تقيم المكتبة الوطنية الإسبانية معرضا تحت عنوان "جلود على ألواح: تجليدات من الفن المدجن بالمكتبة الوطنية"، يرمي إلى التعريف بهذا النمط من فنون التجليد الإسبانية ذات الأصول العربية للكتب. ويعد هذا الفن النمط الأكثر شهرة في العصور الوسطى بإسبانيا وامتد بفضل جمالياته إلى أماكن أخرى من أوروبا، مشهورة بصناعة الكتب مثل نابولي أو فينيسيا في إيطاليا، كما وصل حتى المجر. ويضم المعرض مجموعة من الكتب المخطوطة من مقتنيات المكتبة الوطنية الإسبانية، ورغم أنها ذات طابع زخرفي إسلامي على أغلفتها، فإنها مكتوبة بلغات مختلفة غير العربية، منها الرومانسية (القشتالية القديمة المستخدمة في إسبانيا ذلك العصر) والعبرية واللاتينية، وتشتمل على موضوعات مختلفة من بينها الدينية والعلمية والتاريخية. وتمتلك المكتبة الوطنية ذخائر نادرة من المخطوطات المجلدة بأغلفة مزخرفة بأشكال الفن المدجن، ولا تعود أهميتها إلى كمها الكبير البالغ حوالي 300 كتاب ونوعيتها فحسب، بل أيضا إلى تنوع مصادرها وموضوعاتها.. وكان الطراز المدجن نتيجة لتعايش الحرفيين المسلمين والمسيحيين واليهود واستيعابهم لتقاليد الزخرفة الأندلسية وشربهم من مناهلها وإضافاتهم إليها، فأضحى يمثل طابعا خاصا. هذا بالاضافة الى تفضيل الأعمال غير المشهورة بين الجمهور من أجل تعميم المعرفة بها، حيث يُشترط أن تكون إحدى تحف التجليد في الفن المدجن ولم تُر من قبل. وبيّن سانتشيث الخبير الإسباني، أن هذا المعرض يهدف إلى عدة أشياء، أبرزها التعريف بعدد من نفائس الكتب المجهولة للجمهور، بل حتى لبعض العاملين بالمكتبة، وإجراء مراجعة للدراسات التي ظهرت للوجود حول الفن المدجن وتقديم ما يؤكدها أو يدحضها، وإجراء دراسة مختلفة عن التي أجريت حتى الآن حول تقنيات تجليد الكتب، وكما يقول الخبراء فإن "تقنيات زخارف الكتب يمكن استنساخها، ولكن تقنية تجليد الكتب تستلزم تعلمها". للإشارة فإن "المُدَجَّن" هو تعبير يرمز إلى المسلم الأندلسي، الذي بقي في بلاد الأندلس بعد هيمنة الملوك الكاثوليك عليها، ويطلق أيضا على أسلوب هؤلاء المسلمين في الفن المعماري والزخرفي. والفن المدجن من الظواهر المميزة والفريدة من نوعها للممالك الإسبانية في العصور الوسطى، ويمثل استمرارية جماليات الزخارف العربية الإسلامية في أشكال التعبير الفني بالممالك المسيحية.