لا يوجد دولة في العالم تدعي الديمقراطية بالطريقة التي تدعيها فرنسا ولا توجد دولة تتشدق برعايتها للقوانين وحقوق الإنسان كما تتشدق بذلك فرنسا ، وهي في أدبياتها تعلن ذلك للملأ على أن ما تدعيه هو إرث تاريخي وسمة حضارية ، وحتى نكون منصفين فإن في فرنسا الكثير مما تدعيه على أرض الواقع ، ولا قياس أبدا بينها وبين مجموعة الدول العربية السائرة سلطويا في ركابها وركاب أمريكا ، غير أن الذي يؤخذ عليها هو أن معاييرها ومكاييلها هي المختلفة والمتناقضة والمزدوجة ، ودليلنا على ذلك بل من أدلتنا الصارخة والتي لا يختلف حولها إثنان ، هو أنها طالما كانت تطالب تركيا بالاعتذار لأرمينيا والأرمن عن جريمة ربما تكون حصلت ذات يوم وتركيا لا تعترف بوقوع ذلك ، في حين أن الجرائم الفرنسية المرتكبة بحق الجزائريين وغير الجزائريين في آسيا وإفريقيا وحتى في كندا والتي دامت مستمرة على مدى عقود وأجيال عديدة وباعتراف الكثيرين من قادتها ومفكريها وكان هولاند من أواخر المعترفين بما ارتكبته بلاده من جرائم وصفها بالوحشية في الجزائر ، ولكنه وبصفاقة ، لم يعتذر ، ودليل آخر على ما نقول هو أن فرنسا وغير فرنسا من حلفائها ممن يقرون بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان يرون أن المذنب وحتى المجرم عندما ينفذ محكوميته كاملة لابد وأن يطلق سراحه وقد فعلت أمريكا ذلك مع من ارتكبوا جرائم وحشية في العراق وغير العراق، غير أن الملفت هو أن إسرائيل الحليفة لفرنسا تطلق سراح المناضل الفلسطيني من جهة وتعاود اعتقاله من جهة أخرى ، وهذا ما حصل مع المناضل اللبناني جورج ابراهيم عبدالله الذي قضى محكوميته على جرم نضالي ولم تطلق سراحه ، ثم نراها تشرع لإعادة اعتقاله والتحفظ عليه ، فما شاء الله فهل لنا بعد ذلك ما نحتاج إليه في إثبات ما قررناه في مقدمة حديثنا من أن فرنسا كاذبة فيما تدعيه ؟ لا أظن ذلك وما على فرنسا إلا أن تصحح أغلاطها وتعود عنها معتذرة عن تلك المخالفات الصارخة . [email protected]