تكللت الندوة الوطنية التي نظمت، أمس، بمناسبة إحياء أربعينية الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني الراحل عبد الحميد مهري، بإنشاء مؤسسة عبد الحميد مهري ومؤسسة رابح بيطاط، يكون مهامها النهوض بالقيم الثورية والحفاظ على وحدة الأمة الجزائرية، وكذلك الدعوة إلى بناء وحدة الشعوب المغاربية واتحاد المغرب العربي. نظم مناضلو حزب جبهة التحرير الوطني وأصدقاء الراحل عبد الحميد مهري، أمس السبت، بالمركز الثقافي عبد الحميد ابن باديس بقسنطينة، ندوة وطنية عرضوا فيها خصال الراحل عبد الحميد مهري ومسيرته النضالية، وهذا بمناسبة مرور أربعين يوما عن وفاته، تحت إشراف المحامي بوزيد كحول. الندوة حضرها مناضلون ونواب من الحزب العتيد ومنهم مولود مزاودة، فؤاد خرشي ومنتخبون من مختلف الأحزاب السياسية، حيث ذكر محمد العربي مهري، ابن شقيق الفقيد، بخصال عبد الحميد مهري ومسيرته النضالية، وحضر الندوة الوطنية مدير المجاهدين بولاية قسنطينة وأستاذة جامعيون. وفي كلمة له، قال المحامي كحول بوزيد وإطار بحزب جبهة التحرير الوطني، إن هذه الندوة جاءت في وقت كثر فيه التشويه لثورة نوفمبر قامة وقيمة، وقال الناس في جو من الحزن والشعور باليتم الوطني.. إن عبد الحميد مهري مات في وقت غير مناسب، وقال آخرون، مات الشاهد على العصر وأحداثه، وتنوعت صيغ التعبير عن رحيل هذا الرجل، مضيفا بأن الأمة التي لها رجل مثل مهري لا ينبغي أن تشعر باليتم. وتخللت الندوة تقديم محاضرات ولأول مرة يتم الكشف عن بعض الحقائق المسكوت عنها. مدير المجاهدين بقسنطينة: مهري أخرج الشهيد قاسم رزيق من نكرته يقول السيد عيسى بوسام، مدير المجاهدين بولاية قسنطينة، إن عبد الحميد مهري كان من الذين نادوا بأن تخرج القضية الجزائرية إلى العلن، وكان يرى أن هذا لا يتأتي إلا بوحدة الأحزاب ووحدة صف الحركة الوطنية بمختلف إيديولوجياتها وأن يكون هدفها واحدا. كما كان يدعو إلى توحيد المغرب العربي وربك مصيرها وينبه إلى مناورات المستعمر في تفريق الشعوب. ويكشف مدير المجاهدين أن الشهيد قاسم رزيق الذي تعود أصوله إلى عاصمة الزيبان بسكرة، كاد يبقى نكرة في التاريخ لولا عبد الحميد مهري الذي عرّف به وشدّ بيده وأخرجه من نكرته ومجموعة من المركزيين. وكان الشهيد قاسم رزيق هو من خلف عبد الحميد مهري في رئاسة اتحاد الطلبة الجزائريين في تونس. ويذكر عيسى بوسام أن عبد الحميد مهري كان قد قام بزيارة إلى ولاية بسكرة، ليتفقد حال الرجل أي الشهيد رزيق قاسم وأسرته وتدخل في تحسين وضعها، ونجل الشهيد قاسم رزيق هو اليوم مدير المجاهدين بولاية تبسة، إذ كانت هذه الزيارة زيارة وفاء للرجال مثل تلك التي قام بها إلى منطقة "الرجاولة" بولاية تيزي وزو، ليتدخل في تقديم المساعدة لأحد الأطفال من أجل إدخاله المدرسة.. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدل على أن الرجل لم يكن "جهويا" أو"عنصريا"، وكان لا يميز بين أبناء الجزائر وكان يضعهم في كفة واحدة. سعد بوعقبة: بن طوبال منح فيلا صغيرة لمهري حتى لا يبقى في العراء وفي محاضرة له، عرض الإعلامي سعد بوعقبة جانبا من علاقته بالأمين العام الأسبق عبد الحميد مهري، كاشفا أن المدة التي عايشه فيها والتي دامت 30 سنة عندما كان وزيرا للإعلام عام 1982، مكنته من التقرب منه أكثر والتعرف على معدنه النظيف، وكان ينسق معه في هذا المجال، حيث كلفه رفقة أربعة صحافيين بتنظيم الحملة لإعادة كبار المسؤولين في الحزب وكان ضمن المجموعة محمد الصالح يحياوي، عبد العزيز بوتفليقة باقي بوعلام وبلعيد عبد السلام وغيرهم، ولكن بعضهم تحوّلوا ضده، ومن هنا بدأت المؤامرة العلمية. كما أضاف الإعلامي سعد بوعقبة مذكرا كما جاء على لسانه بالطبخات التي طبخها مهري.. الأولى كانت عام 1953 عندما اشتدت أزمة حركة انتصار الحريات، طالب فيها الرئيس الراحل محمد بوضياف بتجاوز قيادة الحزب والنزول إلى القواعد النضالية، وكان عبد الحميد مهري وهو يؤسس لجنة الوحدة الثورية والعمل، كان يرى أنه من المستحيل خلق جهاز موازي للنظام. والطبخة الثانية يقول بوعقبة كانت عام 1958 تدخل فيها عبد الحميد مهري ليحل الأزمة التي عصفت بجبهة التحرير الوطني وبقيت الثورة بدون قيادة لمدة تسعين يوما مع ال CCE والحكومة المؤقتة وكان هو من أشرف على إعداد قائمة أسماء أعضاء الحكومة المؤقتة دون أن يدون اسمه، إلا أن الأعضاء أضافوا اسمه، ويضيف الإعلامي سعد بوعقبة: الأعمال التي رفض أن يلطخ يده بها وهي بعد وفاة هواري بومدين عندنا تقرر تنحية محمد الصالح يحياوي. ويكشف الإعلامي سعد بوعقبة أن عبد الحميد مهري رغم المسؤوليات التي شغلها، فقد كان هذا الأخير دون مأوى، ولم يتحصل على سكن محترم لولا الفيلا الصغيرة التي منحها له بن طوبال. كما يكشف ما جاء على لسان علي بن فليس، الأمين الأسبق للأفلان، بأن عبد الحميد مهري عندما أبعد عن الأفلان ترك في حساب الحزب 90 مليار سنتيم صرفت هدرا في أمور ثانوية. عضو محافظة سكيكدة السابق: عقد روما هو بيان أول نوفمبر 54 وال "سي عطاف ابن حركي" أما عضو محافظة سكيكدة السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الحميد عدايسية، أستاذ بجامعة سكيكدة، فقد قال إن عبد الحميد مهري كان يواجه تعنت الداخل وتآمر الخارج وكان ضد أن تحل مشكلة الجزائر بأجندة معينة، وبسبب مواقفه تحفظت فرنسا على قبوله كسفير عندما عين سفيرا عندها، يضاف المحاضر أن الجزائر في غيابه وهو حيّ يرزق سوقت في العهدات السابقة تحت حضارة البحر الأبيض المتوسط وأصبح الشعب الجزائري يحن إلى سانت أوغيستان. ويقول المحاضر: لو أجرينا قراءة واعية لعقد روما نرى أنه بيان أول نوفمبر 54، حيث كان عبد الحميد مهري يقول إن جبهة التحرير الوطني كانت واجهة ولم تكن حجة. ويكشف الأستاذ عبد الحميد عدايسية ولأول مرة، اللقاء الذي دار بين عبد الحميد مهري واليامين زروال عندما استدعاه هذا الأخير إلى مكتبه واقترح عليه أن يقوموا بحملة يستشهدون فيها بالقرآن. كما عبّر عضو المحافظة السابق لحزب جبهة التحرير الوطني لولاية سكيكدة، عن أسفه للوضع الذي وصل إليه عبد الحميد مهري في ما وصفه بزمن "الرداءة"، عندما يرفض رجل لا يشرف الجزائر أن يمنح جوازا دبلوماسيا لرجل في مكانة عبد الحميد مهري، حيث كشف المحاضر أن المسمى السّي عطاف وهو "ابن حركي" رفض أن يمنح لعبد الحميد مهري جوازا دبلوماسيا.