قال متعاملون ايطاليون متخصصون في صناعة وتحويل الخشب ومشتقاته، أمس، إن الجزائر بإمكانها التأسيس لصناعة ثقيلة في المجال تمكنها من سد وتلبية الطلب الداخلي والتصدير نحوالخارج بالنظر إلى الثروة الطبيعية الضخمة التي تتمتع بها، وأيضا لكون الخشب الجزائري هو من أجود النوعيات في المنطقة الجنوبية للمتوسط على اعتبار أنه مشتق من شتلات تصمد أمام كل المتغيرات المناخية مثل الرطوبة وتأثير الأملاح والصدأ. وقد أجمع معظم المتعاملين الايطاليين الذين نشطواو أمسو بفندق الهيلتون في العاصمة "اللقاءات الجزائرية الإيطالية الأولى حول الصناعات الخشبية"، على استعادهم للاستثمار في الجزائر ونقل كل خبراتهم وتقنياتهم إلى نظرائهم الجزائريين من خلال برامج مرافقة متوسطة وبعيدة المدى. ويشارك في هذه اللقاءات 7 مجمعات ايطالية عملاقة ذات صيت عالمي في مجال استغلال الخشب والصناعات المرتبطة به، إلى جانب قرابة 60 شركة جزائرية ما بين عمومية وخاصة. ويقول المتعاملون الايطاليون في لقاءات منفصلة مع "الأمة العربية" على هامش أشغال هذه اللقاءات استنادا إلى الإحصائيات والمعطيات التي جمعها المعهد الايطالي للتجارة الخارجية منظمة هذه التظاهرة المتخصصة، إنّ واقع هذه الصناعة بالجزائر لا يزال دون المستوى، وذلك رغم الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها الجزائر والتي تبقى غير مستغلة بنسبة 70 بالمائة، الأمر الذي يدفع بالبلاد إلى استيراد 80 بالمائة من حاجياتها في وقت يقول هؤلاء المتعاملون كان الأجدر بالدولة دعم المنتوج المحلي من خلال مرافقة ومساندة الناشطين في هذا المجال المنتج للثروة والقيمة المضافة والمستحدث لمناصب الشغل وهوالقطاع الذي بإمكانه أن يدعم حزينة الدولة بالمليارات من الدولارات.
سياسات الدعم والمرافقة انتشلت القطاع تدريجيا من حافة الانهيار
وحسب المعطيات التي قدمها، أمس، المتعاملون الجزائريون فإن قطاع تصنيع وتحويل الخشب يشغل حتى نهاية الثلاثي الثاني من العام الجاري أكثر من 9000 عامل ينشطون على 20 شركة ما بين عمومية وخاصة، يضاف إليهم أكثر من 3000 حرفي متخصصون في النشاطات المرتبطة بقطاع الخشب. وحسب المتعاملين الجزائريين الذين قدموا مداخلات قيمة حول واقع وآفاق الصناعات الخشبية في البلاد خلال هذه اللقاءات، أنّ قطاع الخشب عرف فترات صعبة ونزيفا حادا في الوعاء العام لهذه الثروة خلال السنوات العشر الماضية، بعد ما قررت الحكومة في سنة 2001 في إطار خطة الخوصصة غلق 10 مجمعات تابعة للنسيج الصناعي العمومي بسبب أزماتها المالية الداخلية وبالتالي إحالة أكثر من 20 ألف عامل على البطالة لكن وبداية من سنة 2007 بدأ القطاع ينتعش تدريجيا بعد أن أقرت الحكومة العديد من الإجراءات المحفزة في إطار سياسة دعم الاستثمار وتشجيع أصحاب المبادرات خصوصا فقي إطار مساعي استحداث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
رقم أعمال القطاع قدر ب 12 مليون أورو في 2009
وتشير آخر أرقام الديوان الوطني للإحصائيات، إلى أن قطاع صناعة الخشب في البلاد حقق رقم اعمال يقدر ب 12 مليون أوروفي 2009، وهو رقم ضعيف لا يعكس فعلا الإمكانيات المحلية في هذا المجال الذي ما يزال يعاني عجزا كبيرا، حيث لن يعد المنتجون المحليون قادرون على تجاوز سقف 200 ألف طن سنويا، وهو ما يمثل 15 بالمائة من إجمالي طلب السوق الداخلي والمقدّر حاليا ب 1.5 مليون طن بعد أن كان في حدود 800 ألف طن قبل حوالي 8 سنوات وذلك بالنظر إلى تنام الورشات والمنشآت التي استحدثت في إطار المخططين التنمويين الماضيين. وقد ربط المنتجون المحليون ضعف أداء القطاع بارتفاع أسعار المواد الأولية وثقل الأعباء الجبائية وانعدام التحفيز والمرافقة، وإصرار الحكومة على إنفاق المليارات لاستيراد الخشب، في وقت كان المطلوب منها تحفيز ودعم الآلة الإنتاجية المحلية ويضيف هؤلاء المنتجون قولهم "الجزائر تحوز على ثروة خشبية كبيرة بإمكانها سد العجز الداخلي والتصدير نحوالخارج". وحسب الإحصائيات التي قدمها، أمس، مسؤولو المعهد الايطالي للتجارة الخارجية، فان واردات الجزائر من الخشب ارتفعت من 300 مليون دولار سنويا في الفترة ما بين 2003 و2007، إلى 500 مليون دولار سنة 2008، قبل أن تتراجع نسبيا إلى 434 مليون دولار خلال العام 2009 وكانت الجزائر إلى غاية سنة 1991، تتموقع كرابع دولة مصّرة للخشب متوسطيا بعد اسبانيا والبرتغال وألبانيا.
المتعاملون الإيطاليون: مستعدون لنقل كامل خبراتنا لنظرائنا الجزائريين
وحسب العديد من الأخصائيين والفنيين الملمين بقطاع الخشب ويسيرون مكاتب للاستشارة والخبرة فإن الحكومة مطالبة حاليا بالتفكير في إيجاد حلول لهذا القطاع الحيوي والاستراتيجي مثل دعم الأنشطة المتصلة بقطاع الخشب ومشتقاته، خصوصا وأن نتائجها وجدواها الاقتصادية أكيدة، حيث أكدوا أن الجزائر لديها المؤهلات التي تمكنها من استحداث 50 ألف مؤسسة مصغرة سنويا في هذا المجال. من جانبهم، يشدد المتعاملون الايطاليون على ضرورة أن ترافق الدولة جميع المبادرات في هذا الاتجاه مؤكدين أنهم على أتم الاستعداد للمشاركة في كل المشاريع الاستثمارية بالشراكة مع المتعاملين الجزائريين وأيضا المساهمة في نقل خبراتهم وتكنولوجياتهم في مجال تحويل الخشب.