ما تزال ندرة زيوت السيارات ضاربة بأطنابها في مختلف جهات الوطن، سيما العاصمة التي تمتلك حظيرة سيارات بأكثر من 2 مليون عربة، حيث دخلت أزمة الندرة أسبوعها الرابع في ظل نقص الإمدادات، خصوصا الزيوت الخفيفة الموجهة للسيارات السياحية ذات القوة البخارية أقل من 5 اسطوانات، مما فتح باب المضاربة على مصراعيه حيث كسر، أمس، سعر العبوة الواحدة من زيت السيارات الخفيف سعة 5 لتر 2400 دينار، وهو الذي لا يتجاوز سعره الرسمي المعتمد في الأسواق النظامية قبل الأزمة 1200 دينار. أول بوادر هذه الأزمة حسب العديد من المواطنين الذين استطلعنا آراءهم فتعود إلى نهاية شهر جويلية الماضي، حيث سجل نقص كبير في الإمدادات على مستوى محطات الوقود المتخصصة في تسويق منتجات المؤسسة العمومية "نفطال" من مشتقات البترول، وعلى رأسها الزيوت وكذا نقاط البيع المعتمدة التي تمثل حصريا كبريات شركات التصنيع المحلية أو "الماركات" الأجنبية مثل "ألف elf" و"توتال" الفرنسيتين و"بريغستون" البريطانية خلال الأسبوعين الأولين من شهر أوت الجاري، تسويق مخزون شهري ماي وجوان الماضيين دون ان تستلم إمدادات جديدة مثلما جرت العادة، الأمر الذي جعل المخزون ينفذ بشكل سريع، خصوصا بعد أن راجت إشاعات بأن أزمة ندرة زيوت السيارات ستستمر مطولا ربما لشهرين أو ثلاثة اخرى، ما فتح باب المضاربة والاحتكار على مصراعيه، وبالتالي التلاعب بالأسعار في ضل الغياب شبه الكلي لمصالح المرقابة التي كان من المفترض التدخل في الأيام الأولى للازمة.
الندرة تتفاقم ودائرة المضاربة تتسع يوما بعد يوم
في محطات التزود بالوقود في حي الموز وحسين داي والرويبة والرغاية، حتى حدود ولاية بومرداس شرقا، ديكورها الأول هذه الأيام طوابير طويلة من مستخدمي السيارات المصطفة تنتظر الإمداد من شركة نفطال العمومية أو الشركات الخاصة الأخرى المحلية والأجنبية. وقد تحدثنا إلى العديد من المواطنين من اصحاب السيارات، حيث أكدوا لنا انهم اصطفوا في طوابير منذ ساعات الفجر الأولى بعد أن باءت كل محاولاتهم للظفر بالمادة على مستوى وكلاء بيع الزيوت المعتمدين الذين ينشطون أيضا في مجال التجارة بالتجزئة لقطع غيار السيارات، وقد رفض مسؤولو محطات "نفطال" التحدث إلينا بحجة أنهم لا يملكون الترخيص الرسمي للتحدث الى الصحافة في هذا الموضوع من طرف إدارة الشركة، مثلما باءت كل محاولاتنا للاستفسار عن الموضوع لدى مسؤولي القسم التجاري لمؤسسة "نفطال" بالفشل.
الطلب العالي في موسم الاصطياف والتهريب عقّدَا الوضع أكثر
الأخبار المتواترة والمعلومات المتوفرة، تفيد بان الطلب بلغ الذروة خلال شهري جوان وجويلية الماضيين وهو الموسم السياحي العالي الطلب، يضاف إليه المشاكل المنجرة من عن عمليات التهريب عبر الحدود للمشتقات البترولية ذات الطلب العالي، خصوصا الزيوت والإضافات الكيميائية الأخرى، سيما على الحدود الغربية وبدرجة اقل الحدود الشرقية، على اعتبار أن هذه الأخيرة مؤمنة بشكل استثنائي خلال الأشهر الأخيرة تبعا للاحداث والاضطرابات الأخيرة الحاصلة في كل من تونس ولبيبا. ولا يختلف الوضع كثيرا عن سابقه في محطات غسل السيارات والتشحيم في العاصمة، حيث لا اثر للزيوت بها منذ مطلع شهر اوت الجاري، والسبب عدم تمكن مسيري هذه المحطات من الحصول على طلبياتهم سواء لدى مؤسسة "نفطال" او شركة "توتال" الناشطة في السوق المحلية منذ 5 سنوات تقريبا وهي فرع العملاق الفرنسي لتصنيع الزيوت ومشتقات النفط، وبالتالي حيث تخلوا تدريجيا مع نفاذ مخزوناتهم على خدمة التفريغ "vidange" منذ حوالي 4 أسابيع. وفي هذا الصدد، تحدث إلينا "محمد.ب" وهو صاحب محطة لغسل السيارات في بلدية باب الزوار قال: "ننتظر الطلبية من شركة نفطال منذ 3 أسابيع تقريبا، نحن نتزود بصهاريج سعة كل واحد 200 لتر.. اليوم كل الصهاريج فارغة ولم أشأ التوجه إلى السوق الموازية، لأنني ببساطة لا أرغب في تشجيع المضاربة، لأن ضحيتها الأولى هو المواطن صاحب السيارة، فعوض ان أقوم له بالخدمة بسعر 1400 دينار، سأكون مجبرا على طلب 2200 دينار في حال اقتناء الزيت بسعر 600 دج للتر الواحد في السوق الموازية" أما زميله وهوصاحب محطة غسل السيارات في بلدية الدارالبيضاء فقد أكد أن الأزمة تفاقمت أكثر خلال الأسبوع الجاري ولا بوادر عن انفراج الوضع آجلا حيث قال :" حسب الأخبار التي تصلننا ومؤشرات السوق تدل على ان الندرة ستتواصل ربما لشهر أواكثر ودائرة المضاربة ستتسع أكثر في عياب المراقبة وستتعقد الأمور لان المادة لا غنى عنها وهي أساسية لسير 6 مليون سيارة ما بين وزن خفيف وثقيل وهو عدد الحظيرة الوطنية للسيارات حسب الإحصائيات الرسمية التي أعدت في 2010. وتعتبر هذه الندرة غير مسبوقة في سوق زيوت السيارات، حيث لم تشهد البلاد ندرة أونقص في الإمدادات بهذه الحدة منذ عقود على نقيض الوقود خصوصا المازوت والوقود بدون رصاص الذي عادة ما يشهد تموينه تذبذبا في السوق. استخدامها مرتبط بمستوى درجات الحرارة الزيوت "w 20- 50" و"w 10- 40" الأكثر طلبا في السوق
يزداد الطلب خلال الفترة الممتدة ما بين شهري ماي وسبتمبر وهي الفترة التي تتراوح فيها درجة الحرارة ما بين 28 و36 درجة مئوية على الزيوت الخفيفة وهي من فئة الزيوت المركبة دابل يو40 20 ودابل يو10- 50 لمحركات السيارات السياحية " من الوزن الخفيف بينما يرتفع الطلب خلال الفترة الممتدة ما بين شهري أكتوبر وافريل على الزيوت الثقيلة وهي زيوت دابل يو5 – 20 حين تكون درجات الحرارة في النطاق الموسمي بين 17 و24 درجة مئوية.