"أنتخب اليوم لصالح من يقود بلادي الجزائر نحو الاستقرار والازدهار" بهذه الكلمات البسيطة والعميقة في فحواها تعبر السيدة بديعة الحسنى الجزائري حفيدة الامير عبد القادر مباشرة بعد أدائها لواجبها الانتخابي عن شعورها في هذا اليوم "المميز". تدخل السيدة بديعة وهي الحفيدة الرمز لوجه ومن وجوه الجزائر العظماء الامير عبد القادر بخطى متثاقلة الى مكتب الاقتراع ويستقبلها السفير الجزائري بدمشق يتسارع جميع من بعين المكان الى مصافحتها أو تقبيلها لترد على الرغم من مرضها الذي ألزمها الفراش في المدة الاخيرة ببسمات "أميرية" وتجلس بعدها في صالون بغرض استراحة قصيرة ريثما تتمكن من الانتخاب. يدعوا القائمون على المكتب الانتخابي السيدة بديعة لتقديم ورقتها الانتخابية وهويتها تفتح حقيبة يدها الصغيرة وتخرجهما منها وتقدمهما بكل تريث لاحد منهم تساعدها بعد ذلك احدى الموظفات في السفارة للتوجه الى المعزل الخاص باختيار المشرح او المرشحة المختارة لتخرج لحظات بعدها والبسمة لم تفارق محياها أبدا وتضع ظرفها في صندوق الاقتراع. "إنه فعل أقوم به منذ سنوات طويلة" تقول السيدة بديعة مضيفة "ولم اتوان عن الادلاء بصوتي كلما اتيحت الفرصة لذلك". وفي ردها على سؤال حول أهمية هذه الانتخابات لم تتردد في تقديم اجابة مباشرة وصريحة : "أنتخب لصالح الذي أثق فيها وأعرفه ومن يقود البلاد الى الازدهار والاستقرار" تبتسم وتردف قائلة : " أنا متفائلة بخصوص مستقبل بلادي الجزائر لان أبناءها وطنيون وواعون بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم كما أنهم يعرفون قيمة الاستقلال الذي لا بد من المحافظة عليه". تلتفت يمينا وشمالا وكانها تبحث عن شباب من حولها لتخاطبهم : "عليكم بالمحافظة على هذا الاستقلال ودعمه بما يخدم مستقبل البلاد في هذا الزخم الذي يعيشه العالم ويؤكد بالتالي مكانتها بين الامم". تصمت السيدة بديعة لثواني ثم تعلق على الجو الانتخابي السائد بمقر السفارة "جو هائل واقبال كبير من قبل جاليتنا في سوريا اتمنى أن تكلل هذه الانتخابات بالنجاح التام لان الخير كله ينتظر في الجزائر". رغم عيائها وثقل السنين على جسمها الصغير تصر السيدة بديعة ذات ال84 سنة في أدب غير متناهي على التنويه بالحدث الانتخابي قائلة بأننا "ننتظر كل الخير منه" وعلى كل الجزائريين إدراك هذا الشيء لتتطرق بعدها الى التأكيد على ضرورة دعم المصالحة الوطنية الشاملة بين كل الجزائريين لأن هذه المصالحة -- كما وصفتها -- "مشروع عظيم" وعلى الجميع تبنيه. خلال الدقائق القليلة التي تحدثت فيها هذه السيدة الموقرة لم تنس لتذكر الجزائريين أينما كانوا بضرورة التآخي فيما بينهم والعيش بسلام وفق ما "دعانا اليه ديننا الحنيف" اضافة الى دعوتهم "للاعتزاز كثيرا بالانتماء الى وطن كالجزائر وصون كرامته وعزته بين الأمم". "الجزائريون واعون كثيرا بأهمية هذا الحدث الانتخابي" تقول السيدة بديعة الجزائري مبرزة بنبرة فيها شيء من المرارة أنه "صحيح أجبرنا على الاقامة في سوريا لكن يبقى انتماؤنا الاول والاخير للجزائر وللبلاد العربية عموما". يرافقها أحد العاملين بالسفارة في الأخير الى الخارج لتلتحق بمنزلها الكائن قرابة السفارة الجزائرية وكأنها تقول للجميع "أنا أشتم رائحة بلادي من هذه السفارة وأعوض بعدها عني برؤيتي وزيارتي من حين لأخر للأعضاء العاملين بها".