أراد محمد السادس، في بداية هذا الأسبوع، جرجرة الجزائر ومحاولة توريطها في قضية الصحراء الغربية، فوجد نفسه متورطا في جرائم حرب ضد الإنسانية كان قد حضّر لها، لكن وقع في شر تدبيره بعدما انكشفت اللعبة. ولعل الهدف من الهجوم الوحشي على العزل في الصحراء الغربية ووقع قتلى بينهم وجرحى على يد الأمن المغربي، كان محاولة من نظام المخزن ضرب المفاوضات غير الرسمية التي تجري في مدينة هيوستن الأمريكية بين وفد البوليساريو مع المغرب، من أجل انسحاب الوفد المغربي وإظهاره أمام العالم على أنه لا يبحث عن السلام، وبالتالي إعطاء الشرعية للاحتلال المغربي على شعب كامل وابتلاع أرضه في طموحه المريض من أجل أطماع توسعية. كما أن النيل من الجزائر ومحاولة اظهارها على أنها تخترق حقوق الانسان في مخيمات تندوف، تعطي الانطباع ان الجزائر تحتجز قسريا الصحراويين في محاولة للمغرب إظهار اللاجئين على أنهم محتجزون في ظروف لا انسانية تحت "البطش" الجزائري، إلا أن المجزرة الرهيبة التي ارتكبها المغرب فجر اول امس ضد العزل من الشعب الصحراوي كشفت ألاعيبه وعرته بالكامل أمام المنظمات الانسانية والدولية. وفي الوقت الذي دعا محمد ابن عبد العزيز العالم وهيئة الأممالمتحدة إلى حماية الشعب الصحراوي، يبقى ضمير نظام المخزن مجمدا إلى حين، ويؤكد أكثر من ملاحظ أن التصرف المغربي الأخير ورد فعله الهمجي يعد آخر مسمار في نعش تواجده بالصحراء الغربيةالمحتلة، وهو أول فجوة النور التي تطل باستقلالها على الشعب الصحراوي، بعدما لم يعد للمغرب ما يخسره، لاسيما وأنه خسر كل أوراقه في لعبته التوسعية. وقد نددت الكثير من الهيئات الدولية المستقلة والحكومية اقليمية ودولية بالهمجية الاستعمارية المغربية التي تعرض لها الشعب الصحراوي الشقيق، الذي يدافع عن كرامته وعن استقلاله في بلده. فماذا بقي لمحمد السادس في الصحراء الغربية ليفعله بعدما احرق الصحراويون صوره وعلمه، غير حمل خيبته ولعنة التاريخ التي ستلاحقه والعودة إلى رشده. انطلق، منذ صباح أمس، الاجتماع غير الرسمي الثالث بين جبهة البوليزاريو والمغرب اليوم الاثنين بمنهاست تحت اشراف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالصحراء الغربية كريستوفر روس بحضور وفدي الطرفين وممثلي البلدين الملاحظين الجزائر وموريتانيا. ويقود الوفد الصحراوي رئيس المجلس الوطني للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية خاطري عدوح، ويتكون من المنسق الصحراوي مع بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء بالصحراء الغربية محمد خداد وممثل جبهة البوليزاريو بالأممالمتحدة أحمد بوخاري. وقبيل افتتاح الاجتماع، صرح رئيس الوفد الصحراوي لوكالة الأنباء الجزائرية أن "جبهة البوليزاريو جاءت الى هذا الاجتماع بارادة صادقة من أجل تسوية قضية الصحراء الغربية. كما أردف يقول: "لقد أبدت جبهة البوليزاريو دوما استعدادا لبذل جهود من شأنها أن تفضي الى تنظيم استفتاء حول تقرير المصير وبهدف السماح للشعب الصحراوي بالتعبير عن رأيه حول مستقبله في اطار الحرية والديمقراطية". من جهة أخرى، صرح نفس المتحدث "غير أن نيتنا الحسنة تصطدم بتعنت جديد للمغرب"، مثلما صرح به مرة أخرى العاهل المغربي محمد السادس في خطاب ألقاه يوم السبت بمناسبة الذكرى ال 35 لاحتلال الصحراء الغربية من طرف المغرب، وأوضح المتحدث أن "ما نأمله هو أن تجرى هذه المحادثات الخاصة بالاجتماع الثالث وأن تتواصل حسب جدول أعمال كريستوفر روس. دعا الرئيس الصحراوي والأمين العام لجبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى إيفاد بشكل "عاجل" بعثة أمنية تابعة لذات الهيئة إلى مدينة العيونالمحتلة قصد ضمان أمن وحياة المواطنين الصحراويين. ونقلت وكالة الأنباء الصحراوية أن الرئيس الصحراوي طالب بشكل "عاجل وملح"، في رسالة بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بإرسال هذه البعثة لتقوم في إطار مسؤوليات المنظمة الدولية عن الصحراء الغربية "كإقليم لم يتمتع بعد بحقه في تقرير مصيره بضمان حياة و أمن حقوق المواطنين إزاء بطش القوات المغربية". وأفاد الرئيس الصحراوي أن الأوضاع في مدينة العيونالمحتلة "خطيرة جدا" و"مرشحة للتفاقم"، مضيفا أن تلك "الجريمة النكراء" جرت وتجري في ظل وجود الأممالمتحدة الممثلة في بعثتها لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية المينورسو . وأبرز الرئيس الصحراوي أنه عقب تحول المخيم إلى ركام و خراب بعد العملية التي قام بها الجيش المغربي انتقلت المطاردات وأعمال القمع إلى مدينة العيون التي ما تزال متواصلة إلى هذه اللحظة. واطلع الرئيس الصحراوي الأمين العام للأمم المتحدة بالمعلومات التي تفيد بوقوع العديد من القتلى والجرحى والمعتقلين في صفوف المواطنين العزل، في وقت تم فيه تدمير العديد من ممتلكات الصحراويين من منازل ومتاجر وسيارات وغيرها. لقي 11 مواطنا صحراويا حتفهم وأصيب 723 آخر بجروح في الاعتداء الذي بدأته، منذ أول أمس، القوات المسلحة المغربية على "مخيم الحرية" (آقديم إيزيك) الذي يقع على بعد 12 كلم من مدينة العيون حسبما ورد اليوم الثلاثاء في حصيلة مؤقتة لوزارة الإعلام الصحراوية. وتشير حصيلة وزارة الإعلام الصحراوية إلى أنه تم تسجيل 159 مفقود و تخريب المئات من المنازل و المحلات والسيارات التي يملكها صحراويون. وأضاف نفس المصدر أن هذه الحصيلة قد تسجل ارتفاعا بالنظر إلى أبعاد الاعتداء "الوحشي" الذي نفذته القوات المسلحة المغربية. وعقب هذا الاعتداء الهمجي أعلنت أمس الثلاثاء الحكومة الصحراوية، عن حداد وطني يبدأ اليوم على شهداء "مخيم الحرية" بآقديم إيزيك. وقد أثار الهجوم البربري للقوات المغربية استياء الأممالمتحدة، التي قالت إن ما حدث أمر مؤسف وسيؤثر بشكل كبير على المفاوضات الغير المباشرة الجارية بمنهاست في نيو يورك بين جبهة البوليزاريو والمغرب حول مستقبل الصحراء الغربية. وفي ردود الفعل أيضا تظاهر اليوم المئات في المدن الإسبانية تنديدا بالاعتداء المغربي على مدنيين صحراويين عزل، واصفين ما حدث ب "العمل الجبان". أكد سفير الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بالجزائر، إبراهيم غالي، في حديث خص به "موقع الاذاعة الوطنية" أن جبهة البوليساريو ستذهب إلى جولة المفاوضات غير المباشرة، التي انطلقت بمنهاست بالولايات المتحدةالأمريكية، بإرادة صادقة ونية حسنة من أجل التقدم في هذه الجولة التمهيدية من المفاوضات للتحضر لأجواء مفاوضات رسمية بين طرفي النزاع المملكة المغربية، وجبهة البوليزاريو لتطبيق المشروعية الدولية ولخلق الظروف الملائمة لتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير مصيره واستقلاله. وقال غالي إنه لا يعتقد بأن الإرادة السياسية الحقيقية تتوفر لدى الطرف المغربي من أجل أن تكون هذه الجولة ناجحة، وذلك بالنظر إلى عملية التصعيد الممنهج والاستعماري الذي تمارسه سلطات القمع المغربية ضد المواطنين الصحراويين العزل في المناطق المحتلة وسياسة الهروب إلى الأمام، واصفا غالي خطاب الملك المغربي الأخير بأنه "دق لطبول الحرب"، موضحا أنه تميز بمنطق التهديد بالحرب والتهديد بالقمع ضد المواطنين الصحراويين العزل في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية. صرح النائب بالبرلمان الفرنسي، جون بول لوكوك، أنه تم ايقافه بمطار الدارالبيضاء المغربية في طريقه نحو العيونالمحتلة، وتم حجز تذكرته وجواز سفره من قبل مصالح الأمن المغربية ليتم إبلاغه لاحقا بأنه سيعود الى باريس، وبالتالي لا يمكن له التوجه نحوالعيون. وأضاف المتحدث في حديث للقناة الإذاعية الثالثة، أمس، أنه تم اخباره بأن الذهاب الى العيون ممنوع عليه، وبالتالي لا يمكن له الخروج من المطار وتم اعادته الى موطنه فرنسا. وأوضح أن الديبلوماسية لم تستطع فعل أي شيء له مع نظيرتها المغربية، ولم يتصل به أي ديبلوماسي، مستغربا عدم تحرك "الكي دورسي" للدفاع عنه. وكشف المتحدث أنه علم بأن الأسباب الحقيقية التي منعته من التوجه نحو العيون، تتعلق بمنعه من الإدلاء بشهادته فيما يتعلق بما وقع بمخيم العيون، أين تم مواجهات بين قوات الأمن والمواطنين الصحراويين، أدى إلى وفاة بعضهم وإصابة العشرات بجروح بليغة.