليات إلى " عشابات" نسبة للعشب الذي صار دواء الجزائريين بعدما كثر المحتالين وأطباء مستواهم سنة دكتوراه في الدجل والكذب والضحك على ذقون الناس. "خلطة سحرية لمعالجة السرطان، خلطة خاصة لمعالجة العقم، خلطة لمعالجة كل الأمراض" والسعر في متناول الجميع طبعا، ولا تستغربوا إن وجدتم بين هذه الخلطات حتى جلود الضفادع وبيض الصراصير، هكذا بكل بساطة صار أي شخص يمكنه أن يصير بقوة " عشبة" أن يصبح مختص في علاج الأورام السرطانية، وأمراض السكري وارتفاع الضغط، وفي الوقت الذي تصرف المخابر العالمية ملايير الدولارات من أجل أن تتقدم مجرد خطوة في معرفة أصل الورم السرطاني دون علاجه طبعا، ويغرق في أبحاث وتجارب علماء نالوا جائزة نوبل لمعرفة الطريقة المثلى لعلاج مرض السكري، يمكن لشيخ عندنا لم يدخل المدرسة على الإطلاق أن يستقطب حتى المتعلمين والجهلة ويجمعهم حوله ويقنعهم بأنه يمكن أن يداوي الإيدز والسرطان ومختلف الأمراض " بالكسبر، والحلبة، وقشور الرمان" هكذا بكل هذه السهولة ينتصر العشابين على أكبر المخابر في العالم التي تصرف من أجل دواء جديد يخفف الألم فقط الشيء الفلاني، الغريب أن بعض المرضى يشعرون بالتحسن، والمشكلة أنهم ليسوا مرضى أصلا، فضغوط الحياة والمشاكل الإجتماعية باتت تخيل إلينا اننا نعاني من مرض ما، ونتوهم مختلف العلل، ولأننا نؤمن بالاشياء الخارقة للعادة صرنا نؤمن أيضا بالأعشاب الخارقة للعادة، ولست أعرف ما موقف طبيب مثل الدكتور محمد صنهاجي الذي عنده أبحاث متقدمة في أمراض الايدز وهو يسمع أحد العشابين في الاسواق الشعبية يقسم أنه يمكن علاج "السيدا" بخلطة من أعشاب الغابة ثمنها لا يتجاوز 100 دينار، هل يضرب رأسه على الحائط، أم يحرق شهاداته العليا ويبللها في كاس ويشربها، أو يتحول من المخابر الفرنسية إلى الاسواق الشعبية ويجرب هو أيضا حظه، مع الحلبة والنعناع وفطر الغابة ربما ينجح ما دام أن الجهلة نجحوا بخلطة عشبية من علاج الأورام السرطانية ومختلف الأمراض، وأخيرا إن استطاعوا هؤلاء معالجة كل هذه الأمراض لماذا تجاهلهم نوبل ..؟ المسار العربي تساْل بعض الأطباء المختصين حول الظاهرة لدى اتصالنا ببعض الأطباء المختصين اشترطوا علينا عدم ذكر أسمائهم حيث صرحوا لنا بما يلي أن الطب البديل أمر موجود في كل بلدان العالم وهو حقيقة مجدي ونافع لبعض الأمراض المتعصية التي عجز الطب الحديث عن إيجاد حلول لها لكنهم استغربوا الانتشار الكبير لهذه الظاهرة وبكثرة في الجزائر في ظل يغاب قوانين تنظم المهنة وتؤطرها وتحدد شروطها حيث قالوا أنهم يجهلون تماما المعايير التي تفتح بها عيادات الطب البديل و تمارس من خلالها نشاطاتها حيث لا يعلمون بالضبط أن كانت المحددات اقتصادية تجارية أم طبية علمية وفي ذات السياق أعربوا عن تساؤلهم عم معيار الأسعار المطبقة إذ تساءلوا عن الأسعار الخيالية التي تباع بها هذه الوصفات التي غالبا ما يجهل مصدرها إذ وحسب محدثينا فان الأسعار المطبقة تنم عن أعشاب يؤتى بها من الكواكب الأخرى. إذ لا يعقل أن تباع قنينة صغيرة بحجم قنينة بنيسيلين ب 2مليون دينار فهل هذا هو الدواء أم انه مستخرج من دموع النمل.وعلى العموم رأى هؤلاء في العملية برمتها تحايلا على القانون وعلى المواطنين أكثر منه علاجا .ودعوا في الختام إلى ضرورة تدخل السلطات العمومية لوضع حد لهذه الظاهرة المضرة لجيوب المواطنين وتنظيم المهنة بشكل يسمح لذوي الاختصاص والكفاءة من ممارستها.