الضعف، الفقر، وفقدان الإرادة السياسية تلك هي مقومات تفشي وانتشار الفساد في القارة السمراء التي تقدر ثرواتها الكامنة بأكثر من 1.7 تريليون دولار في قطاعات مثل الزراعة والسياحة والمياه، خاصة في ظل امتلاكها لمخزونات ضخمة قابلة للاستخراج من النفط الخام والغاز والفحم واليورانيوم تتراوح قيمتها من 13 إلى 14.5 تريليون دولار. وفي هذا الصدد، أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، أن التنمية في إفريقيا يواجهها العديد من التحديات منها نقص البنية التحتية، عدم الاستقرار السياسي، والفساد، مشيرة إلى إن الفساد الذي يكلف إفريقيا نحو 150 مليار دولار سنويا "يبعد الاستثمار ويخنق الابتكار ويبطئ التجارة". وانتقدت الوزيرة الأمريكية خلال مشاركتها في المنتدى السنوي للتجارة الأمريكية مع إفريقيا الأسبوع الماضي انتقدت ارتفاع التعريفات الجمركية وفساد مسئولي الحدود والبيروقراطية التي تعرقل التجارة البينية داخل إفريقيا وتكبح التكامل الاقتصادي الإقليمي. الفساد الناعم وعلى صعيد متصل حذر تقرير للبنك الدولي من أن ما يسمى "الفساد الناعم" يمكن أن تترتب عليه أضرار على النمو الاقتصادي العام والتنمية في البلدان الإفريقية بالقدر الذي يتسبب فيه الفساد الكبير وفضائح الرشوة التي تلقى اهتماما واسع النطاق وتغطية صحفية مثيرة في وسائل الإعلام. ويعرّف البنك الدولي في تقريره الذي صدر بعنوان "مؤشرات التنمية في إفريقيا لعام 2010.. الفساد الناعم" على أنه فشل الموظفين الرسميين في تسليم السلع أو الخدمات التي تدفع تكاليفها الحكومات. ويزعم التقرير أن الفساد الناعم أو المستتر متفش على نطاق واسع في جميع أنحاء إفريقيا ويؤثر سلبا على الفقراء في إفريقيا على المدى الطويل. فساد أشد سوادا من القارة كما أصدر مركز "النزاهة المالية العالمية" الأمريكي إبريل / نيسان الماضي تقريرا خاصا حول تهريب الثروات من القارة الإفريقية على مدى 38 عاما، واحتلت نيجيريا المرتبة الأولى ب89.5 مليار دولار، ومصر ب 70.5 مليار دولار، و الجزائر في المرتبة الثالثة ب 26.137 مليار دولار من حيث حجم الأموال المهربة. ورجح التقرير أن يكون حجم الأموال المهربة من إفريقيا بطرق غير مشروعة قد بلغ 1.8 تريليون دولار، والتي تفوق حجم المساعدات المالية المرصودة لتنمية القارة السمراء وتخفيف حدة الفقر والجوع والأوبئة، وتفوق أيضا حجم مديونية القارة. وأشار التقرير إلى فساد أشد سوادا من القارة ووضعيتها على جميع الأصعدة، يشير إلى أن الفرد الواحد في إفريقيا يفقد سنويا قرابة 989 دولار أمريكي منذ سنة 1970، وأن الأموال المهربة في 2008 زادت عن الناتج الكلي للقارة ب7%. واستنادا إلى التقرير ذاته فقد بلغ حجم الأموال المُهرَّبة إلى الخارج 2% من الناتج الكلي الإفريقي في العام 1970، وبلغ في العام 1987 أكثر من 11%. وتراجع في تسعينات القرن الماضي إلى 4%، ليرتفع في العام 2007 إلى 8%.