عصفت الخلافات من جديد بالمعارضة السورية، في وقت يستعد فيه مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان للكشف عن مضمون الرد السوري على مقترحات لحل الأزمة في البلاد.ويفترض أن يكشف أنان أمس عن الرد السوري على مقترحاته التي قدمها لدمشق السبت الماضي، حيث يعتقد أنه قدم مطالب تشمل وقفا فوريا للعنف وفتح الطرق أمام القوافل الإنسانية ومحاورة المعارضة، وفق تصريحات أدلى بها في أنقرة أمس ممثلون عن المجلس الوطني السوري بزعامة برهان غليون. وقال غليون بعد الاجتماع إن السوريين "في سباق مع الوقت" لتحقيق حل سياسي ودبلوماسي، لكنه حذر من أن بعض الدول ستنفذ وعودها بتسليح المعارضة إذا أصر نظام الأسد على مواقفه، داعيا لعقوبات "حقيقية" على هذا النظام. وأضاف أن" الجيش السوري يقتل المواطنين عيانا بيانا. إذا لم يوقف النظام السوري العنف ضد شعبه فسوف نضطر لفرض عقوبات قاسية. سوريا وصلت إلى منعطف خطير". ونقل عن أنان قوله إن المعارضة وافقت على وقف العنف والسماح بممرات إنسانية، لكن أنان لم يفصح عما إذا كانت قبلت مبدأ الحوار. خلافات حادة بعد ترهن الموقف الأمريكي
وفي خضم هذا التحرك، عانت المعارضة السورية من جديد من الخلافات والانقسامات، حين قدم أمس الثلاثاء ثلاثة من أعضاء المجلس الوطني السوري استقالاتهم قائلين إنهم كانوا يأملون أن يكون دور المعارضة السياسية في الخارج أكثر فعالية في دعم الثورة السورية. وقال عضو بالمجلس المعارض -رفض الإفصاح عن اسمه للجزيرة- إن الأعضاء الثلاثة المستقيلين، هيثم المالح وكمال اللبواني وكاثرين التل، بالإضافة إلى ثمانين عضوا من أعضائه البالغ عددهم 270 يعتزمون تشكيل جماعة معارضة جديدة تركز على تسليح مقاتلي المعارضة. وبرر المالح، القاضي السابق والمعارض منذ فترة طويلة لحكم أسرة الأسد وعضو بالمجلس التنفيذي للمجلس، استقالته بالقول إن المجلس "يموج بالفوضى بسبب غياب الوضوح بشأن ما يمكن أن ينجزه حاليا.. والمجلس لم يحقق تقدما يذكر في العمل على تسليح المعارضين". كما أكد المالح أنه سمع الكثير من الشكاوى بشأن الشفافية في عمل المجلس الوطني، وشعر بأن مواصلته العمل خارج المجلس ستكون أكثر فاعلية وفائدة للشعب السوري. أما كمال اللبواني، ليبرالي شكل جماعة داخل المجلس تحت اسم مجموعة العمل الوطني السوري، فأكد أن المجلس الوطني "غير قادر على تمثيل تطلعات الشعب السوري". وأشار اللبواني الذي أفرج عنه في ديسمبر الماضي بعد ست سنوات في السجن -ضمنيا- إلى صراع على السلطة داخل المجلس الوطني، رغم أنه امتنع عن الإدلاء بتفاصيل. من جهتها، ذكرت كاثرين التل -وهي أيضا عضو بالمجلس التنفيذي للمجلس الوطني ومحامية وناشطة في مجال حقوق الإنسان- أنها قررت الاستقالة حتى لا تتحمل المسؤولية عما أسمته "أوجه القصور والأخطاء السياسية" للمجلس. وقد دعا قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد كل أطياف المعارضة السورية إلى توحيد صفوفها. وقال في لقاء مع الجزيرة إن الجيش الحر وقع اتفاقا مع المجلس الوطني السوري على تقديم الدعم له -وخاصة المعنوي- ليستمر في خوض المعركة ضد النظام السوري. جهود دبلوماسية للصين وروسيا وفي إطار آخر، سعى رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو إلى التخفيف من حدة السخط الشعبي العربي بسبب موقف بلاده من الأزمة السورية، فقال في تصريح في ختام الاجتماع السنوي للبرلمان إن بكين لا تحابي أي طرف في الأزمة بسوريا. وأضاف "الصين ليس لديها مصالح خاصة في قضية سوريا، والصين لا تسعى لحماية أي طرف بما في ذلك حكومة سوريا". وحث ون جميع الأطراف في سوريا على وقف الهجمات على المدنيين، وقال إن الصين تحترم المطالب المعقولة للشعب السوري من أجل التغيير. وفي وقت سابق، عرض تشانغ مينغ مساعد وزير الخارجية الصيني اليوم الأربعاء تقديم مساعدات إنسانية لسوريا تبلغ قيمتها مليوني دولار من خلال الصليب الأحمر، في لفتة جديدة لإصلاح العلاقات مع العالم العربي. وأوفدت الصين من جهتها مبعوثا إلى الشرق الأوسط ليشرح وجهة نظرها. وتحدث موفدها شان مينغ من القاهرة عن اتفاق مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الثلاثاء على مبادرة صينية من ست نقاط لإنهاء الأزمة. من جانبه، قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف أمس إن دمشق لن توقف القتال وتنسحب من مواقع ما لم تفعل المعارضة الشيء نفسه، لأن الانسحاب الأحادي "غير واقعي البتة". يأتي ذلك في وقت بدأ فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون أمس محادثات في الولاياتالمتحدة بشأن الأزمة في سوريا، وقال من هناك إن "أقصر طريق لإنهاء العنف عملية انتقالية يغادر بموجبها الأسد السلطة، بدل ثورة من القاعدة" وجاء ذلك قبل لقاء مقرر له مع الرئيس الأميركي باراك أوباما. الانتخابات تأتي بعد الاستفتاء على الدستور وفي سعيه لإيجاد حل سياسي للأزمة الدائرة في البلاد، أصدر الرئيس السوري بشارالأسد مرسوما يقضي بتحديد السابع من مايو موعدا لانتخاب أعضاء مجلس الشعب الجديد للدور التشريعي الأول لعام 2012 والتي حددت مهامه بموجب الدستور الجديد للبلاد. ونص المرسوم على تحديد عدد أعضاء مجلس الشعب المخصص لكل من قطاع العمال والفلاحين وباقي قطاع فئات الشعب في الدوائر الانتخابية المختلفة التي يصل عددها إلى 15 دائرة، حيث يصل عدد الأعضاء في تلك الدوائر إلى 250 عضو، بينهم 127 من العمال والفلاحين و123 من باقي فئات الشعب. وهذه أول انتخابات برلمانية تجري في سوريا بعد الاستفتاء على الدستور الجديد يوم 26 فبراير، وأصبح هذا الدستور نافذا بموجب مرسوم رئاسي اعتبارا من 27 فبراير. وأصدر الرئيس السوري مطلع أغسطس 2011 مرسوما تشريعيا خاصا حول تأسيس الأحزاب وتنظيم عملها، ومرسوما تشريعيا آخر حول قانون الانتخابات العامة.