سادت أمس على مناطق واسعة من تونس حالة من التوتر السياسي والأمني, تزامنت مع تشييع جنازة شكري بلعيد القيادي المعارض الذي قتل برصاص مجهولين الأربعاء الماضي , وسط دعوات إلى إضراب عام ورفض رسمي لتشكيل حكومة تكنوقراط. وشارك الآلاف من أنصار الجبهة الشعبية والأحزاب الليبرالية والعلمانية وكل القوى الديمقراطية في جنازة شكري بلعيد, وسط إجراءات أمنية مشددة شارك فيها الجيش، وأعلنت السلطات التونسية أمس إلغاء جميع الرحلات الجوية من وإلى تونس بسبب الإضراب العام في البلاد، الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، وتباطأت حركة النقل صباح أمس في العاصمة التونسية بعد الإضراب، هذا وتجمع آلاف التونسيون أمام دار الثقافة في مدينة جبل الجلود جنوب العاصمة للمشاركة في تشييع جنازة بلعيد، وردد المشاركون شعارات مناهضة لحزب النهضة الإسلامي الحاكم في تونس، في الشأن ذاته، سبق تشييع بلعيد اشتباكات بين الشرطة التونسية ومحتجين في شوارع تونس العاصمة، أسفرت عن مقتل شرطي وإصابة 20 آخرين، أثناء محاولة العشرات الاقتراب من مبنى وزارة الداخلية للاحتجاج على اغتيال السياسي المعارض شكري بلعيد، وكانت الشرطة قد كثفت وجودها وسط تونس إلاّ أن مجموعات قليلة من المتظاهرين تمكنت من الاقتراب من مبنى الوزارة وإلقاء الحجارة، فيما عمدت الشرطة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، في السياق ذاته, قال رئيس الحكومة المؤقتة والأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي إنه تلقى الرسالة "إيجابيا" من حادثة اغتيال بلعيد، في إشارة إلى ضرورة الحسم في أزمة التعديل الوزاري بأسرع وقت وتجنيب البلاد مخاطر الفوضى، وفي مؤشر على استمرار الأزمة, قال رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة صحبي عتيق للتلفزيون الرسمي التونسي إنه تم رفض اقتراح تشكيل حكومة تكنوقراط, بينما قالت رئاسة الجمهورية إنها لم تتلق أي معلومات إثر تصريحات الجبالي بشأن الحكومة، وقال الناطق باسم الرئاسة التونسية عدنان منصر إن رئاسة الجمهورية تؤكد أن أي تغيير في السلطة يجب أن يتم في إطار الشرعية التي يمثلها المجلس الوطني التأسيسي، "فهو مصدر السلطة الأصلية" في البلاد منذ انتخابات أكتوبر 2011، على صعيد آخر وإزاء مخاطر عدم الاستقرار, دعت السفارة الفرنسية في تونس رعاياها -وعددهم 25 ألفا- إلى الحذر, بينما أغلقت المدارس الفرنسية التي تضم أكثر من سبعة آلاف تلميذ يومي الجمعة والسبت، وكانت وزارة التعليم العالي التونسية قد قررت غلق الجامعات ابتداء من أمس وإلى غاية نهار الإثنين ،كما تفاعلت الدبلوماسية الأمريكية بحذر مع الأزمة في تونس، منددة مجددا باغتيال بلعيد ومشيدة باستئناف الحوار بين الحكومة والمعارضة، وقالت الخارجية الأمريكية إن الولاياتالمتحدة لا تنوي حاليا تغيير إجراءاتها الأمنية الخاصة بسفارتها ورعاياها في تونس.