وصفت تقارير صحافية عبد الله السنوسي مدير المخابرات الليبي المعتقل في موريتانيا، بأنه "الصندوق الأسود" لنظام معمر القذافي.واعتبرت تلك التقارير أن إلقاء القبض على السنوسي بعد أشهر من الاختفاء لا يشكّل ضربة لفلول النظام السابق فحسب، بل إن السنوسي الذي كان رئيس استخبارات القذافي يعتبر مستودع أسرار بالغة الحساسية بحكم منصبه وقربه من القذافي، وأن ما لديه من أسرار يمكن أن يحرج بريطانيا ودولاً أخرى معها. ونقلت صحيفة الغارديان عن مصطفى جهيمة من سكان طرابلس قوله: إن السنوسي هو "الصندوق الأسود" لنظام القذافي ويكتنز الكثير من المعلومات، وأضاف جهيمة أن يد السنوسي "ملطخة بالدماء ويجب استجلابه إلى هنا ومحاكمته في ليبيا". ومن الجائز أن يحوي "الصندوق الأسود" معلومات محرجة وضارة بسمعة حكومات غربية، فلعل السنوسي أحد القلائل الذين يستطيعون أن يلقوا الضوء على ما كانت بريطانيا والولايات المتحدة تعرفانه عن نقل المعتقلين إلى سجون ليبية وتعرضهم إلى التعذيب فيها. وكانت وثائق استخباراتية قد كُشفت، العام الماضي، أماطت اللثام عن تورط جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني "إم آي 6" ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" في مخطط أدى إلى اعتقال المعارض الليبي السابق عبد الحكيم بلحاج وتعذيبه. وتقول البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي نُشرت على موقع ويكيليكس: إن السنوسي رجل ثقة تولى إجراء "العديد من الترتيبات الطبية" للقذافي، كما كان مستشارًا مقربًا من سيف الإسلام نجل القذافي. ورغم أن السنوسي كان بلطجيا مكروهًا كان يعذب المعتقلين بنفسه، فإنه تحول إلى خبير في الدعاية والعلاقات العامة أيضًا بعد تخلي القذافي عن برنامجه النووي ونبذه الإرهاب في عام 2003. وتولى السنوسي الاتصال بأكاديميين غربيين متنفذين عام 2006 لإعادة تسويق صورة القذافي وترويج "ليبيا الجديدة" في عهده. ولكن لائحة الاتهام الصادرة بحق السنوسي طويلة، ففي الثمانينيات ترأس جهاز الاستخبارات الخارجية وهو الذي جند عبد الباسط المقرحي الذي أُدين في حادثة تفجير طائرة بان إم الأميركية فوق قرية لوكربي الأسكتلندية عام 1988 ومقتل 270 شخصًا في الهجوم، وينتمي الاثنان إلى قبيلة المقارحة القوية في ليبيا. كما اتُهم السنوسي بتدبير عملية تفجير طائرة ركاب فرنسية فوق النيجر عام 1989 ومقتل 170 شخصًا في هذا الهجوم بينهم 54 مواطنًا فرنسيا، وكان أحد الذين أدانهم القضاء الفرنسي غيابيا في القضية، وتقول فرنسا: إنها قامت بدور في إلقاء القبض عليه في موريتانيا وستطلب تسليمه إليها. وفي ليبيا نفسها، اكتسب السنوسي صيتًا سيئًا بكونه منفذ مشيئة القذافي حين ترأس جهاز الأمن الداخلي خلال حملة النظام الوحشية لتطهير خصومه في أوائل الثمانينيات. ويقول كثيرون: إن السنوسي مسؤول عن المجزرة التي قُتل فيها نحو 1200 معتقل من نزلاء سجن أبو سليم في طرابلس عام 1996، وأمر على ما يُفترض الحراس الذين انتشروا على سطح السجن بحصد السجناء المتجمعين في الساحة إثر مطالبتهم بتحسين ظروف سجنهم. وقالت المحكمة الجنائية الدولية: إن السنوسي مسؤول عن مقتل 13 متظاهرًا في بنغازي عام 2006. وبعد اندلاع الانتفاضة ضد القذافي في بنغازي العام الماضي، أفادت تقارير بأن السنوسي قام بدور حاسم في محاولة سحقها وتجنيد مرتزقة أجانب لدعم النظام. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي العام الماضي قرار اتهام بحق السنوسي مع القذافي وسيف الإسلام لارتكاب جرائم حرب، مشيرة إلى استهداف المدنيين في المناطق الثائرة على القذافي بهجمات مسلحة.