أجرت ''المستقبل'' حوارا مع المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية عبد الله غلام الله السيد عدة فلاحي، والذي تضمن الحديث عن ما راج مؤخرا حول الزيادات في عدد ركعات صلاة التراويح والتي اعتبرها البعض بدعة، اضافة الى مسألة التهجد وخفض مكبرات الصوت في المساجد، وعن الغلو والتطرف وقضايا أخرى كانت محل تساؤلات في هذا الحوار ... - ما هي الإجراءات التي اتخذتها وزارة الشؤون الدينية لشهر رمضان؟ ❊❊ باسم الله الرحمن الرحيم.. الإجرءات التي اتخذتها الوزارة ليست إجراءات استثنائية، وتقريبا هي نفس الإجراءات التي تم اتباعها في السنوات الفارطة؛ فبالنسبة لهذه السنة وقع تفكير ببعض المعاني وبعض الالتزامات والقيم وبعض المرجعيات التي ربما يتم تناسيها في ظل هذه التجاذبات، ولكن الشيء الأساسي الذي تم التركيز عليه هو احترام المرجعية الوطنية؛ بمعنى أن خدمة الدين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنفصل عن خدمة الوطن؛ أي أن الفصل ما بينهما لا يمكن أن نتقبله أو نستسيغه، حتى الذين يخدمون دينهم في الكثير من الأحيان يخدمونه من بوابة أخرى؛ بمعنى خدمة جهات خارج الوطن، وهذا كذلك غير مقبول، وقد شددنا عليه وقلنا إنه لا يمكن أن نفصل ما بين خدمة الدين والوطن، ولا يمكن القبول بخدمة الدين من بوابة أخرى، وهذا يجب أن يتبع بإجراءات عملية في الميدان، ويجب التنبيه أنه ليس من باب الإكراه أو الإلزام الإكراهي وإنما من باب التوجيه والنصح، لأن وزارة الشؤون الدينية تعتمد بالدرجة الأولى على التوعية وعلى الإرشاد وعلى التوجيه وعلى النصيحة وليس على العقاب، ولتجسيد ذلك وللحفاظ على المرجعية الوطنية والحفاظ على هويتنا من الجانب الديني ومن الجانب التراثي والتاريخي ومن دون تعصب، وهذا موجود في كل دول العالم التي تحافظ على ميراثها، قلنا إنه لا بد من قراءة القرآن الكريم برواية ورش في الصلوات العادية وفي صلاة التراويح، وهذا لا يعني أننا ننكر القراءات الأخرى كقراءة حفص ورواية قالون، وإنما من باب أن رواية ورش لها تاريخ طويل وعريض في الجزائر وفي المغرب العربي، وليس كما ادعى البعض بأننا نكره الناس على القراآن الكريم في الصلاة برواية ورش، فأداء الصلاة بغير قراءة ورش جائزة ومقبولة وليس كما يدعي البعض بأن وزارة الشؤون الدينية تقول غير ذلك. زيادة على ذلك، الوزارة لما وفرت المدارس القرآنية وقدمت اعانات للزوايا من أجل تخريج حفظة القرآن الكريم، الحمد لله تخلصنا تقريبا من العجز فيما يخص حفظة القرآن الكريم الذين يؤمون الناس في صلاة التراويح، وبالتالي أصبح من غير المقبول أن الذي يصلي أو يؤم الناس يقرأ من المصحف الشريف وإنما يكون حافظا لكتاب الله، ومن يتصدر لهذه المهمة يكون بطبيعة الحل ليس هو الإمام العادي وإنما طلبة القرآن الكريم الذين يتحصلون على ترخيص من الهيئات المعنية من المجلس العلمي أو مديرية الشؤون الدينية والأوقاف في كل ولاية. وأكدنا كذلك -وهذا جزء من تاريخنا ومنصوص عليه في المذهب المالكي- على أن تكون أربع تسليمات في صلاة التارويح اضافة الى الشفع والوتر، وفي كل تسليمة يقرؤ ربع حزب من القرآن الكريم؛ بمعنى ثمن في كل ركعة، وهذا ليس شيئا جديدا، بل معمول به منذ الاستقلال وقبله، وإذا أضفنا الشفع والوتر تصبح صلاة التارويح ست تسليمات، فهذا ليس بدعة بل هو جزء من تراثنا وقد جاء في مذهب الإمام مالك رحمه الله، والوزارة ليس صحيحا أنها عملت على تقليص مدة التراوبح وإنما أكدت فقط على أن المعمول به هو 4 تسليمات، لكن اذا اراد أحد أن يزيد في المدة أو يطول فهذا يبقى عملا فرديا، أما العمل الجماعي فمنصوص عليه أنه لا يجب أن نسبب المشقة والإرهاق للمصلين الذين فيهم الصحيح والسقيم، والكبير والصغير، وبالتالي القاعدة العامة المعمول بها حتى في عهد الر سول صلى علية والسلام أنه أن يكون الرفق بالمصلين، فإذا أراد الإنسان أن يطيل بشكل فردي فهذا يعود اليه، أما المزايدات عن تقليص المدة أو تحديد الوقت فهذا غير صحيح، فلا يوجد هناك تحديد وإنما التحديد هو في الثمن في كل ركعة؛ بمعنى ربع حزب في كل تسليمة. ------------------------------------------------------------------------ خدمة الدين لا يمكن أن تنفصل عن خدمة الوطن ------------------------------------------------------------------------ صلاة التراويح أربع ركعات جماعة ومن أراد فرديا أن يزيد فله ذلك ------------------------------------------------------------------------ وزارة الشؤون الدينية تعتمد على التوجيه والنصيحة وليس على العقاب ------------------------------------------------------------------------ التأكيد على قراءة القرآن بورش ليس إكراها وإنما لتاريخها العريق في الجزائر ------------------------------------------------------------------------ - إذن لا توجد إجرات جديدة فيما يخص وقت التروايح أو شيء من هذا القبيل؟ ❊❊ لا يوجد أي جديد وإنما هي مجرد تأويلات فقط، ونوع من فبركة بعض التصريحات ونسبها للسيد الوزير، وهذا غير صحيحا، خاصة ما تم تداوله في المدة الأخيرة من أن الوزارة طلبت من أصحاب المحلات المحاذية للمساجد أن توفر محلاتها في خدمة المصلين كي يصلوا فيها بدل أن يصلوا في الطرقات، وهذا غير صحيح فنحن ما ألزمنا أصحاب المحلات بشيء، وليست لنا لا القوة القانونية ولا القوة الشرعية كي نفرض على أصحاب المحلات المحاذية للمساجد أن يفتحوا أبواب محلاتهم للمصلين، فهذا غير معقول، وهو من الأشياء التي استنكرناها خاصة أنها لم تذكر على لسان الوزير. وزيادة عن هذا وبالنسبة لصلاة التهجد وبحكم أنها تأتي في الربع الأخير من الليل، ولدواعي أمنية ولأن بعض المساجد أو المصليات موجودة في مناطق نائية وفي أحياء ربما هي ليست تحت المراقبة وقد تستغلل صلاة التهجد لأغراض غير ما خصصت له، ألرمنا الإمام أن يتحمل المسؤولية وهو من يعطي الموافقة في صلاة التهجد ويبقى معهم أو ينتدب من يراه مناسبا ليخلفه. وفيما يخص ما يسمى بالاعتكاف طلبنا من الإمام المصلين الذين سيعتكفون، لأنه ربما يسغلقون المسجد وبعدها لا ندري ما الذي سيحدث، وهنا طلبنا أن يسجل أسماءهم ويأخذ بطاقة تعريفهم. في حالة واحدة فقط من كل الحالات السابقة، وهذا الظرف أصبح هو من يفرض نفسه ومعمولا به في جميع الدول، وقد نحن مررنا بأزمة والأزمة ما زالت بعض تداعياتها من خلال الحركات المتطرفة التي تستغل شهر رمضان المبارك لتجديد نشاطها، ودرءا لأي انحراف قلنا يجب أن نأخذ احتياطاتنا، خاصة وأن المسجد هو مؤسسة ولا بد من الحفاظ عليها. - وماذا عن قضية مكبرات الصوت، التي يبدو أن البعض لم يفهم المقصود جيدا؟ ❊❊شددنا على أن تستخدم مكبرات الصوت بشكل معقول، ونحن رأينا أن في صلاة الفجر تستخدم مكبرات الصوت بشكل غير معقول، ونحن نعلم أن الله جعل من الليل سكنا لنا، وفي السكان القريبين من المسجد فيهم المريض والشيخ ومن يعمل في الليل، وله القليل من وقت للراحة، وربما المرأة الحامل، التي تفزع من ذلك الصوت الشديد، فلا يعقل أن يستخدم الصوت بنفس العلو مثلما يستخدم في النهار وقت الظهر والعصر، لذلك فنحن طلبنا أن يتم استخدام منكبر الصوت بشكل معقول حتى يسمعه الناس بنوع من الهدوء وليس بنوع من الفزع، وهو مطلوب في الشريعة الإسلامية، وليس معناه أننا نتحكم في الأذان، أو نحاول تكميم الآذان فحاشا لله، ولكن لكل وقت آذانه، بمعنى أن نراعي هذه الخصوصية، حتى قراءة القرآن في صلاة التراويح تكون بصوت معقول، لأنك تقرأ القرآن لمن هم يصلون بالمسجد أو محيط المسجد، خاصة أن كل المساجد تقرأ القرآن، وهو ليس موجها للناس الموجودين في المقاهي أو الذين يتسامرون، وفي هذه المسألة لم نقل إننا نلغي مكبرات الصوت وإنما قلنا استخدام مكبرات الصوت بشكل عقلاني بحيث لا يؤذي المجاورين للمسجد. - وماذا فيما يخص الصلاة خارج المسجد؟ ❊❊ لا يعقل استخدام الشارع بدل المسجد، ورأينا أن المساجد تبقى فارغة وغير ممتلئة والناس يستخدمون الأرصفة والشارع، فهذا غير معقول وحتى شرعا غير مقبول، ومن جهة أخرى، هناك بعض الناس يصلوان في أماكن يسدون بها الطرقات، وحتى أنهم يأتون بسياراتهم ويغلقون كل منافذ العبور وهنا بعض السكان اشتكوا حيث يتلقون أحيانا صعوبات للمرور ففيهم من ينقل الى المستشفى في حالة طارئة أو استعجالات، ومن أجل هذا ودرءا لهذه المشكلة طلبنا أن لا بد من مراعاة حق السكان؛ لأن السكان لهم حرمتهم. - نعود الى شطر آخر.. ما هي أهم الملتقيات التي ستنظمها الوزارة في شهر رمضان؟ ❊❊ لا توجد هناك ملتقيات في شهر رمضان، لأن الملتقيات الثقافية والفكرية تكون خارج رمضان، وإنما تكون ندوات ومحاضرات على مستوى المساجد وعلى مستوى المراكز الثافية الإسلامية سواء في العاصمة أو الفروع التابعة لها في الولايات الأخرى. - ما هي أهم الشخصيات الدينية التي ستقومون بدعوتها الى الجزائر؟ ❊❊ هذه السنة لا توجد دعوات رسمية من الوزارة، أما اذا أرادت جمعيات من المجتمع المدني دعوة بعض الشخصيات العلمية والدعوية فهي حرة في ذلك. - لو تحدثنا عن الأجانب الذين يعتنقون الإسلام، هلا أعطيتمونا احصاءات عن عددهم وذكر بعض الحالات؟ ❊❊ لا تحضرني في الحال الإحصاءات، لكن الدخول في الإسلام ما زال مستمرا بشكل يومي في كل ولايات الوطن من ذكور وإناث ومن مختلف التخصصات؛ أي يعملون في مختلف المجالات، ومنهم من يملك مستوى ثقافيا معينا، وفي مناطق متعددة من الوطن، والشيء المؤسف أن وسائل الإعلام تركز على ظاهرة التنصير أكثر مما تركز على الذين يدخلون في الإسلام، خاصة في منطقة القبئل، كالبويرة، بجاية وتيزي وزو، وحتى في هذه المناطق التي تضخم فيها ظاهرة التنصير نرى أن هناك اقبالا كبيرا على الإسلام في هذه المناطق، فحبذا أن يتم التركيز على هذه المسألة، وهذا راجع الى أن المتواجدين في الجزائر اقتنعوا بمحض ارادتهم من دون اكراه، من خلال استماعهم للقرآن الكريم أو من خلال اختلاطهم بالجزائريين، والجزائريون معروفون بأنهم كرماء مع الأجانب ويعاملونهم معاملات حسنة، اقتنعوا بالإسلام واعتنقوه. - لاحظنا مؤخرا ظاهرة قيام بعض السلفيين بتوزيع قصاصات على المتبرجات في الشارع، ما رأيكم في هذه الظاهرة؟ ❊❊ هذا مرفوض سواء من طرف السلفيين أو غيرهم، ما عدا ما كان منها من الجهات الرسمية الموجودة في المسجد من كتب أو قصاصات التي تحتوي على ارشادات صحية أو دينية، أما خارج هذا فهو غير مقبول سواء كان بدر من سلفيين أو غيرهم، أما خارج المسجد فيبقى الأمر على عاتق السلطات العمومية. - طالب البعض مؤخرا بلجنة وطنية للحلال والحرام.. ما رأيكم؟ ❊❊ هذه دولة مؤسسات والتلاعب بالفتوى غير مقبول، لأنه لو استمعنا لأي شخص في هذه المسألة فلن ينتهي الأمر، فالدولة في هذه المسائل لها مؤسسات من وزارة التجارة الى وزارة الصحة الى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، فهذه الجهات تتابع في الميدان ان كان هذا اللحم حلالا من الناحية الشرعية أو مضرا من الناحية الصحية، ولا يمكن لملايين المواطنين أن يشهدوا أو يراقبوا هل هذا اللحم حلالا أم حراما، فهذه مؤسسات لها مختصون، فإذا قدموا موافقتهم من الناحية الشرعية والطبية فلا يجب أن يكون هناك تشكيك في هذه المسألة، ووزارة الشؤون الدينية لها مجالسها العلمية التابعة لها، ولا يمكن من أجل معرفة ان كان شيء حلالا أم حراما أن تنتقل كل وزارة الشؤون الدينية الى الهند، بمعنى هناك مؤسسات تراقب من الناحية الطبية، مثلما رأينا مؤسسة ذبح الحيوانات والتي قالت إن اللحم حلال، وحتى المسلمين في الهند موجودون بكثرة، لذلك فالغلو في قضية التشكيك في هذه المسائل وفتح الباب لكل من هب ودب يخلق فتنة ولا يخدم المواطن. ------------------------------------------------------------------------ الحديث عن إلزام الوزارة فتح المحلات بدلا من الشوارع للمصليين إفتراء ------------------------------------------------------------------------ من المؤسف أن يركز الإعلام على ظاهرة التنصير في منطقة القبائل ويتجاهل معتنقي الإسلام الجدد ------------------------------------------------------------------------ - المشكلة في استعمال الفتوى، حيث هناك من يستعملها في أغراض أخرى، وهناك من هو ليس أهلا لها؟ ❊❊ كانت لنا ملتقيات قدمناها فيما يخص الفتوى، وحذرنا وقلنا إن الفتوى يجب أن تكون لها ضوابط، ونبهنا لمن أراد أن يستفتي في أمور دينه أن هناك امام المسجد أو المجلس العلمي في كل ولاية، ونحن الآن في عصر العولمة فلا تستطيع تكميم أفواه الناس أو منعهم أن يتابعوا الفضائيات، فما علينا نحن سوى الإرشاد والتحذير، فلا تستطيع أن تضع مراقبا في كل بيت أو في كل مقهى انترنت، فالناس تدخلون للإنترنث ويشاهدون الفضائيات التي تستخدم منابر للفتوى، وقد حاولنا أن نقدم خدمات في هذا الباب، وحتى الموقع الإلكتروني للوزارة مفتوح لاستفسارات المواطنين الدينية، ونستقبل دائما فتاوى ونجيب اصحابها، وعلى مستوى المؤسسات الإعلامية وفرنا في التلفزيون والإذاعة من يفتي للناس، وإذاعة القرآن وقناة القرآن تقومان بهذا الواجب في هذه المسألة. - في الغالب الفتاوى الوافدة من الخارج لا تنطبق على ما نعيشه نحن في الجزائر؟ ❊❊ بطبيعة الحال، فمثل هذه الفتاوى نسميها الفتاوى العابرة للقارات، كما عبرنا عنها في مناسبات، فالفتوى مثل ما هو معمول به فقهيا مرتبطة بالمكان والزمان، وعكس ذلك مثل هذه الفتاوى العابرة قد تسبب مضرة كثيرة، وكان السيد الوزير قد ضرب لذلك مثلا لما كان يتابع في إحدى الفضائيات ومواطنة طلبت فتوى من المفتي تقول له بمعنى هل يجوز لها معاشرة زوجها الذي يدخن السيجارة، فالمفتي رد عليها بأن تطلب من زوجها أن يتوقف عن التدخين أو تطلق منه.. فالسيد الوزير أخذ هذه العينة كمثل وقال إن مثل هذه الفتاوى تخرب البيوت، فكيف لأحد أن يطلب فتوى من التلفزيون والمفتي وبكل بسهولة يقول له اطلب الطلاق، فهذه عينة من العينات التي لا تتوافق في مجتمعنا ومع مرجعيتنا في هذه المسائل ولهذا نحذر من بعض الفتاوى المستوردة. - نبقى في نقطة التطرف، ما هي مجهودات الوزارة في محاربة التطرف الفكري لدى بعض الشباب؟ ❊❊ برنامج الوزارة ممتد لسنوات، ويركز على المسجد، وهو المكان الذي تقوم فيه الوزارة بكل أعمالها وتطبق كل برامجها، وبالدرجة الأولى كان التشديد على أن يكون المسجد يتمتع بخطاب الاعتدال والتسامح حتى مع الأجنبي من خلال خطب الجمعة أو يوميا، واجتناب التطرف والغلو والتكفير، هذا زيادة عن أن الوزارة نظمت مؤخرا ملتقى الأمن الفكري ببسكرة، والذي استقطب الكثير من الباحثين والأكاديميين ونظمت محاضرات وكان هناك ضيوف حتى من الخارج من ليبيا وموريتانيا، والذين كان لهم تجربة قاسية في التعامل مع التطرف والغلو، فكان فيه اجماع على أن التطرف والغلو ليسا من صفات منطقة أو وليد منطقة المغرب العربي التي عرفت خلال قرون طويلة بالاعتدال والتسامح.