بدون مقدمات تنفجر بالبكاء ابنتي التي تدرس في السنة الثانية ابتدائي وهي تصرخ وتحتج دون أن أفهم ما تريد قوله؛ لأن الكلام اختلط بالبكاء، أطلب منها الهدوء حتى أفهم ما الأمر، وفي كلمات غير مرتبة فهمت سبب بكائها وهو إلغاء حصة الرياضة البدنية لعدم توفر أستاذ، اعتبرت الأمر عاديا ولا يستحق كل هذه الضجة وأمرتها بالتزام الهدوء، إلا أنها تمسكت برأيها وتتحدث عن الأمر وكأنه كارثة ويجب أن أنبه المسؤولين وإلا ستقوم هي بتقديم شكوى ضد المؤسسة، كان المشهد مضحكا، خاصة وأنني لم أتوقع سماع تهديدا من طرف طفلة لم تتجاوز السابعة من العمر، ولكن في نفس الوقت نبهتني لنقطة مهمة وهو انفعالها الزائد وطريقة تمردها هو تعبير عن الطاقة التي لم تجد فضاء لتفريغها، فبقيت حبيسة في جسم صغير، وهذا دليل على أهمية ممارسة الرياضة في مرحلة الطفولة، حيث أن الجسم في نمو مستمر، فهو يحتاج إلى الرياضة للتأكد من أن العضلات والعظام والقلب والرئتين وكل الأعضاء الحيوية الأخرى تنمو بشكل طبيعي وسليم، بالإضافة إلى بناء الشخصية السليمة، فقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن الألعاب الحركية المنظمة والمواظبة عليها تعزز نمو الأطفال والشباب من الناحية البدنية والذهنية والنفسية بصورة صحية، وتزيد من الثقة بالنفس وتقدير الذات والشعور بالإنجاز وتحقيق التناسق. يهيئ اللعب الجماعي والألعاب الرياضية، وغيرها من الأنشطة البدنية، للأطفال الفرصة للتعبير عن الذات، والتفاعل مع المجتمع والاندماج فيه، وتزيد من قدرة الطالب على التعلم، وذلك من خلال تأثيراته على القدرات العقلية، فقد أشارت الدراسات إلى أن الطلاب الذين يشاركون في المسابقات الرياضية بين المدارس أقل عرضة لممارسة بعض العادات غير الصحية كالتدخين أو تعاطي المخدرات، وأكثر فرصة للاستمرار في الدراسة والتفوق وبلوغ أعلى المستويات الأكاديمية. وفي بداية العام الدراسي تكون الرياضة شيئاً مهماً جدًا بالنسبة للطفل، فهو ينجذب للرياضة كانجذاب البط للماء، فبمجرد أن يتعلم الطفل المشي يبدأ في الجري وراء الكرة، يتسابق مع نفسه، يحاول القفز في حمام السباحة، ويحاول جاهدًا ركوب العجلة، كثير من الأولياء يتجاهلون ممارسة أطفالهم للرياضة ويركزون على المذاكرة فقط، لكن من المهم أن يعرف هؤلاء أن كثيرًا من الأبحاث أثبتت أن الطفل يستطيع أن يحقق نتائج دراسية أفضل إذا كانت لياقته البدنية مرتفعة. إن اشتراك الطفل في رياضة معينة لا يؤدي فقط إلى إسعاده والحفاظ على صحته، لكن أيضاً يعلمه أهمية تحديد الهدف، المبادرة، الالتزام والعمل وسط فريق. ويتوقف استعداده لممارسة الرياضة على سنه ومدى نضجه الجسدي أو النفسي، أي مدى قدرته على العمل في فريق واتباع التوجيهات، بالإضافة إلى قدرته على تحديد اهتماماته، وتعتبر مرحلة الطفولة هي الوقت المناسب للتحدي والاكتشاف. شيء بسيط ولكنه مهم جدا، وإلغاء حصة الرياضة البدنية لسبب أو آخر يعني اختلالا في توازن الطفل الذي يعوضه بشغب وفوضى داخل المؤسسة التربوية ويمكن أن يؤسس لانحراف يكون فيه الطفل الفاعل والضحية في نفس الوقت، والفواصل ليست كلمات ولكنها تحدد معنى النص.