توفيت أمي منذ ثماني سنوات، فتزوج أبي بغيرها وأنجب أولاداً، وهو يحب أولاده أكثر منا، وأنا صرت أكره أبي كثيراً؛ فهو دائماً يضربنا أنا وأخواني على كل شيء، وأنا دائما أدعو الله أن يرجع عقله.. أرشدونا ماذا نفعل؟ الجواب الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا، أما بعد: ربما أبوك يحنو على أبنائه ويُظهر حبه لهم لأنهم صغار في السن، بينما أنتِ وأخواتكِ صرتن في مرحلة المراهقة، والتي يغلب عليها التمرد والعناد و عدم سماع الكلام، فيظهر من سلوككن معه ما يجعله يفقد أعصابه، ويلجأ إلى آخر الحلول معكن وهو الضرب. والرجل يتعرض لضغوط الحياة ومشاق العمل وصعوبة الناحية الاقتصادية والمعيشية، مما جعله هذا يتحمل أعباء فوق أعباء. ربما أخطأ في تعامله معكِ أنتِ وأخواتك، ولكن الشيء المؤكد أن قلبه يمتلئ بحبكن، ولذا كنت أتمنى أن تضعي إيجابيات هذا الأب في كفة، ثم تضعي سلبياته في الكفة الأخرى؛ وهذا من باب الإنصاف في الحكم على الأشخاص. اعلمي أنه مع قسوة الأب وغلظته، حتى وإن كان الأب كافرا، فإن الله تعالى قد أمر ببرِّه، والتلطف في معاملته، ولا يجب مخالفته إلا في أمر فيه معصية الله، قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً" [الإسراء:23]. وقال تعالى: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [لقمان:15]. فتذكري الثواب الذي أعده الله لمن يحرص على إرضاء والديه خاصة في كبرهما. ابنتي الكريمة.. الأب مهما قسا وجفا فهو أب، أمرنا الله ببره والإحسان إليه، ولم يحدد الله صفة الآباء الواجب برهم، بل جعل الله الإحسان للوالدين طاعة له سبحانه، فبرك لأبيك هو واجب عليك وفرض، والله سبحانه وتعالى سيحاسبه على غلظته وقسوته معك. ابنتي الحبيبة.. حاولي التواصل مع إخوتك من أبيك لتكسبي ودهم، ولتذيبي ما علق في صدركِ من تفضيل أبيكِ لهم، حاولي كسب حبهم والتقرب إليهم، فالأطفال يرضون بالقليل من المشاعر الطيبة.