كشفت حادثة انفجار المواد النفطية للوقود المحمل على متن قطار السلع والذي اصطدم بقاطرة جر في اتجاه معاكس، داخل نفق عمال بالأخضرية ولاية البويرة، مدى خطورة الحرائق وضرورة توفير الإجراءات الأمنية المؤمنة والمرافقة لحماية الأشخاص بالدرجة الأولى، وباقي العناصر المحيطة بأي حادث محتمل، خاصة وأن عملية الصيانة وسقوط الأرواح قد تكون مضاعفة في غياب إجراءات الأمان. وفي ذات السياق، فقد أشارت المراسيم والقوانين الجزائرية إلى ضرورة اتخاذ التدابير التي تعزل الحرائق المندلعة لمختلف الأسباب، واستخدام الوسائل والآليات الكفيلة لمقاومة مخاطر الحرائق لفترات تمتد من ساعتين إلى أربع ساعات - حسب حجم وأهمية المكان- وفي الفترة التي تسمح بتدخل أعوان الحماية المدنية، لإطفاء النيران، ومن أهم تلك القوانين التي سطرتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية الأمرية رقم 76-4 المؤرخة في 20 فيفري 1976، والقرار رقم 00149 الصادر في 15 جويلية 1976 عن وزارة الداخلية، إلى جانب المرسومين رقم 76-35 و76-36 على التوالي الصادرين سنة 1976. وعليه، فإن الدهن المضاد للحرائق يبقى أهم المواد المستخدمة في العديد من الدول ولا سيما الدول الشقيقة ودول الجوار، حيث يستعمل ذات الدهن خصوصا على هياكل البناء التي يفوق طولها 28 مترا علوا، إلى جانب الأنفاق، ومختلف الأماكن التي بها طاقات كبيرة لتجمع الأشخاص. ومن المؤكد أن بداية النار بشرارة صغيرة، لا يمكن التحكم فيها مهما كان مصدرها، وتتحول فيما بعد إلى حريق، ويبقى حريق مركز التوزيع الهاتفي بالبريد المركزي بالجزائر العاصمة خير دليل على ذلك، إلى جانب الحرائق التي عرفتها السجون الجزائرية في منتصف التسعينيات، وتكون الحرائق في فصل الصيف متعددة المصادر، ولهذا تطرح أولا ما هي الإجراءات الأمنية التي كانت في الأصل؟ وثانيا ما هي الإجراءات الأمنية المرافقة؟، وهنا نشير إلى حادثة نفق "سولامونش" بين إنجلترا وفرنسا، حيث اندلعت النيران بإحدى عجلات القطار، وتم إطفاءها من دون علم السائق. وبخصوص الانفجار الحاصل بنفق الأخضرية، فإن الخرسانة المزود بها الجدار الداخلي للنفق، هي الأخرى قد تأثرت في تركيبتها نتيجة ارتفاع درجة الحرارة التي تراوحت ما بين 1200 و2000 درجة مئوية، حسب تقديرات الحماية المدنية، إضافة إلى نوعية المواد المشتعلة الممثلة في البنزين والمازوت، كما تأثرت التركيبة الخاصة بالمواد الطبيعية للجبل الممثلة في التربة والحجارة، هذه الأخيرة التي وصلتها الحرارة المرتفعة جدا، وتكون قد أفسدت تركيبتها الطبيعية هي الأخرى، حيث جفت بسبب الحرارة القوية وبالتالي لم تبق متماسكة فيما بينها، وهو الشيء الذي بات يتطلب حاليا دراسة جيولوجية مدققة تسمح بعدم انهيار الطبقة العلوية لتفادي كارثة أخرى. وفي السياق ذاته، فإن الاهتزازات الناجمة عن وسيلة النقل - القطار- داخل النفق على مستوى السكك الحديدية تصل 1500 اهتزاز في الدقيقة، حسب الدراسات التقنية، وستنتقل تلك الاهتزازات مع الوقت إلى المكونات الطبيعية غير المتماسكة، وهنا تطرح قضية هل أن السلطات اتخذت الإجراءات الخاصة لمواجهة هذا الطارئ الجديد؟.. حيث يشار أن المطلوب حاليا هو هدم جدار الجبل- إذا اقتضى الأمر ذلك- لتفادي انهياره مجددا. وعلى صعيد المشاريع السكنية، فإن بنايات الوكالة الوطنية لتطوير السكن "عدل" تصل غالبا 16 طابقا، وبحساب بسيط فإنها تقارب معدل ارتفاع 40 مترا، في وقت يحدد القانون أن تكون كل البنايات التي تصل ارتفاع 28 مترا، خاضعة للطلاء بالدهن ضد النار، على غرار طلاء الأنفاق بالمواد الدهنية. ورغم أن المواد الدهنية المضادة للحرائق لا تنتج إلا في ثلاث دول حصريا، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية، إسبانيا وإسرائيل، بمؤسسات متفرعة عبر العالم، غير أن مخترعا جزائريا توصل إلى تشكيل تركيبة خاصة به لمادة دهنية مضادة للحرائق، سبق له وأن عرضها في حصة تلفزيونية، تحت عنوان "رحالة"، بالتلفزة الوطنية منذ خمس سنوات. وقد اتصلت "المستقبل" بالمخترع عز الدين زواوي صاحب المبادرة والذي يمتلك ثمانية براءات اختراع في العديد من المجالات، حيث قال إن هناك تطورات على المادة بجعلها موافقة للمواصفات الدولية، بعد أن كلفه الأمر دفع أكثر من 60 مليون سنتيم، لدى معهد المواصفات بجنيف بسويسرا. وعن سر ذات الاختراع وكيفية التوصل إليه، قال المتحدث أنه قام بأبحاثه في الصحراء الجزائرية بالطاسيلي، موضحا "بعدما اكتشفت صلابة الألوان المنحوتة بآثار الطاسيلي والتي تعود لملايين السنيين وعددها يقارب عشرة ألوان"، وأفاد أنه توصل إلى أن تلك الألوان لم تتغير رغم ارتفاع درجة الحرارة العالية مع مر السنين، وبادر المعني إلى دراسة مكونات تلك الألوان، حيث كشف أن المكونات متواجدة في عصرنا الحالي. وأكد المخترع أن المادة الأساسية للدهن ضد النار "هي مادة طبيعية تتواجد بالصحراء الجزائرية"، وقد رفض محدثنا الكشف عنها لحماية اختراعه، وأضاف أنها نفس المادة التي كان التوارق قد استعملوها في دباغة جلود الجمال والبعض منها كزينة للنساء، موضحا أنه وبعد تحاليل معمقة وبعض الإضافات الأخرى "ثبت أن هذا الدهن الجزائري بإمكانه المقاومة لغاية 10 ساعات ضد حريق يساوي 2000 درجة مئوية". أما عن المواد الدهنية التي تمتلكها الشركة الوطنية للدهن، فقال المتحدث أن مكوناتها الكيميائية مستوردة، وهي خليط يقاوم ساعتين فقط، ولا يستعمل في جميع الأماكن باستثناء الأفران وبعض الأجهزة، على حد تعبيره. ويشار أن الجزائر احتضنت أيام 4 ، 5 و6 ماي الماضي، ملتقى دوليا حول مخاطر الحرائق بقصر المعارض بالعاصمة، حضرته أكثر من 30 شركة أجنبية ووطنية منها أربعة جزائرية مختصة أغلبها في العتاد الخاص بإطفاء الحرائق.