قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة)، وفي الأثر: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، فالصدقة والمعروف والإحسان يُقابل دوما بالإحسان، ولذلك ينبغي لمن كان مكروبا أو مبتلى أو مصاب في جسده وسعى متوكلا على الله لإزالة ما نزل به من الكرب والمرض فلم يرتفع ما عنه به فعليه بالصدقة، فإن لها من التأثير بإذن الله الشيء العجيب، وحتى يحصل ذلك التأثير وينتفع المرء بصدقته هذه نصائح وتوجيهات لمن تصدق وأراد أن يرى ثمرة الصدقة وأثرها لدفع البلاء. فأولا: ينبغي أن تكون الصدقة من المال طيب، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ). ثانيا: إخراج الصدقة بنية الشفاء؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيِّات وإنما لكل امرئ ما نوى)، فالنية لها تأثير عجيب في أن تُؤتي الصدقات ثمارها. ثالثا: أن الصدقة حسب حجم مال المتصدق، فإذا كان غنياً فليكن كريما سخياً، فلا يبخل عن نفسه لأن الله تعالى يقول: (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) (محمد: 38). رابعا: اجعل الصدقة خالصة لوجه الله تعالى؛ فكلما كان العمل أكمل وأعظم إخلاصاً لله تعالى كلما كان ثوابه وثمرته أكمل وأعظم، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)، فهذا من إخلاصه في صدقته بلغت به أن جعلته في ظل العرش يوم القيامة. خامسا: حاول جاهداً أن تصل الصدقة لمن كان محتاجا إليها وموصوفا بالتقوى، فدعوة التقي أحرى أن تصل إلى الله تعالى ويحصل المرغوب، قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي). سادسا: عند التصدق بنية الشفاء لا تقل: سأجَرِّب. بل كن جازماً موقناً واثقاً بأن الله تبارك وتعالى سيشفيك، ولا تستعجل النتيجة، ولا تقنط ولا تيأس من رحمة الله، بل كن واثقاً بالله فهو الشافي النافع الكريم الذي إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، فأحسن الظن بالله وأنه سيشفيك، فالله عند حسن ظن عبده به، ولن يخذل الله أبداً عبده. سابعا: إن لم تر نتيجة لشفاءٍ بعد الصدقة وهذا ربما يحدث؛ فتصدق مرة أخرى وكرّر هذا ولا تقنط، وكن على تمام الثقة أن صدقتك لن تضيع أبداً، فهي محفوظة عند من لا يضل ولا ينسى سبحانه وتعالى، وإن لم يُكتب الله لك الشفاء فاعلم أن هذا لحكمة يعلمها الملك سبحانه وتعالى، فربما لا يشفيك حتى يُخلصك من ذنوب عليك، أو أنه سبحانه كتب لك درجة في الجنَّة لا تبلغها إلا بهذا البلاء فيُشدد عليك حتى تصل إلى هذه الدرجة. وأخيراً؛ إن شفاك الله وأبدلك سراء بعد ضراء فتوجه إليه بالشكر والحمد، وذلك حتى يمن عليك بمزيد من الرحمة والعافية، فقد وعد الله بالزيادة لمن شكره فقال: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ). والله نسأل أن يشفي كل مريض شفاءَ لا يغادر سقماً، وأن يجعل ما أصابه تكفيراً لسيئاته ورفعةً لدرجاته وحجاباً من النار.