أيمن. س/ وكالات شارك آلاف التونسيين في تشييع جنازة المعارض اليساري البارز شكري بلعيد الذي اغتيل بالرصاص، الأربعاء الماضي أمام منزله في تونس العاصمة. وتجمع الآلاف أمس، في منطقة جبل الجلود جنوب العاصمة، ورددوا شعارات منددة بحزب النهضة والذي اتهمته أسرة بلعيد بتدبير حادث اغتياله. وانتظر المشيعون في طقس بارد ممطر خارج المركز الثقافي في العاصمة تونس، حيث سجي جثمان بلعيد، وهم يحملون صور السياسي القتيل، وردد البعض هتافات ضد راشد الغنوشي، ووصفوه بأنه قاتل ومجرم، ورددوا “تونس حرة ..الإرهاب برة”. وأعلن الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، الحداد العام في البلاد، فيما وقعت مواجهات عنيفة في عدد من المدن التونسية بين محتجين وقوى الأمن، كما أعلنت الخطوط الجوية التونسية أمس، تعليق جميع رحلاتها استجابة لدعوة الاتحاد العام للشغل للإضراب. وانتشر المئات من عناصر شرطة مكافحة الشغب في شارع الحبيب بورقيبة، أحد مراكز الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العاصمة تونس. وفي رد فعل على اغتيال بلعيد، قال رئيس الوزراء حمادي الجبالي المنتمي ل”حركة النهضة”، إنه سيشكل حكومة تكنوقراط غير حزبية لتسيير أمور البلاد حتى يتم إجراء انتخابات مبكرة. غير أن حركة النهضة وشركاؤه العلمانيين في الحكومة، قالوا إنه لم تتم استشارتهم في هذه الخطوة، مما ألقى بظلال من الشك على وضع الحكومة، وزاد من حالة عدم اليقين السياسي. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتيال بلعيد، المحامي والسياسي العلماني الذي أطلق مسلح الرصاص عليه بينما كان يغادر منزله في طريقه إلى العمل قبل أن يلوذ القاتل بالفرار بدراجة نارية. ورغم أن بلعيد يتمتع بتأييد سياسي متواضع لكنه في انتقاده اللاذع لسياسات حركة النهضة كان يتحدث بلسان كثيرين يخشون أن يخنق “متطرفون” الحريات التي اكتسبت في أولى انتفاضات الربيع العربي. ويوضح تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، أن الإضراب يأتي في ظرف اقتصادي واجتماعي بالغ الصعوبة، مع تعدد المظاهرات الاحتجاجية على البطالة والبؤس، وهما العاملان اللذان كانا وراء ثورة “الكرامة والحرية” عام 2011. ولا يزال الغضب يسيطر على الشارع التونسي في كثير من المحافظات، حيث خرجت مسيرات غاضبة يومي الأربعاء والخميس الماضيين تنديدا باغتيال بلعيد أحد مؤسسي الجبهة الشعبية. وقد عمدت حشود غاضبة إلى اقتحام وحرق مقرات لحركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم, والتي رفضت تحميلها المسؤولية عن عملية الاغتيال, بينما لم يتم التوصل بعد إلى تحديد هوية الجناة المتورطين. وعلى مدى اليومين الماضيين تجمهر الآلاف من الغاضبين أمام مقر وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة، وطالبوا باستقالة الحكومة المؤقتة ورددوا شعار الثورة الشهير “ديغاج” أو “ارحل”، متهمين الحكومة “بالتراخي في تطبيق القانون وردع المليشيات والتغاضي عن العنف الديني رغم التحذيرات المتكررة”. وقد رفض حزب النهضة اتهامات من معارضيه بتحميله المسؤولية عن اغتيال بلعيد، في حين توجه أصابع الاتهام بانتظام إلى جمعية “رابطات حماية الثورة” المعترف بها والتي يقول معارضون إنها “ليست سوى مليشيات مؤيدة للسلطة الإسلامية وأداة لضرب معارضيها”. من ناحية أخرى، وفي مؤشر على المخاوف من تفاقم الوضع، طلبت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان من السلطات حماية “الشخصيات السياسية المهددة”، بينما أعلن الاتحاد العام للشغل أن أمينه العام حسين العباسي تلقى عبر الهاتف تهديدا بالقتل من مجهول. كما أعلن رئيس الحزب الجمهوري المعارض أحمد نجيب الشابي أن اسمه مدرج على “قائمة شخصيات مستهدفة بالاغتيال” وأنه يتمتع بحماية رسمية. وفي تطور آخر، أعلنت الرئاسة التونسية أنها لا تملك أي معلومات بشأن حكومة جديدة تشكل من تكنوقراط. وقال عدنان منصر الناطق باسم الرئاسة التونسية “لم يتلق الرئيس استقالة رئيس الوزراء ولا تفاصيل حكومة تكنوقراط مصغرة أعلنها رئيس الوزراء”، مضيفا أن “رئاسة الجمهورية تؤكد أن أي تغيير في السلطة يجب أن يتم في إطار الشرعية التي يمثلها المجلس الوطني التأسيسي الذي هو مصدر السلطة الأصلية” في البلاد منذ انتخابات أكتوبر 2011. - أزمة حادة في البرلمان وتشكيل كتلة “حماية الشرعية” من ناحية أخرى، شهدت الأزمة السياسية التي تشهدها تونس، مزيدا من التفاقم خلال الساعات القليلة الماضية، في ظل دعوات متزايدة لحل المجلس الوطني التأسيسي “البرلمان”. وقرر عدد من أعضاء المجلس التأسيسي تشكيل ما أسموها “جبهة نيابية للدفاع عن الشرعية”، ردا على الدعوات المنادية بحل المجلس، فيما أعلن حوالي 50 آخرين تعليق عضويتهم لمدة “غير محددة”، وقاموا بالانسحاب من الجلسة الاستثنائية، التي عقدت الخميس، لمناقشة تطورات الوضع الداخلي، عقب اغتيال بلعيد، القيادي ب”الجبهة الشعبية”، والأمين العام لحزب “الوطنيين الديمقراطيين الموحد”. ونقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء “وات” عن النائب وليد البناني، من كتلة “النهضة”، قوله إن “قرار كتل الترويكا، مرفوقة بكتل الحرية والكرامة، وحركة وفاء، والمستقلين الأحرار، تشكيل جبهة نيابية للدفاع عن الشرعية، هو رد على دعوات تنادي بحل المجلس الوطني التأسيسي”، لافتاً إلى أنه “من بين من رفع هذه الدعوات.. الباجي قائد السبسي”.