بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يقوم رئيس مجلس الدولة ومجلس الوزراء لجمهورية كوبا، السيد راوول كاسترو بزيارة إلى الجزائر وهي الزيارة الثانية له خارج كوبا بعد زيارته الأخيرة إلى روسيا، وهي دليل على نوعية العلاقات التاريخية بين الجزائروكوبا. ومعلوم أن العلاقات بين البلدين متميزة وتشهد نموا مستمرا وبالاتجاه الذي يخدم تطلعات الشعبين الجزائري والكوبي، خاصة وأن هناك أفاقا واسعة ورحبة لتعزيز وتشابك المصالح المشتركة وتبادل المنافع رغم البعد الجغرافي، ومعلوم كذلك أن كوبا كانت ضحية الإستعمار الإسباني ثم هيمنة الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل انتصار الثورة الكوبية (1959) حيث لعب البطل شيغيفارا أحد قادة وصانعي الثورة الكوبية دورا متميزا في الدفع بكوبا لإتخاذ مواقف ثورية بجانب الثورة الجزائرية المباركة، وبعد استقلال الجزائروكوبا أصبحتا دولتين قياديتين في حركة عدم الإنحياز من أجل مناصرة حق تقرير مصير الشعوب المضطهدة والمستعمرة بدون تحفظ أو تردد، ومنذ ذلك الوقت والتنسيق بين المسؤولين الجزائريين والكوبيين مكثف ومستمر ومبني على ثقة وتعاون دون تدخل في شؤون الطرف الآخر، فرغم التركيبة السياسية للنظام في كوبا المتأثر بالتوجه الشيوعي إلا أن ذلك لم يمنع الجزائر من تطوير علاقتها وحرصها على مساعدة الشعب الكوبي وتقديم تسهيلات للمؤسسات الكوبية للإستثمار في الجزائر. وهنا يجب التذكير بالموقف الإيجابي للشعب الكوبي تجاه حرب التحرير الجزائرية حيث شكلت كوبا أهم قوة ثورية في أمريكا الجنوبية بمواقف مناهضة للقوى الإستعمارية ومؤيدة معنويا وماديا لكل حركات التحرر الوطنية في عالم الجنوب. كان للرئيس الكوبي فيدال كاستور نفسه انشغال واهتمام متميز بالثورة الجزائرية، متجاوزا الحدود الدبلوماسية التي تقيد أو تؤثر سلبا على مسار حرب التحرير الجزائرية، ذلك ما عبر عنه الرئيس كاسترو عند استقباله بهافانا (مارس 1960) للسيد عبد القادر شاندرلي ممثل الحكومة الجزائرية المؤقتة في نيويورك وأمريكا الشمالية قائلا »منذ انتصاري على باتيستا وصلتني آلاف الهديا ومن أهمها هذا الوسام الذي جاء من الحكومة الجزائرية فهو يمثل في نظري قيمة لا تقدر لأنه التعبير المحسوس على المساندة التي يمدني بها شعب كان كفاحه يمثل بالنسبة لي- وخاصة في أحلك الظرف- مثالا حيا للشجاعة والصبر ومنبعا من الحيوية والأمل«. تأييد كوبا للقضية الجزائرية كان طبيعيا وتلقائيا ودون تحفظ أو تخوف على مصالح الدولة الكوبية، وشكلت القضية الجزائرية محل اهتمام خاص للرئيس كاسترو ومجالا لانتقاداته القوية للدول الغربية حيث جاء في أحد أقواله "إننا نؤيد حق الجزائر في الاستقلال مائة بالمائة، إنه من السخرية أن يزعم الفرنسيون بأن الجزائر فرنسية. إن الجزائر تنتمي إلى إفريقيا كما تنتمي فرنسا إلى أوروبا. إن الأممالمتحدة قد تدخلت في الكونغو وأرجو أن تفعل مثل ذلك في الجزائر، لكن من أجل الدفاع عن مصالح الجزائريين، ولكنني أتساءل هل تذهب القوة الأممية إلى الجزائر بمثل السرعة وبنفس الحماس الذي طارت به إلى الكونغو...." كما كان للجزائريين تضامن مطلق مع كوبا منددين بكل أنواع التهديد التي مارستها الدول الرأسمالية بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية على الثورة الكوبية. لقد صادف تصاعد حرب التحرير الجزائرية مع تضاعف التهديدات على كوبا (1959 - 1962) وإنزال قوات أمريكية على الأراضي الكوبية بهدف الاطاحة بالنظام الكوبي ووضع حد للتأثبر المتزايد للثورة الكوبية على حركات وثورات التحرر في أمريكا الجنوبية وإفريقيا. يشكل الاعتراف الجزائري بالتدعيم الكوبي خلفية ومرجعية لتعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين الجزائروكوبا، والتي تبدو خالية من المشاكل الثنائية مما سيمكن من تفعيل التعاون الاقتصادي في ما بين البلدين. والجزائر ترحب بالتعاون مع هذا البلد الصديق وتؤكد أن هناك فرصا عديدة للاستثمار سواء في مجال الرياضة أو الصيدلة والطب بصفة عامة والفنون والتجارة بالإضافة إلى تنظيم فعاليات تبرز الملامج الثقافية والاجتماعية المشتركة للبلدين. وأنا واثق من أن هذه الزيارة ستعطي دفعا جديدا للتعاون بين الجزائروكوبا وستنعكس نتائجها على مستوى العلاقات بين البلدين. إن هذه القمة تنعقد في ظروف بالغة الدقة، تتطلب من الجميع إرادة سياسية لمجابهة كافة التحديات الصعبة التي تواجه العالم وخاصة فيما يتعلق بالازمة المالية وتأثيراتها على الدول السائرة في طريق النمو. نرحب بالرئيس الكوبي وبالوفد المرافق له .