_ الجزائريون يعتبرون الرقية المصباح السحري لحل المشاكل كريم بن عبد الله ربما ليس هناك شعب مهووس بالرقية الشرعية و"غير" الشرعية مثل الشعب الجزائري الذي بدأ ينسحب شيئا فشيئا من أوكار المشعوذين مع انبلاج فجر الصحوة الإسلامية٬ وليس من قبيل المغالاة أن نقول إن معظم الجزائريين شربوا من كأس الرقية٬ إن ليس من أجل سطوة جان٬ فمن أجل لسعة بعوضة ! . هكذا ينظر الجزائريون للرقية على أنها المصباح السحري الذي يحل المشكلات ويحقق الأمنيات ويمسح على الأسقام والعلل بيد حانية " سحرية " فيشفيها ٬ لذلك بتنا نسمع بمن يرقي بقراته حتى تدر الحليب٬ و من يرقي طناجره حتى تحل فيها البركة٬ ومن يرقي ملعب كرة القدم حتى تفض بكارة الشباك ويتحقق الهدف . رقية حسب الطلب العين اللامة٬ والسحر المدسوس والمدفون٬ و" قبائل"الجن التي تقرر فجأة أن" تستأجر "جسد أحد الغافلين عن ذكر الله٬ هذه الأمور التي تجب فيها الرقية تجاوزها الرقاة بكثير بل أصبحت من الأمور التي لا يحصل عليها الطلب كثيرا٬ لأن المسترقين ألقوا بين أيدي الرقاة انشغالات جديدة ليس تربطها بالرقية صلة رحم أو علاقة صداقة ٬ ولكن لأن المسترقين " غلب حمارهم " و دب اليأس في حياتهم٬ باتوا ينظرون للرقية على أنها طوق نجاة مثلما يعتبرها بعض الرقاة مصدر رزق و شهرة٬ فأصبحوا يقترحون على الناس النجاح في الدراسة و في العمل و التجارة و رقية من لا يصلي حتى يصلي٬ و رقية الكلب و الحمار حتى يشفوا من أمراضهم٬ والرقية من أجل زيادة محصول الخضر و الفواكه٬ و رقية خزان الماء حتى تحل فيه البركة ٬ هكذا قال الراقي عبد الحميد رميتة الذي سألناه حول الأمور التي يسترقي فيها الناس و أضاف قائلا : الواحد من هؤلاء الرقاة يرقي صهريج ماء بسعة 1000 لتر ثم ينقله في سيارته إلى الأحياء و يبيع اللتر الواحد من الماء الذي يقول عنه إنه مرقي ب 200 دج و يضيف الأستاذ رميتة : أما المنازل و الفلل أصبحت رقيتها مكلفة جدا حيث أصبح الراقي يحدد ثمن الرقية حسب المتر المربع الواحد الذي قد يصل إلى 1000دج٬ ونفس السياق استقدم أحد الأثرياء شابا متدينا تدينا مغشوشا ليرقي له فيلته الجديدة فأخذ الراقي المتر و بدأ يقيس طول وعرض كل حجرة ثم قدر رقية الصالون والمطبخ فقط ب 12 مليون سنتيم ! و تقول نبيلة حول نفس الموضوع : لأننا مستهدفون من أصحاب العيون التي تفجر تفجيرا٬ فقد استعنا براق٬ رقى لنا السيارة والبيت وحتى الطناجر والفرن فحلت البركة في بيتنا و لم تعد المواد الغذائية تنفذ بسرعة٬ ومن أغرب ما توصل إليه الجزائريون في " استثمار" الرقية٬ أن فريق وفاق سطيف توقع أن يكون المغاربة استعانوا بالسحر في مبارياتهم التي خاضوها معه وهو الأمر الذي ترك شباكهم عذراء٬ فقام رئيس الفريق سرار عبد الحكيم بأخذ دلو ماء من الماء المرقي إلى المغرب تحسبا للقاء الذهاب مع الوداد البيضاوي في إطار نهائي كأس العرب و قام برش الشباك٬ و بالفعل تمكن الوفاق من العودة بهدف ثمين من هناك كان له الأثر الكبير في الفوز بكأس العرب ٬ فهل أطفأ ماء الرقية نار السحر ؟! و طالما أن الرقية بإمكانها أن تحقق هذه النتائج المذهلة٬ فإننا نقترح على وفاق سطيف أن يرقي كأس العرب حتى يحتفظ بها بصفة نهائية !! لا نشك لحظة واحدة في أن للرقية التي تتم وفق الضوابط الشرعية اليد الطولى في شفاء الكثير من الأمراض التي ليس لها علاقة بالطب النفسي والعضوي٬ أما ما خرج عن هذا الإطار فيعد ضربا من ضروب التكيف النفسي مع شيء اسمه " الرقية " التي احتلت موقعا استراتيجيا في مجتمعنا٬ فكفى متاجرة بآلام الناس وأحلامهم أيها الرقاة .