أقدمت النيابة العامة للكنفدرالية السويسرية في الفترة الأخيرة على فتح العديد من الملفات التي لها ارتباط بسويسرا، حيث سلّطت الأضواء على وجه الخصوص على قضية وزير الدفاع الأسبق، خالد نزار، المتهم بارتكاب جرائم مزعومة خلال العشرية السوداء التي اندلعت عقب إلغاء الانتخابات البرلمانية في ديسمبر 1991. وفي هذا الصدد، فإن الضغوط التي مارستها المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان، مثل منظمة "تريال" غير الحكومية المعنية ب "مكافحة الإفلات من العقاب"، والفرع السويسري لمنظّمة العفو الدولية، اللتان تناديان منذ فترة طويلة بتخصيص المزيد من الموارد، وتشديد القوانين لتضييق الخناق على مرتكبي جرائم حرب، قد "آتت أكلها في النهاية"، فمنذ شهر جويلية الماضي، تم الربط بين مكتب المدّعي العام الفدرالي ومركز خبرة جديد متخصص في القانون الجنائي الدولي، يضمّ اثنيْن من المحققين من الشرطة الفدرالية، وثلاثة خبراء قانونيين. وكانت قد وجّهت منظمة "تريال" واثنان من الضحايا الجزائريين تهمة ارتكاب جرائم دولية خطيرة إلى اللواء المتقاعد خالد نزار الذي حل في زيارة إلى جنيف في أكتوبر 2011 بغرض العلاج ، واستدعي للمثول أمام القضاء بجنيف حيث تم استجوابه قبل أن يطلق سراحه. وفي شهر نوفمبر 2012، رفضت المحكمة الفدرالية السويسرية، طعنا تقدم به دفاع اللواء المتقاعد ووزير الدفاع الأسبق خالد نزار، دفع به لإبطال محاكمته من طرف العدالة السويسرية، على خلفية تهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، هذا القرار الذي اتخذته أعلى سلطة قضائية في سويسرا، من الناحية النظرية يمهّد الطريق، لمحاكمة خالد نزار في سويسرا، كما سيكون على الإدّعاء السويسري القيام بمهمّة تعتبر "معقّدة" تتمثّل في جمع أدلّة كافية على الجرائم المنسوبة لخالد نزار في الفترة مابين 1992 و1999. وفي الساق ذاته قال، مدير منظمة تريال، فليب غرانت أنه "لن يكون هناك أي تعاون من السلطات الجزائرية، ولذلك ستكون القضية صعبة جدا"، ويضيف أن "المزيد من الضحايا أصبحوا مستعدين للإدلاء بشهاداتهم، كما تُرى تسجيلاتهم بالفيديو على اليوتوب، ولكن كيف يمكن الوصول إلى هؤلاء الناس؟". والجدير بالذكر أنه في عام 2001، صادقت سويسرا على معاهدة نظام روما، التي قادت إلى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، ووفقا للقانون الجنائي السويسري الذي تم تكييفه، ودخل حيّز التنفيذ في 1 جانفي 2011، فإنه بات بإمكان القضاء السويسري محاكمة وملاحقة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب في أي مكان من العالم. في حين تم إسقاط الشرط القانوني الذي كان يُرفع سابقا، القاضي بأن يكون للمتهم علاقات وثيقة بسويسرا كأن يكون لديه أفراد من العائلة، أو لديه إقامة ثانوية فيها، وأصبح بالإمكان ملاحقة أي شخص متهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة خلال سفره إلى سويسرا أو إذا ما كانت لديه نيّة السفر إليها.