يرى روبيرت مالاي، وهو خبير دولي تستعين به الدبلوماسية السويسرية، أن سعي فلسطين للحصول على الاعتراف بها كدولة عضو في الأممالمتحدة ، سيخلق وضعا حرجا بالنسبة لجميع الأطراف.ويقوم مجلس الأمن الدولي حاليا بدراسة الطلب الذي تقدم به محمود عبّاس لكي تصبح فلسطين العضو 194 في المنظمة الدولية، وهي عملية يتوقّع أن تستغرق عدة شهور. في الوقت نفسه، فإن كلا من السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح، وإسرائيل تدرسان خطة جديدة للسلام طرحتها عليهما اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، التي تتشكل من الأممالمتحدة، والإتحاد الأوروبي، والولاياتالمتحدة، وروسيا.وروبيرت مالاي ، الذي عمل سابقا كمساعد خاص لبيل كلينتون، في مجال القضايا العربية الإسرائيلية، وهو يدير حاليا برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مجموعة تفكير يوجد مقرها ببروكسل ونحن نقترح عليكم هذا الحوار الذي خص به "سويس انفو". رفضت حماس المناوئة لحركة فتح الخطوة التي أقدم عليها محمود عبّاس، هل يُعدّ الإنقسام السياسي نقطة الضعف الأساسية بالنسبة للفلسطينيين؟ روبيرت مالاي: هذا الإنقسام ليس هو العائق الرئيسي. ولقد بيّن الشعب الفلسطيني من خلال رد فعله أنه يرحّب كثيرا بالمبادرة التي اتخذها محمود عباس. أعتقد أن حماس قد أخطأت تقدير حقيقة أن الناس يريدون حقا رؤية زعمائهم يتخذون موقفا قويا ضد المجتمع الدولي، وأن يصدعوا بوضوح بالموقف الفلسطيني في الأممالمتحدة من دون الخضوع لضغوط الولاياتالمتحدة او غيرها. وتجد حماس اليوم نفسها في عدم انسجام مع الرأي العام الفلسطيني، لكنها سوف تستمر في المراهنة على غياب نتائج ملموسة لتلك المبادرة على الأرض لعدة أشهر. ولدى حماس في الواقع مشكلة مع مبادرة عبّاس التي تقبل بالتعايش مع دولة إسرائيلية في حدود 1967، وحماس ترفض بهذا. أظهر استطلاع للرأي أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي قد اكتسب تسع نقاط عقب خطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة. هل سيساعده هذا على استعادة المبادرة على مستوى الساحة السياسية؟ روبيرت مالاي: كل خطاب من الخطابات الثلاث يستهدف جمهورا بعينه، بالنسبة للرئيس الأمريكي باراك اوباما، كان المستهدف هو الجالية اليهودية في الولاياتالمتحدة وفي إسرائيل، وبالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، فالخطاب كان موجها للرأي العام الداخلي، وللشعب الأمريكي، وأما بالنسبة لعبّاس، فهو يتوجّه إلى الرأي العام العربي، وبطبيعة الحال إلى الشعب الفسطيني. وكان هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي كذلك تعزيز موقفه في الداخل وفي الولاياتالمتحدة، وهو ما يبدو أنه قد تحقق خاصة وأنه لا يستبعد اللجوء إلى تنظيم انتخابات مبكرة في أي وقت في المستقبل. ويذكر هنا ان معظم الجمهور الإسرائيلي تنتابه شكوك عميقة تجاه الفلسطينيين، وقلق شديد حول ما يحدث في العالم العربي. ولا يحمّل معظم الجمهور الإسرائيلي نتنياهو المسؤولية عن المأزق الذي وصلت إليه العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. هل يعوّل محمود عبّاس، وربما حتى باراك أوباما على مرحلة ما بعد نتنياهو؟ روبيرت مالاي: الجميع يأمل في مرحلة أخرى تكون افضل من المرحلة الراهنة. وبالتأكيد عبّاس يأمل في ما بعد نتنياهو، بل وربما في ما بعد باراك أوباما.. أما هذا الأخير، فهو يواجه انتخابات صعبة، وهو يحتاج إلى كل الدعم الذي يمكن ان يحصل عليه، وحتى وإن تمت إعادة انتخابه، تظل هناك عقبة أخرى. في بداية ولايته الأولى، انخرط بقوة في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وقد اصطدم بعقبات حقيقية. وسيكون الآن على الجميع (فلسطينيون، وإسرائيليون، وأوروبيون، وأمريكيون) التفكير في كيفية إطلاق عملية السلام من جديد، التي لم تحرز تقدما يُذكر منذ 18 عاما. هل تمتلك مبادرة الرباعية للشرق الأوسط أي حظوظ للنجاح؟ روبيرت مالاي: إنها مبادرة غير واقعية إلى حد كبير. لقد أمضت اللجنة الرباعية شهرا كاملا في محاولة لصياغة موقف من طلب العضوية في الأممالمتحدة الذي تقدم به الفلسطينيون. وفي النهاية، كل ما امكن الخروج به هو دعوة طرفي النزاع إلى الإنخراط في مفاوضات تنتهي في غضون عام. تحاول اللجنة الرباعية ببساطة ان تقول من خلال مقترحا انها لا تزال موجودة. المشكلة أن المشروع الذي تقدمت به يمكن ان تكون له تأثيرات عكسية. هل ترى أن الفلسطينيين بصدد الاستفادة من صعود القوى الدولية الناشئة مقابل تناقص نفوذ البلدان الغربية؟ روبيرت مالاي: ليس هناك ادنى شك في أن القوى التقليدية، وخصوصا الولاياتالمتحدة بصدد فقدان الكثير من نفوذها وقوة تأثيرها. ولكن لا يوجد أي طرف آخر يستفيد من هذا الفراغ لفرض نفسه على الساحة الدولية. ولم نر إلى حد الآن أن هناك دولا أخرى ستكون قادرة على النجاح حيث فشلت الولاياتالمتحدة. ما نلاحظه هو ان المنطقة تمر بفراغ دبلوماسي في أعقاب تقلص تأثير ومصداقية الولاياتالمتحدة في المنطقة.صحيح ان تركيا تحاول أن تلعب دورا ما، ولكن هذا لا يمكنها من المضي قدما من اجل حل النزاع في الشرق الاوسط. والاحتمال الأكثر رجحان هو ألا تحل أي قوّة أخرى محل الولاياتالمتحدة، ولكن الفراغ الدبلوماسي الذي سوف ينجرّ عن ذلك يمكن ان يكون خطيرا جداحاليا لا يسعى أي طرف من اللاعبين الأساسيين إلى المواجهة. لا إسرائيل، ولا السلطة الفلسطينية، ولا حماس، لكن قد يندلع النزاع في أي لحظة بسبب سوء تفاهم، وحقيقة أننا نمرّ بمرحلة جديدة في المنطقة لا يزال يشوبها الغموض. ما هي الخيارات الأخرى الممكنة بحسب رأيك لخلق ديناميكية جديدة لحل هذا النزاع؟ روبيرت مالاي: قد يكون من الضروري وضع آليات جديدة مع إشراك لاعبين إضافيين من الساحة الدولية، أوالفلسطينية، والإسرائيلية، سواء المستوطنون، أو القوى الدينية، أو الإسلاميون او فلسطينيو الشتات، بحيث تتسع العملية لمزيد من الأطراف.وربما يكون كذلك من الضروري أن نفكّر في عناصر حل جديدة، لقد مرت سنوات ونحن نعلن أن الحل معروف (الحل التفاوضي الذي اقترحته إدارة كلينتون، ومبادرة جنيف...). فإذا كان الوضع على هذه الدرجة من البداهة، فلماذا لم يتم التوصّل إليه بعدُ. هذا لا يعني بالضرورة أن نتجاهل الإنجازات السابقة، بل إثراؤها عبر الانفتاح على لاعبين فلسطينيين وإسرائيليين جدد.