تتجه أنظار كل المتعاملين التجاريين النظاميين وغير الشرعيين، على حد سواء، إلى الوزير الجديد مصطفى بن بادة الذي أوكلت له حقيبة التجارة المثقلة بالملفات الحساسة والتي تتعلق بشكل وطيد بالصحة العمومية وسيادة الدولة المالية، بعد أن عجز سابقه في الطاقم التنفيذي وزميله في المكتب التنفيذي ل "حمس" الهاشمي جعبوب عن احتواء ظاهرة التجارة الموازية رغم كل الجهود المبذولة خصوصا تلك التي تهدد الصحة العمومية وتكبد الخزينة العمومية خسائر بالملايير من الدينارات سنويا. كما يتساءل العديد من المراقبين عن الطريقة التي سيسير بها بن بادة كبريات الملفات التي تتعلق بالتكتلات الإقليمية والدولية ودور الجزائر فيها. ويبدو أن الوزير الجديد مصطفى بن بادة الذي ترك انطباعا حسنا لدى أعلى السلطات طيلة إشرافه على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرف والصناعات التقليدية، بالنظر إلى المردود الطيب المحقق على امتداد الخطتين التنمويين السابقين (19992004 و(2005 2009) في وضع لا يحسد عليه، لأن قطاع التجارة معقد مقارنة بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما أن الإرث الثقيل الذي ورثه عن سلفه في المنصب الهاشمي جعبوب، خصوصا في مجال التجارة الفوضوية والتهرب الضريبي والتقليد والتهريب المنظم عبر الحدود، ليس من السهل بمكان إيجاد الحلول لها على المدى القريب، لأن عمليات استئصال هذه الأورام تتطلب جهود كافة القطاعات والمتعاملين الذين يشكّلون الحلقة التجارية بمفهومها الواسع. وحسب مصادر عليمة بخبايا قطاع التجارة في البلاد، فإن الوزير مصطفى بن بادة سيكون أمام تحد كبير تفرضه المتغيرات والمستجدات، سواء الداخلية منها أو الخارجية، والتي تتطلب دراية وحنكة دبلوماسية في التعاطي والتعامل مع الملفات المعقدة، خصوصا ملف انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة وتصحيح الأخطاء الإستراتيجية التي سجلت في مسار علاقات الجزائر مع الاتحاد الأوروبي من خلال اتفاق الشراكة الذي دخل حيز التنفيذ في جانفي 2006، والذي سبق للوزير السابق الهاشمي جعبوب أن أكد أن الجزائر مستعدة للدخول في مفاوضات مع المجموعة الأوربية لتعديل العديد من قوانين الاتفاق، لاسيما تلك التي تبيّن لاحقا أنها تسير في اتجاه معاكس لمشاريع التنمية الداخلية ولا تخدم المصالح الإستراتيجية للدولة التي كانت تهدف لتحقيقها من وراء قرار الانضمام إلى اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. كما سيكون بن بادة أمام تحد آخر تفرضه تبعات انضمام البلاد إلى المنطقة العربية للتبادل الحر بعد حوالي سنة من دخولها حيز التنفيذ ومشاريع التفكيك الجمركي. وحسب مصادرنا، فإن الوزير الجديد لن يخرج عن الاعتراف المتفق عليه في مواجهة ظاهرة التجارة الموازية والتقليد، حيث سيحاول على غرار سابقه تغفيل دور مخابر الجودة والنوعية، كما سيعزز جهاز المراقبة وقمع الغش ربما بطرق وآليات جديدة عكس المناهج الكلاسيكية السابقة. ويستلم بن بادة حقيبة التجارة في ظرف متميز وحساس، أي قبل شهرين فقط من حلول شهر رمضان المبارك، والذي يتميز في العادة بتفاقم منحنيات المضاربة والاحتكار، خصوصا في المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع والنسيج أيضا، الأمر الذي سيعقد أكثر من مهمة الوزير الجديد الذي من المفروض أن تكون له فسحة زمنية لاستيعاب واقع حال بيت التجارة واتخاذ القرارات اللازمة وفي وقتها المحدد. وعكس كل التخمينات السابقة التي رجحت اسم سعيد بركات الوزير الأسبق للصحة وإصلاح المستشفيات، وزير التضامن الوطني الحالي، لتولي حقيبة التجارة في التعديل الحكومي الأخير بالنظر إلى "تكنوقراكيته" في تسيير أعقد الملفات، يبرز اسم مصطفى بن بادة الذي ينتظر منه الكثير في قطاع كتب عنه الكثير، لكن دون أن يتغير فيه الشيء الكثير.