ليلةَ القدرِ ليلةٌ كثيرةُ الخيرِ، شريفةُ القدرِ، عميمةُ الفضلِ، متنوِّعةُ البركات، فمن بركاتها أنها أفضل من ألف شهر، قال الله عز وجل: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر: 3)، أي أفضل من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، ومن بركاتها أن القرآن العظيم أنزل فيها قال عز وجل: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان: 3)، ومن بركاتها أن من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه، وهي من البركات التي خصَّ الله بها هذه الأمة المحمدية، فهي أمةٌ مباركةٌ، وكتابُها كتابٌ مباركٌ، ونبيها نبيٌّ مبارك، والبركات التي أفاضها الله على هذه الأمة ببركة نبيها لا تعد ولا تحصى، ومن ذلك أنه قد بورك لهذه الأمة في بكورها، وبورك لها في أعمالها؛ فهي خير الأمم وأكرمها على الله. وليلة القدر هي ليلة الشرف والتقدير لهذه الأمة العظيمة الماجدة، وقد أشاد الله بفضلها في كتابه المبين فقال تعالى (إِنَّآ أنزلناه في ليلةٍ مُباركةٍ إنا كُنا منذرين * فيها يفرق كل أَمرٍ حكيم * أمراً من عندنا إنا كُنا مرسلين) (الدخان: 3، 5). وقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر). رواه البخاري ومسلم، وسميت بذلك لأنها ليلة شريفة عظيمة يقدر الله فيها ما يكون في السنة من أمور حكيمة، وقد ذكر أهل العلم فضائل ليلة القدر، ومنها أن الله أنزل فيها القرآن، وأنها خير من ألف شهر، وفيها نزول الملائكة، وكثرة السلامة فيها من العذاب، وأنزل الله في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة، وهي في رمضان قطعاً بل في العشر الأواخر منه في أوتارها وقيل في غير الأوتار، ويستحب قيامها وكثرة الدعاء والاستغفار والصدقة، لأنها موسم عظيم. يدل لذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري، فما أجمل أن يكون الصائم أحد رواد تلك الليلة.