قد يبدون في واقع الأمر شباب طبيعيين يهتمون بالعناية بأنفسهم يرتدون الملابس الأنيقة ويولون عناية حد الهوس بمواضيع الأزياء والموضات الأخيرة الرجالية حتى أنها أصبحت شغلهم الشاغل. لم يعد تتبّع الموضة والانصياع وراء أخبارها وصيحاتها حكرا على اهتمامات الشابات والمراهقات وفقط؛ بل تعدى ذلك وانتقلت العدوى إلى بعض الشرائح الشبابية التي أخذت في اصطياد أخبار وآخر صيحات الألبسة الرجالية، التي باتت تشبه النسائية في كثير من التفاصيل، بلهف يتجاوز حد الهوس بدعوى الذوق الجديد ومسايرة آخر صيحات الموضة بعين الجنون. "سفيان" طالب ثانوي لم يخف عنا أنه من متتبعي الموضة والصيحات الأخيرة القادمة من وراء البحار فما لديه من "بوستارات" الخاصة بكبار الفنانين، الموسيقيين والممثلين العالميين دليله ومؤشره في أنواع الألبسة والموضات التي يجب عليه أن يتبعها، مؤكدا أنه يعتبر هذا أمرا ضروريا لجلب الاهتمام لاسيما أنظار الزملاء والزميلات في الثانوية. وأضاف زميله "سمير" بالقول إنه لم يجد حرجا في وضع قرط في أذنه لأنه وجد فيه شكلا من أشكال جلب الاهتمام والمتعة النفسية!! واستطرد من جانب آخر أنها "موضة القرط" جالبة للحظ "وكما ترى فهناك العديد من زملائي تشجعوا بعدي ووضعوا أقراطا على آذانهم لأنهم وجدوا فيه جمالية خاصة". أما كمال وهو متربص بمركز التكوين المهني بالقبة فقال لنا "إن شكل نجوم المسلسلات الأجنبية الجديدة وكبار اللاعبين في كرة القدم والمغنين العالميين أصبحوا النموذج الأبرز لي ولزملائي" وكل بحسب ما يهواه ويميل إليه، فمنهم من يعشق الكرة ومنهم من يحب الغناء ومنهم من لا يفارق المسلسلات الأجنبية ليصطاد نموذجه في قصة الشعر التي سيجربها أو لون السروال وشكله أو حتى القبعة التي يضعها على رأسه والجميع حريص على متابعة كل جديد حول مشاهيره عبر وسائل الإعلام أو الأنترنت. أما "حسنة" الطالبة الجامعية بقسم علم الاجتماع فقالت "قد يبدو مظهر هؤلاء الشباب مضحكا وحتى غير مستساغ البتة حتى وسط أهاليهم وداخل منازلهم، فالشاب الذي أخذ يظهر بمظاهر الفتاة يفقد الكثير قيمته الاجتماعية في عيون الآخرين، لأن المظهر يلعب دورا كبيرا ومؤثرا في تشكيل الانطباعات عن الآخرين، ونحن بحكم تكوننا لدينا مواصفات محددة للرجولة، وما أن يخرج الفرد عن المألوف العام للرجولة الموجودة في مخيلتنا حتى تهتز الصورة بالكامل". كما عبرت "سلمى" عن موقفها قائلة "أنا شخصيا لا أتقبل شابا يرتدي سوارا في يديه ويطيل شعره كالفتيات وقد يتجاوز تشبه بعض الفتيان بالفتيات حدودا لا يمكن وصفها والمشين أن هذا المد انتشر ليصل إلى كلياتنا ومعاهدنا الجامعية!". أما "لمياء" فقالت بأن هذا الأمر لا يزعجها ما دام هؤلاء الشباب يحافظون على شخصيتهم كما أن مبتغاهم هو الظهور بشكل جميل وملفت وهذا ليس عيبا في الشباب فالموضة هي الموضة، ولا يمكننا لوم من يقتفي آثارها خطوة بخطوة". ومن ناحيته، قال لنا السيد "الطاهر" إن الموضة أمر عادي إذا جاراها بعض الشباب ولكن الموضة ليست تلك الملابس الغريبة والتصفيفات العجيبة، ففي السبعينيات كانت لنا موضات خاصة ومنتشرة بين الشباب ولكنها كانت عادية وجميلة، وكذلك الموضات المحترمة الآن، ولكن ما نشاهده من شذوذ بعض الشباب في ملابسهم وتصفيفات شعرهم وأقراطهم وأساورهم يدعو للحيرة.