كشفت حادثة انفجار المواد النفطية للوقود المحمل على متن قطار السلع والذي اصطدم بقاطرة جرّ في اتجاه معاكس، داخل نفق عمال بالأخضرية، عن مدى خطورة الحرائق وضرورة توفير الإجراءات الأمنية الضرورية لتفادي الخسائر البشرية والمادية والمتمثلة أساسا في دهن مضاد للحرائق تفتقده جلّ المنشآت الكبرى في بلادنا، وقد أكّد مخترع جزائري اكتشافه لتركيبة فريدة لهذه المادة. ورغم أن المواد الدهنية المضادة للحرائق لا تنتج إلا في ثلاث دول حصريا، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية، إسبانيا وإسرائيل، بمؤسسات متفرعة عبر العالم، غير أن مخترعا جزائريا توصّل إلى تشكيل تركيبة خاصة به لمادة دهنية مضادة للحرائق، وقد اتصلت "الشروق اليومي" بالمخترع عز الدين زواوي صاحب المبادرة والذي يمتلك 8 براءات اختراع في العديد من المجالات، حيث قال إن هناك تطورات على المادة بجعلها موافقة للمواصفات الدولية، بعد أن كلّفه الأمر دفع أكثر من 60 مليون سنتيم، لدى معهد المواصفات بجنيف بسويسرا.وعن سر ذات الاختراع وكيفية التوصل إليه، قال المتحدث إنه قام بأبحاثه في الصحراء الجزائرية بالطاسيلي، موضحا "بعدما اكتشفت صلابة الألوان المنحوتة بآثار الطاسيلي والتي تعود لملايين السنين وعددها يقارب عشرة ألوان، وأنها لم تتغير رغم ارتفاع درجة الحرارة العالية مع مر السنين، بادرت إلى دراسة مكونات تلك الألوان، خاصة أن المكونات متواجدة في عصرنا الحالي".وأكد المخترع أن المادة الأساسية للدهن ضد النار "هي مادة طبيعية تتواجد بالصحراء الجزائرية"، وقد رفض محدثنا الكشف عنها لحماية اختراعه، وأضاف أنها نفس المادة التي كان التوارڤ قد استعملوها في دباغة جلود الجمال والبعض منها كزينة للنساء، موضحا أنه وبعد تحاليل معمقة وبعض الإضافات الأخرى "ثبت أن هذا الدهن الجزائري بإمكانه المقاومة لغاية 10 ساعات ضد حريق يساوي 2000 درجة مئوية".أما عن المواد الدهنية التي تمتلكها الشركة الوطنية للدهن، فقال المتحدث إن مكوناته الكيميائية مستوردة، وهي خليط يقاوم لساعتين فقط، ولا يستعمل في جميع الأماكن باستثناء الأفران وبعض الأجهزة، على حد تعبيره. ويبقى الدهن المضاد للحرائق أهم المواد المستخدمة في العديد من الدول ولاسيما الدول الشقيقة، حيث يستعمل خصوصا على هياكل البناء التي يفوق طولها 28 مترا علوا، إلى جانب الأنفاق، ومختلف أماكن التي بها طاقات كبيرة لتجمع الأشخاص. وبخصوص الانفجار الحاصل بنفق الأخضرية، فإن الخرسانة المزود بها الجدار الداخلي للنفق، هي الأخرى قد تأثرت في تركيبتها نتيجة ارتفاع درجة الحرارة التي تراوحت ما بين 1200 و2000 درجة مئوية، حسب تقديرات الحماية المدنية، إضافة إلى نوعية المواد المشتعلة الممثلة في البنزين والمازوت، كما تأثرت التركيبة الخاصة بالمواد الطبيعية للجبل الممثلة في التربة والحجارة، هذه الأخيرة التي وصلتها الحرارة المرتفعة جدا، وتكون قد أفسدت تركيبتها الطبيعية هي الأخرى، حيث جفت بسبب الحرارة القوية وبالتالي لم تبق متماسكة فيما بينها، وهو الشيء الذي بات يتطلب حاليا دراسة جيولوجية مدققة تسمح بعدم انهيار الطبقة العلوية لتفادي كارثة أخرى. كما أن الاهتزازات الناجمة عن القطار داخل النفق على مستوى السكك الحديدية تصل إلى 1500 اهتزاز في الدقيقة، حسب الدراسات التقنية، وستنتقل تلك الاهتزازات مع الوقت إلى المكونات الطبيعية غير المتماسكة.وعلى صعيد المشاريع السكنية، فإن بنايات الوكالة الوطنية لتطوير السكن "عدل" تصل غالبا إلى 16 طابقا، وبحساب بسيط فإنها تقارب معدل ارتفاع 40 مترا، في وقت يحدد القانون أن تكون كل البنايات التي تصل ارتفاع 28 مترا خاضعة للطلاء بالدهن ضد النار، على غرار طلاء الأنفاق بالمواد الدهنية.