يشرع اليوم السودانيون في اقتراعات عامة تشمل انتخاب رئيس الجمهورية ونواب المجلس التشريعي الوطني والولاة والمجالس المحلية بالإضافة إلى انتخاب رئيس حكومة الجنوب وبرلمان الجنوب وذلك تجسيدا لاتفاقية السلام الشاملة التي وقعتها الحكومة في 2005 مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي يقودها حاليا ''سلفا كير''. ويتنافس في الانتخابات الرئاسية 12 مرشحا انسحب منهم 4 مرشحين أبرزهم صادق المهدي مرشح حزب الأمة المعارض وسعيد عرمان مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان، ويوجد من بين المرشحين إمرأة عن الحزب الشيوعي، ويرجح أغلب المتتبعين للشأن السوداني فوز عمر البشير رئيس المؤتمر الوطني الحاكم بهذه الانتخابات، مستندين في ذلك إلى حجم الإقبال الشعبي للتجمعات التي نظمها خلال الحملة الانتخابية مقارنة بمرشحين آخرين قد يكون أبرزهم منظر الحركة الإسلامية حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي. من جانبها أكدت المفوضية العليا لمراقبة الانتخابات السودانية في مؤتمر صحفي دولي بمركز المؤتمرات بالعاصمة الخرطوم أنها اتخذت كل الإجراءات لسد أي ثغرة يمكن أن تستعمل في عملية التزوير، حيث قال مختار الأصم أحد أعضاء المفوضية إن ''عملية التزوير لن تكون سهلة في هذه الانتخابات'' بل شدد على أن هذه الانتخابات ''لن تكون قابلة للتزوير''. وأوضح الدكتور مختار الأصم أن مفوضية مراقبة الانتخابات نظرت في مختلف التجارب الانتخابية في العالم وأخذت كل الاحتياطات اللازمة لمنع أي محاولة تزوير من أي حزب كان سواء يملك السلطة أو يملك المال، كاستعمال صندوق اقتراع يقفل بأربعة أقفال ولا يفتح إلا برقم مختلف عن بقية أرقام الصناديق، كما تم إعداد قائمة وطنية للناخبين ووضعها في قرص مضغوط وتوزيعها على الأحزاب السياسية بل ونشرها على موقع المفوضية على الأنترنيت حتى يسهل على أي شخص التأكد من عدم تكرار أي اسم فيها. وبالنظر إلى أن نسبة لا بأس بها من الشعب السوداني لا يملكون أوراق هوية فقد لجأت المفوضية إلى وضع ما يسمون بالعريفين في مراكز الاقتراع للتعرف على هوية المقترعين في مناطقهم الذين لا يملكون وثائق ثبوتية. من جانبه نفى رئيس المفوضية العليا للانتخابات أن يكون لوح بتقديم استقالته بسبب ضغوط قد يكون تعرض لها، وأكد التزامه بتصويت حر ونزيه وقال ''غدا سنبدأ الجزء الأخير من العملية الانتخابية للإدلاء بالأصوات لمدة ثلاثة أيام''. من جانبه اعترف البروفسور عبد الله الأحمد العبد الله عضو بالمفوضية بوجود مضايقات تعرضت لها الأحزاب السياسية في حملتها الانتخابية بالجنوب الذي يخضع لحكم ذاتي، وأشار إلى أن المفوضية اتصلت برئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب سلفا كير وطلبت منهما التدخل لمنع مثل هذه المضايقات.كما أقرت مفوضية الانتخابات السودانية تأجيل الانتخابات المحلية بجنوب ولاية كردفان الواقعة في وسط السودان لمدة 60 يوما بسبب انسحاب الحركة الشعبية لتحرير السودان من الانتخابات واكتفائها بالمشاركة في انتخابات حكومة وبرلمان الجنوب. سلفاكير يركز حملته الانتخابية على انفصال الجنوب انهى سلفا كير حملته لانتخابات الرئاسة في جنوب السودان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي وكانت تجربته الطويلة كمتمرد ضد الحكم المركزي في الخرطوم هي احدى مؤهلاته الاساسية في نظر بعض الناخبين. وخلال محطات التوقف في حملته الانتخابية اعطى سلفا كير الرئيس الحالي لجنوب السودان اهمية كبيرة لدوره كشاب في اول تمرد في الجنوب والذي انتهى عام 1972 وكأحد مؤسسي الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تقود الان حكومة الجنوب. وبعد تمرد جنوبي استمر لمدة عقدين ضد الخرطوم والذي انتهى بابرام اتفاق سلام عام 2005 يرى كثيرون في جنوب السودان من المسيحيين والوثنيين ان الاولوية الكبرى تتمثل في اعادة بناء منطقتهم. لكن الخطط الرامية لاجراء استفتاء اوائل العام القادم لتحديد ما اذا كان جنوب السودان سيظل متحدا مع الشمال ذي الاغلبية المسلمة ام سينفصل تمثل بصفة يومية بواعث قلق كبيرة بالنسبة للناخبين. وقال كير امام تجمع حاشد ''لم نشهد في هذه السنوات الخمس شيئا يمكن ان يجذب انتباه الجنوبيين على قبول الوحدة''. وقام كير الذي تولى السلطة بعد اتفاق السلام بجولة في المناطق الريفية النائية وسعى لربط نفسه بالاستفتاء القادم والاستفادة من مشاعر السخط الكبيرة تجاه الرئيس السوداني عمر حسن البشير في الخرطوم. واذا أدى التشاحن السياسي بين شمال وجنوب السودان الى تأجيل او الغاء الاستفتاء فإن جنوب السودان ربما ينفصل بأي حال رغم العواقب الوخيمة على الاستقرار في انحاء شرق افريقيا. والسباق من اجل اختيار زعيم جديد للولايات الجنوبية هو جزء اساسي من الانتخابات العامة الشاملة التي ستبدأ في 11 افريل والتي ستكون اختبارا مهما للديمقراطية الهشة في الجنوب. وانسحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان -التي تقود المقاطعة التي اعلنتها المعارضة- من الانتخابات في معظم شمال السودان متهمة الحزب الحاكم بزعامة البشير بالتزوير. ومن المتوقع ان تدعم الانتخابات التي ستجرى الاسبوع القادم حكم البشير المستمر منذ فترة طويلة وستحيط بها شكوك واسعة النطاق حول شرعيتها. وربما يتعين على سلفا كير العمل بجدية من اجل كسب اصوات. والمنافس الرئيسي لسلفا كير هو لام اكول الذي شكل الحركة الشعبية لتحرير السودان -وكانت حملة اكول الانتخابية اكثر هدوءا رغم حملة المضايقات التي تعرض لها عدد من اعضاء حزبه في بلدات جنوبية وهو ما اصاب المراقبين الدوليين بالقلق. وانفصل اكول عن المتمردين السابقين في اوج الحرب ليشكل جماعته المسلحة الخاصة به. ولا يبدو كير قلقا بشأن المنافسة. وقال كير في بانتيو حيث اصطف المئات من الاشخاص في ميدان كبير ''لست خائفا منه لانه اذا كنت ذاهبا الى منزلك فانك لا تتسلل في جنح الليل ولكنك تدخل في ضوء النهار''.