لا أدري لِمَ كلما رأيت صورة فرحات مهني أسترجع في مخيلتي المسلسل الكرتوني "دون كيشوت دي لا منشا" أو "دون كي خوتا" الذي كنا نشاهده ونحن صغار في فترة الثمانينيات على شاشة اليتيمة، ربما للتشابه الشكلي بين الشخصية الكرتونية وشكل فرحات مهني من حيث تقاسيم الوجه وحتى الشكل العام، ربما لهذا السبب تقمّص فرحات مهني هذه الشخصية الروائية التي أبدع فيها "ميغيل سرفنتس" وأراد أن يجسدها على أرض الواقع في شكل عصري، ولكن في قالب فرانكفوني طبعا رغم أن كاتب الرواية إسباني واليوم صار فرحات مهني مثل بطل المسلسل الكرتوني "دون كيشوت" يحارب الطواحين الهوائية، ولكنه في تقمص خارق للعادة راح يحارب طواحين سياسية بهراوة الانفصال والحكم الذاتي، لهذا راسل في العام الماضي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والبرلمان -هذا الأخير الذي أسرع في الموافقة على قوانين تجرّم الحراڤة ولكنه لم يتخذ أي إجراء لردع دون كيشوت الجزائر- من أجل الحكم الذاتي الذي يطالب به. والمفارقة أن "دون كيشوت" في الرواية لم يكن يصدقه سوى تابعه "سانشو" وكذلك "دون كيشوت الجزائر" لم يستطع أن يجمع حوله في المظاهرة التي أقامها في باريس العام الماضي سوى بعض "السانشوات" لأن الناس - حسب رواية سرفنتس - كانوا يعتبرون بطل الراوية مجرد مجنون، لذا لا أحد كان يتبعه، لهذا لا أحد يسأل فرحات مهني عمّا يفعله لأنه في حالة جنون مزمن، ولأن الجنون عنده في حالة متقدمة جعل نفسه يصدق أنه صار رئيسا فعليا لكيان معين فقام بتقديم طلب رسمي العام المنصرم لأجل المشاركة في قمة الاتحاد من أجل المتوسط الذي أقيم في 31 جويلية 2008 في باريس، ولا نعرف هل كان ينوي تمثيل العشرات من أتباعه أم يمثل نفسه رغم أن لا أحد فوضه ليطالبه "بالتحرر" وها هو اليوم يخاطب الأطفال في بلاد القبائل عبر جوال.. وبالله عليكم أليس الرجل به مس؟ رغم أن أهل القبائل تفطنوا أن أمثال مهني ليسوا سوى تجار يريدون بيعهم، إلا أن أمثال هذا الذي به مسّ لا زال يراهن على أحلام أكبر من حجمه، وما دام أن "دون كيشوتنا" المبجل وجّه رسائل لهيئات رسمية جزائرية وهيئات أخرى خارجية، فلن نستغرب إن طالب بمقعد في الأممالمتحدة، أو حتى بمكان لكيانه في حلف الناتو. والسؤال الذي يفرض نفسه الآن، ماذا لو استقبلت الجزائر مجنونا فرنسيا على أراضيها ليطالب باستقلال مقاطعتي الألزاس واللورين، أو يطالب بحكم ذاتي لجزيرة كورسيكا الفرنسية، كيف سيكون الرد الفرنسي على الجزائر حينها ..؟